الوطن لا يتبرأ من أبنائه
سمير علي سمير علي

الوطن لا يتبرأ من أبنائه

أربعة أعوام على النزوح وما زالت عائلات وأسر تعيش في الخيام هنا وهناك في طرطوس، مع كل ماتعنيه تلك المعيشة من صعوبات ومعاناة، على مرأى ومشاهدة المسؤولين من مختلف الجهات المعنية، (المحافظة- وزارة الشؤون الاجتماعية- الهلال الأحمر- الجمعيات الأهلية- وغيرها).

800 أسرة دون مأوى
اعتباراً من الخيام المتواجدة في منطقة الكراجات القديمة والتي تضم أكثر من 125 أسرة، مروراً بخيام الكرنك التي فيها ما يزيد عن 200 أسرة، إلى مخيم الطلائع الذي يضم أكثر من 300 أسرة، إضافة إلى 150 أسرة أخرى جنوب المدينة في مخيم التعمير، وليس انتهاءً بالخيم المتناثرة على طريق الخريبات التي تضم ما يزيد عن 100 أسرة، أي ما يقارب 800 أسرة تعيش دون مأوى منذ أربعة أعوام وحتى الآن.
معاناة هذه الأسر لم تقف عند حدود النزوح وعدم تأمين المسكن اللائق ومتطلبات المعيشة اليومية وشظف العيش بظل محدودية فرص العمل، بل تعدتها إلى جملة من المشاكل والصعوبات الأخرى والتي لم تكن إحداها تكرار حوادث احتراق الخيام بين الفترة والأخرى، بهذا المكان أو ذاك، كما حدث في مخيم الكرنك لأكثر من مرة، إضافة إلى المعاناة الكبيرة التي تكابدها تلك الأسر خلال فصل الشتاء والبرد القارس وهم مقيمون أشبه بالعراء، مع ما يرافق ذلك من تدهور بالوضع الصحي لتلك الأسر، وانتشار للأمراض، ناهيك هن واقع التسرب من التعليم لأسباب اقتصادية معاشية أو لأسباب عدم الاستقرار، مع الإفرازات السلبية لتلك الحالة آنياً ومستقبلاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي العام.
غياب لدور الدولة
أربعة أعوام من النزوح والتشرد لهذه الأسر بظل غياب شبه تام لدور الدولة في الرعاية الاجتماعية عبر مؤسساتها الحكومية والأهلية، على الرغم من العديد من المناشدات والنداءات والطلبات التي تقدم بها هؤلاء النازحون، مع استجابات غير جدية وغير متناسبة مع حجم مأساتهم ومعاناتهم، والتي تراكمت وباتت مزمنة خلال هذه الفترة.
تضافر الجهود
الموضوع ليس مناشدة للضمائر المغيبة والمستترة، ولكن دعوة جدية لتضافر الجهود من أجل إيجاد حل جذري لمعاناة هؤلاء من قبل كل الجهات المعنية بهذا الشأن، وخاصة المحافظة ووزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أن أفراد هذه الأسر هم مواطنون سوريون وأبناء شرعيون لهذا الوطن، دفعتهم ظروف الحرب القاهرة أن يكونوا نازحين في وطنهم، ومن واجب الوطن تجاههم عبر مؤسساته الحكومية والأهلية أن يحفظ لهم العيش بكرامة، لا أن يتخوف منهم ويتحاشاهم ويغفل مشاكلهم وصعوباتهم، فالوطن لا يخشى ولا يتبرأ من أبنائه.