لقطة من سورية

تقف سيارة حكومية في منتصف الطريق الضيق في قلب العاصمة، يترجل منها السائق الشاب الأنيق المفتول العضلات، يخلع نظارته السوداء، ويكلم صاحب مطعم على إحدى ضفتي الشارع بصوت واثق ومتعجرف:

«إي أبو محمود: مثل العادة، ثلاثة فراريج مشوية، وثلاثة بروستد، وخمسة سمك على الفحم، وعشرة صفيحة، ولا تنسى التوابل والمقبلات والذي منه».. تقاطعه بعض الأبواق الصادرة من الطابور الطويل الذي تزاحم خلفه.. يصرخ: «بس ولاه أنت ويّاه.. العمى شو دواب.. شو صار يعني؟ خربت الدنيا؟!» .. ثم يكمل حديثه مع المطعمجي: «وينك.. أهم شي يكون كل شي مستوي ومنهنه نهنهة.. واهتم لي مليح بالبهارات والسلطات.. لا تسود لي وجهي مع المعلم وضيوفو هاه!» ..

يلقي نظرة استخفاف وتحدّ باتجاه السيارات المتراصة وراء سيارته السوداء .. يرتدي نظارته، ثم يجلس خلف المقود ويقلع بسرعة انفجارية كبيرة، فيعود الرتل إلى السير بطيئاً بطيئاً.. وتستمر الحياة كأن شيئاً لم يكن ..