الروتين والقرارات المرتجلة يرهقان طلاب الدراسات العليا

يبدأ طلاب الدراسات العليا في جامعة دمشق إعداد أطروحاتهم الجامعية لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراه، وهم يحملون حلم متابعة دراستهم الأكاديمية، لكن معاناتهم سرعان ما تبدأ بمجرد بدء إجراءات التسجيل، إذ يمكن أن تستغرق هذه الإجراءات ما يزيد عن ستة أشهر لطلاب لماجستير، وعاماً كاملاً لطلاب الدكتوراه في معظم الأحيان.

ثم، وباضطراد على النسق نفسه، يذهب نصف الوقت المخصص لهم في المعاملات والإجراءات الإدارية واجتماعات اللجان الجامعية التي لا أول لها ولا آخر، وعلى سبيل المثال، قد يستغرق تغيير عنوان الرسالة لسبب علمي ما يزيد عن أربعة أشهر.

وفوق كل هذا الهدر للوقت والجهد  والأعصاب، قد يصدر قرار من هذه الجهة أو تلك، لم يحدث ولو لمرة واحدة أن صب تنفيذه في مصلحة الطلاب..

وفي هذا الصدد، صدر مؤخراً قرار عن رئاسة جامعة دمشق ينص على أن هناك عشر درجات من أصل المائة درجة المخصصة لعلامة بحث الماجستير، لا تمنح إلا للطالب الذي نشر بحثين، خمس درجات لكل بحث، في مجلة متخصصة داخل القطر، وأخرى خارجه، وبالتالي فإن الطالب الذي لا يقوم بذلك سيخسر الدرجات العشر المخصصة لهما سلفاً، بصرف النظر عن مضمون أطروحته الجامعية ومدى جودتها، واعتبر هذا القرار ذو المفعول الرجعي ساري المفعول على كل الطلاب الذين تحدد جلسات المناقشة العلنية لأطروحاتهم بعد 1/2/201،  أي أن هناك ظلماً فادحاً وقع بحق عدد لا بأس به من الطلاب الجاهزين للمناقشة، والذين ينتظرون الإجراءات المعقدة لتحديد موعد المناقشة. فقد وقع هؤلاء بين خيارين، إما التقدم للمناقشة مع خسارة عشر درجات سلفاً بدون أي ذنب أو خطأ ارتكبوه، أو تأجيل المناقشة لمدة قد تطول بهدف نشر بحثين أحدهما داخل القطر والآخر خارجه مع ما يتطلبه ذلك من جهود وشبكة علاقات وإجراءات طويلة ومعقدة.

لا شك أن إصدار هذا القرار له إيجابيات كثيرة، خصوصاً على مستوى أداء الطالب وثقته بإمكاناته، وتمكنه من التبحر النظري - الإبداعي في اختصاصه، كما أنه يدل على رغبة لدى رئاسة جامعة دمشق في زيادة عدد الأبحاث المنشورة لطلابها، وهذا مؤشر جيد، ولكنه يشير في الوقت عينه إلى عقلية قاصرة، لا تدرس نتائج القرارات بشكل موضوعي وشمولي قبل إصدارها وتطبيقها والشرائح التي تطولهم، وبالتالي فإن أي تفصيل غير مدروس، وخصوصاً في المثال الذي بين أيدينا، سيلحق ظلماً فادحاً بعدد لا بأس به من الطلاب.