قدسيا «مدينة أشباح»!

بعد أن كانت بلدة قدسيا من المناطق الآمنة التي تغص بعدد كبير من السكان القاطنين فيها، لكونها مركزاً حيوياً من الناحية العمرانية والاقتصادية والتعليمية، أصبحت الآن «بلدة الأشباح»

فالواقع الأمني سيئ جداً، إذ انتشرت الفوضى والسرقات، ونهب البيوت والمحلات التجارية بشكل كبير، وخاصة البيوت المفتوحة من جانب رجال الأمن أثناء  المداهمات، والتي لم يستطع أصحابها الوصول إليها لإغلاقها، نتيجة رحيلهم خارج البلدة أو لمنعهم من العودة اليها لاحقا، أما الواقع الخدمي ليس بحال أفضل، فالبنى التحتية الخدمية شبه معدومة، إذ أن الكهرباء غير متوفرة بمعظم المناطق، بالرغم من محاولة شركة الكهرباء إعادة التيار لبعض المناطق، والتي بقيت دون كهرباء لمدة تزيد عن اثني عشر يوماً, كما أن معظم محولات المكيفات التي كانت بجانب الجامع الرئيسي قد دمرت بالقصف العشوائي على البلدة..

ولم يتأذَ مقسم الهاتف أبداً، لأنه يغذي منطقة مساكن الحرس، ولكن الأبنية التي تضررت من القصف تضرر معها أيضا علب الهاتف والكابلات المؤدية إليها، أما بالنسبة للمياه، فإنها موجودة فقط في الأماكن غير المتضررة، وبما أن الأماكن غير المتضررة نادرة في قدسيا، فإن المياه نادرة ايضاً.

كما أن النزوح من المنطقة  لا يزال مستمراً حتى الآن، وذلك لانعدام كل وسائل العيش في هذه البلدة، وبالرغم من توقف القصف عليها إلا أنها تعتبر من المناطق المنكوبة، لأنها دمرت اقتصاديا بالكامل، وخاصة المحلات التي كانت تعتمد البلدة عليها، كما تضررت معظم الأبنية السكنية فيها، إذ تقدر خسائر هذه البلدة بمايقارب مليار ليرة سورية، وحتى الأموات لم يستثنيهم القصف العشوائي، فمقبرة قدسيا الرئيسية أصيبت بأضرار كبيرة تصعب صيانتها وترميمها بالوقت الحالي، بالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بمبنى البلدية وبالمحكمة، والتي يصعب الآن إعادة ترميمها نتيجة عدم وجود الميزانية، ولعدم وجود أيدي عاملة . بالإضافة لما سبق ذكره، تبقى مصيبة الأزمة الحالية، بالاضرار في الممتلكات الشخصية الخاصة (البيوت، المحال، التجارية، السيارات)، والتي لا يمكن لأصحابها بالوقت الراهن تعويضها نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ، وانعدام السيولة النقدية بيد العائلات المهجرة والمتضررة..