مشاكل التعليم العالي مفارقات واعترافات
إذا كانت الوزارة عازمة على توسيع تطبيق السنة التحضيرية؛ فما الداعي لاستمرار أسس القبول الجامعي وخاصة المفاضلات
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

مشاكل التعليم العالي مفارقات واعترافات

كثيرة كانت القضايا والمواضيع والمشاكل التي عرضها الطلاب الجامعيين على وزارة التعليم العالي خلال دورة مركزية أقامها الاتحاد الوطني لطلبة سورية على مدرج جامعة دمشق بتاريخ 5-6/10/2017.

خلل المفاصل الإدارية- نقص الكادر التدريسي- السكن الجامعي- البحث العلمي- أقساط الجامعات الخاصة- الترفع الإداري- التعليم المفتوح- الدراسات العليا- السنة التحضيرية- المعاهد التقنية، كانت بعضاً من العناوين المطروحة خلال اللقاء.
أرقام وأعباء
الوزير، حسب وسائل الإعلام، سرد عرضاً عن واقع التعليم العالي، وخطة عمل الوزارة، مستعرضاً بعض الأرقام، حيث أشار إلى أن عدد الطلاب المسجلين بالجامعات الحكومية والخاصة بلغ نحو 700 ألف طالب وطالبة، فيما بلغ عدد الخدمات التي قدمتها المشافي التعليمية الـ 14 خلال الأشهر الثمانية الماضية أكثر من 5 ملايين و690 ألف خدمة طبية أغلبها مجانية.
ومما لا شك فيه أن الأرقام أعلاه تشير إلى حجم الأعباء الملقاة على الوزارة والجامعات وكادراتها الإدارية والتدريسية.
اعترافات صريحة ومبطنة
لم ينف الوزير مشكلة النقص بالكادر التدريسي، الذي عزاها للحرب، مؤكداً أن الوزارة بصدد معالجة المشكلة من خلال تعيين 1560 مدرساً جديداً، كما أنها بصدد الإعلان عن مسابقة جديدة وفق معايير وشروط دقيقة تراعي حاجة الكليات من التخصصات.
وحول الامتحان الوطني الموحد أشار إلى ارتباطه بتصنيف الجامعات السورية، ولم ينف التمسك به مع ضرورة تصويب مساره بحيث لا يكون حجر عثرة أمام الطالب، حيث قال: كل ما يشاع حول تصنيف الجامعات السورية هو محاولة لتشويه سمعتها، مشددا على أن الشهادات السورية ما زال معترفا بها في كل بلدان العالم، وأن الوزارة حريصة جداً على هذا الموضوع باتخاذ الإجراءات اللازمة ومنها الإبقاء على الامتحان الوطني الموحد وتطوير آليته وتصويب مساره بحيث لا يكون حجر عثرة أمام الطالب.
كما أشار معاون وزير التعليم العالي إلى بعض الاجراءات التي اتخذتها الوزارة بحق العديد من المدرسين أو المراقبين أو الطلاب المتلاعبين سواء بأسئلة الامتحانات أو تصحيح الأوراق أو تعيين الأوائل في الجامعات.
مفارقات وصدمات
تحدث الوزير عن استراتيجية عمل الوزارة على محور تطوير أسس القبول الجامعي، لكنه تحدث بالمقابل عن التوسع في تطبيق السنة التحضيرية، التي اعتبر بأنها أثبتت نجاحها في تحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب.
فإذا كانت الوزارة عازمة على توسيع تطبيق السنة التحضيرية؛ فما الداعي لاستمرار أسس القبول الجامعي وخاصة المفاضلات، التي تم الاعتماد عليها أصلاً على أرضية تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب؟.
والسؤال الأهم، لماذا لا يتم التنسيق عميقاً مع وزارة التربية على مستوى المخرجات التعليمية، التي تناسب مع سياسات القبول الجامعي، اعتباراً من المناهج مروراً بآليات التقويم والتقييم، وليس انتهاءً بآليات الامتحانات ونموذج العلامات المتبع؟ بدلاً من فرض المزيد من مفترقات الطرق على الطلاب!.
كما تحدث الوزير عن تطوير التعليم التقاني بما يتناسب مع متطلبات واحتياجات سوق العمل، بالمقابل فقد قال معاون وزير التعليم العالي أن سوق العمل الحقيقي في سورية غائب أو مشوه وهو ما يسبب عدم معرفة الوزارة لمدى احتياجات السوق من الخبرات وأنواعها!!.
ولا ندري بعد تباين التصريحين أعلاه كيف تقاس احتياجات سوق العمل، وتُقدر على أساسها أحجام الاستيعاب الجامعي، سواء في الكليات أو في المعاهد التقنية، بمختلف فروعها وتسمياتها واختصاصاتها؟.
ختاماً، ومن دون الحاجة للاستفاضة أكثر، يمكننا القول: بأن جميع ما طرح من قضايا ومشاكل وملاحظات، لا يمكن لها أن تحل جذرياً إلا عبر إعادة النظر بمجمل السياسة التعليمية المتبعة عموماً، وبكافة المراحل التعليمية، بعيداً عن نهج اللبرلة المعتمد حكومياً، مع آفاقه وآفاته التي ندفع ضريبتها على كافة المستويات.