الحواجز وما أدراك ما الحواجز..!؟

مهما تحدثنا عن الحواجز.. ومهما كررنا الحديث، فلا نستطيع أن ننقل معاناة المواطنين والوقائع التي تحدث يومياً وتشكل هاجساً دائماً لهم..

والحواجز لا تقتصر على أجهزة الأمن واللجان الشعبية وكما يسميها المواطنون الشبيحة من جهة، وإنما من جهةٍ أخرى حواجز المسلحين وقوى العنف والظلام.. وإن اختلفت النسب هنا أو هناك ..وبين النارين يقبع المواطن المقهور لا حول له ولا قوة، أو كما يقول المثل الشعبي: بين حانا ومانا ضاعت لِحانا.. حيث يتقاسم الطرفان مناطق النفوذ، وتتقاسم الأجهزة والمجموعات في كل طرف الشوارع والأحياء.. وعندما يختفي مواطن لا يعرف أفراد أسرته أين يجدونه، أهو مخطوفٌ أو معتقل ولدى أية جهة..؟ ولا تتضح الأمور إلاّ بعد فترةٍ طويلة عندما تُطلب فدية.. أو يضطرون لدفع رشوة.. ،ويحدث أن يجدونه جثة هامدة مشوهة من التعذيب دون معرفة الطرف الجاني.

 وفي ظل الأزمة الحالية تجد العجب العجاب، لن نتحدث عن الانتظار الطويل وغيره، لكننا سننقل ثلاثة نماذج:

* حاجز اللجان الشعبية في بداية جرمانا: حيث أوقف مواطن سائق تكسي يوم الأربعاء وطلبت منه هويته ودفتر السيارة ويبدو أنه تأخر قليلاً فألقاها عضو اللجان في وجهه وأنزله من السيارة ووضعه في صندوقها الخلفي لمدة نصف ساعة قبل أن يتركه وتمّ ذلك أمام أعين المواطنين دون أن يستطيعوا أن يحركوا ساكناً ..

* حاجز ساحة شمدين في حي ركن الدين: أيضاً تأخر طالب جامعي في إبراز دفتر خدمة العلم وتأجيله الدراسي بعد أن أبرز هويته الشخصية فتعرض للإهانة وأنزله عنصر من الحاجز بقسوة.. وآخر هويته مكسورة فطلب منه ضبط الشرطة وكأنه مجرمٌ.

* حاجزٌ للمسلحين قبل حلب بقليل: أنزل المسلح الملتحي طالبين جامعيين قادمين من دمشق لأنهما يريدان الالتحاق بالجامعة، وأراد منعهما من ذلك ثمّ تركهما يصعدان بصعوبة، وخاطب والدة طفلةٍ لا يتجاوز عمرها العاشرة مطالباً إياها بقسوة أن تُحجبها، كما أنّه نتف صليباً ذهبياً من رقبة شابة بقسوة لأنه يعتبره كفراً..

وإذا أردنا أن نعدد الممارسات الكثيرة نحتاج إلى صفحاتٍ فأغلب الحواجز الأمنية تقوم بإنزال الشباب من مواليد 1990 وما دون باعتبارهم خاضعين للخدمة الإلزامية حتى يثبتوا براءتهم بالتأجيل، ورغم أننا نعتبر خدمة العلم شرفاً وواجباً لكن طريقة معالجة الأمر بهذه الطريقة وبهذه الظروف يجب أن تتم بأسلوب قانوني يحافظ على قيمتها المعنوية.. كما أن اغلب حواجز المسلحين تقوم بإنزال كلّ عسكري وإجباره إما على الانشقاق والالتحاق بهم أو على الفرار من خدمة العلم دون النظر إلى تبعات ذلك عليه وعلى أسرته على الأقل والهدف من ذلك لا يحتاج إلى إيضاح..

وهنا نتساءل:

كيف تستطيع هذه الحواجز أن تنتبه لهويةٍ شابٍ مكسورة وحتى مشعورة - بغض النظر عن طريقة كسرها وهو شيء طبيعي لتركيبتها القاسية، وربما حدث ذلك بشكلٍ غير مقصود.. وربما متعمداً نتيجة جهل في الفترة السابقة، ويذهب نتيجتها إلى الاعتقال لمدة غير محدودة - ولا تنتبه لما يجري وكيف وصلت الأسلحة إلى المسلحين إلى أغلب مناطق الوطن..؟

أمّا بقية أشكال المعاناة الأخرى فتثير الرعب إذ ربما تكون نتيجتها الموت، أو على الأقل اتهامٌ بالخيانة من الطرفين..

إنّ هذه المعاناة مؤكد أن حلّها لن يكون من طرفٍ واحد، ولكنه ليس صعباً على الأقل من الجهات الرسمية، و إذا استمرت فإن آثارها ستكون مزيداً من الاحتقان والتوتر وكل ذلك ضدّ مصلحة وكرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كلّ اعتبار..