«قطينة» جنة ميتة بانتظار الخلاص من التلوث

مضت أكثر من عشر سنوات، والوعود بخلاص أهالي قطينة من التلوث مازالت مجرد كلام، ومعمل الأسمدة الآزوتية في قرية قطينة بمحافظة حمص مازال قائماً، ينفث سمومه في الهواء، دون أن تحد الاحتياطات الفردية من تزايد خطره ومخلفاته. فالوعود التي ترددت على مسامع أهالي قرية قطينة خلال عشر سنوات تحدثت عن عملية نقل معدات وتجهيزات هذا المعمل إلى منطقة أخرى غير آهلة بالسكان، بعد أن لمسوا معاناة الأهالي من الأضرار الكارثية التي لحقت بهم، نتيجة للغازات السامة التي تطلقها مداخنه في الهواء. لكن هذه الوعود مازالت حبراً على الورق، وآلية التنفيذ تشبه حال الأهالي، ترقب وانتظار، يتخلله قلق من جراء أعمال الصيانة والإصلاح الكثيرة ضمن منشآت هذا المعمل، التي لا تدل على أية نيّة لدى المسؤولين في نقل هذه المنشآت في وقت قريب، مع أنه عندما يجوب المرء هذه المنطقة المتضررة منذ أكثر من ثلاثة عقود، سيلاحظ الأضرار الكثيرة التي لحقت بها وأصابت القاطنين فيها والتي يجب أن تأخذ بالحسبان على وجه السرعة.

فهل من المفترض أن ينتظر سكان هذه المنطقة سنوات أخرى طويلة حتى يتخلصوا من الهلع من الأمراض الخطيرة الناتجة عن ملوثات هذا المعمل؟ إن نسبة الوفيات مرتفعة في هذه المنطقة مقارنةً بغيرها، ومعظم الأطباء يؤكدون أن نسبة كبيرة منها تحدث بسبب السموم المنتشرة في سمائها، إضافة إلى الوضع الخطير لبحيرة قطينة التي تشوهت أسماكها، واضمحلت مياهها وأصبحت آسنة لأنها تحولت مكباً للنفايات. وهذه الحال السيئة لا تختلف كثيراً عند الحديث عن الثروة النباتية والأشجار، والتي تغير شكلها ولونها، ويبس معظمها بسبب ما تعانيه من تلوث في الماء والهواء.

هناك في قطينة من يتندر قائلاً إن الأشجار والنباتات قد طالتها (الجدبة)، وبدأت تطلق غاز ثنائي أكسيد الكربون ليل نهار بدلاً من الأكسجين لشدة الغازات الملوثة التي تنبعث من مداخن هذا المعمل بشكل مستمر ودون انقطاع.

كل هذه الأخطار ومازال الوضع البيئي السيئ قائماً، وما يزال أهالي قرية قطينة في انتظار الفرج. أما صرخاتهم المستغيثة فقد اختنقت في صدورهم، وأما آذانهم فقد ملَّت من الوعود النائمة بين المكاتب وفي الأدراج ولم تعد ترغب بسماع المزيد منها، أما قلوبهم وعقولهم فما تزال تغص بالعديد من التساؤلات الصامتة برعب عميق.. فهل يطول الانتظار إلى الأبد؟!