التشبيح يطال كلية الاقتصاد!!

أصدرت إدارة كلية الاقتصاد قرارها الجريء جداً ذا الرقم 1577/5 بتاريخ 15/4/2008، المتعلق بمادة «مبادئ التأمين» للسنة الثالثة/مصارف وتأمين، قاطعة الطريق أمام جميع التخمينات والتكهنات حول مصير طلاب هذه السنة.. وقد نصّ القرار على أن معدل النجاح في مادة مبادئ التأمين قد بلغ صفر بالمئة فقط لا غير! وعلى اعتبارها مادة إدارية لطلاب العام الدراسي 2007/2008.. وللتنويه فإن المادة المذكورة هي من المواد البسيطة السهلة، وقد حقق النجاح فيها، في السنين الماضية، نسباً عالية، وتعتبر من المواد المساعدة التي ترفع معدل الطلاب.

جدير بالذكر هنا أن المقرر مأخوذ من المناهج المصرية، ودون أدنى تعديل، وأثناء دراسة المادة يصطدم الطلاب بالعديد من الفقرات من القانون المصري للتأمين، كما هو شأن العديد من المقررات في فرع المصارف، هي مقررات من المنهاج المصري، وعند التساؤل عن مبرر لذلك لا نجد جواباً. فهل يمكن أن يكون التوجه الاقتصادي للفريق الحكومي قد اتخذ من مصر نموذجاً معيارياً؟ مصر المجاعة ومساكن الصفيح وانتفاضات الخبز؟! ونشير هنا إلى أن معظم هذه المقررات لم يتم تنقيحها، وهو الحد الأدنى المطلوب، إذ تجد التكرار والحشو وتداخل الفقرات وتكرار العناوين، وإن بعض هذه المقررات مكتوب منذ ما يزيد عن عشرين عاماً!! فهل يعجز باحثونا في قسم المصارف، عن تأليف كتاب عن «مبادئ» التأمين؟.

المشكلة في كلية الاقتصاد ليست مستقلة وقائمة بحد ذاتها، وإنما هي ناتجة عن المشكلة في نظام التعليم في الجامعات السورية، كون المعالجات تتناول سطح المشكلة وحسب، ولا تتعدى بضع إجراءات «من فوق لفوق»، كتغييرات إدارية تطال الأشخاص، ولا تطال الأساليب الإدارية بحد ذاتها. وتغييرات شكلية أخرى مثل رفع معدل النجاح لـ 60 % من أجل رفع السوية العلمية لجامعة دمشق دون أن تقوم الإدارة بتوفير المقدمات الضرورية لرفع سوية الطلاب العلمية، الأمر الذي ينعكس سلباً على سوية الجامعة، مثل عدم توفير مدرجات (في كلية الاقتصاد وغيرها) تستوعب عدد الطلاب، إلى آلية القبول في الجامعة، إلى تطوير المناهج وتطوير الاختصاصات المفصلية كالاقتصاد، فإذا لم تطَل الإصلاحات أساسَ النظام التعليمي الذي انتشر فيه الفساد بأشكال مختلفة، فسينطبق على الإصلاحيين الجدد المثل الشعبي: «إجا ليكحلها قام عماها».

قبل العام 2000م. كانت المناهج الاقتصادية في جامعاتنا ذات طابع أميل للاشتراكية، ولكن عندما وصل الليبراليون الجدد، ليقودوا دفة التوجه الاقتصادي في البلد، وتبنيهم لاقتصاد السوق الاجتماعي كاسم حركي لاقتصاد السوق الليبرالي، نرى أن المناهج أصبحت تتحول باتجاه الليبرالي، فما الذي جرى؟ هل حدثت قفزة في العلوم الاقتصادية أدت لهذا التحول، أم أنَّ العامل الذاتي السياسي تدخل ليشوه علمية المناهج في هذا الاختصاص؟.

وبالعودة إلى الـصفر بالمئة، لابد من سؤال بريء تشوبه السذاجة: الحق على من؟!

هل سيستمر التشبيح على طلاب جامعة دمشق المساكين «المقطوعين من شجرة» بعد أن تخلى عنهم اتحاد الطلبة العتيد! أم سنشهد فصولاً جديدة من هذا التشبيح أكثر سفوراً؟ وهل من رقيب سيقتص للطلاب من الشبيحة بحلتهم الجديدة؟. طلاب جامعة دمشق ينتظرون الإنصاف!!