«مزارع» جرمانا السكان «غير ملحوظين» بعد..!

«مزارع» جرمانا السكان «غير ملحوظين» بعد..!

منذ ارتفاع منسوب العنف في الريف الدمشقي، شهدت حركة البناء السكني في حي المزارع بمدينة جرمانا تضخماً كبيراً، ارتفع على أثره أعداد القاطنين في الحي إلى حدود 10 أضعاف عما كان عليه سابقاً، حسب تقديرات محلية، غير أن لا جديد طرأ على البنية التحتية في الحي.

ما يقارب 10.000 مواطن، وما يزيد على 1500 أسرة، تقطن اليوم في حي المزارع الذي ازدادت فيه أعداد الأبنية السكنية بنسب ضخمة. غير أن هذا الارتفاع الهائل في أعداد القاطنين، لم يدفع المعنيين في إدارة شؤون ريف دمشق إلى إدراج المناطق المأهولة الجديدة ضمن المخطط التنظيمي لبلدية جرمانا.

الجدول ممتلئ:  انتظروا «وقتاً لاحقاً»..!

«الحي غير ملحوظ»، هذا ما قوبل به بعض سكان «المزارع» لدى مراجعتهم للمعنيين في محافظة ريف دمشق. وعبارة «غير ملحوظ» هنا تعني- حسب ما سمع المراجعون- أن الحي غير مدرج حتى الآن على المخطط التنظيمي الذي تطاله الخدمات العامة المعنية بها محافظة ريف دمشق..!

في الوقت عينه، يعيش أهالي المزارع «غير الملحوظين» في ظل نقص شديد في الخدمات العامة، بدءاً من مشاكل الصرف الصحي، وصولاً إلى بقاء الشوارع والجادات غير معبدة حتى الآن، مروراً بعدم انتظام تغذية الشبكات بالمياه، والانقطاعات الطويلة في الكهرباء نتيجة عدم قدرة الشبكة في الحي على استيعاب التوسع العمراني المتزايد، بالإضافة إلى تراكم النفايات بنحو بات ضاراً على الصحة العامة في الحي، وغياب الخدمات الهاتفية وغيرها من المشاكل المستعصية في الحي منذ بداية الأزمة. 

في مقابل هذه المعاناة، عمد بعض أهالي الحي إلى تجميع قواهم. العديد من الجلسات التي جرت في الحي لمناقشة وضعه وتفاقم الأزمات فيه، خلصت إلى صياغة عريضة مطلبية من أربعة بنود، شملت معظم مشاكل الحي، بالإضافة إلى الحلول المقترحة الممكن تنفيذها، بهدف مناقشتها مع المعنيين في الموضوع في محافظة ريف دمشق.

ووفقاً لذلك، جرى تشكيل وفد من أهالي حي المزارع للتواصل مع محافظ ريف دمشق. غير أنه، وبعد مراجعات متتالية إلى مكتب المحافظ بهدف تنظيم موعد معه، تبين أن جدول أعماله ممتلئ، وأن «وقته لا يسمح حالياً»، مع إمكانية تنظيم موعد «في وقت لاحق».

الوفد يطلب اختصار المطالب..

أثيرت القضية في الحي على أكثر من جهة. ما أدى في 24/11/2015 إلى وصول وفد من المكتب التنفيذي للمحافظة. ولما «استكشف» أحد أعضاء المكتب التنفيذي الوضع المزري في الحي، اقترح على أهالي المزارع: «عملوا عريضة عليها كم توقيع، وأنا بوصلها للمحافظ». غير أنه، وبعد قيام الأهالي بإظهار العريضة آنفة الذكر، والمذيلة بتوقيع ما يزيد عن 500 شخص، رفض عضو المكتب استلامها، طالباً من الأهالي اختصار البنود الأربعة الموجودة فيها. كظم أهالي الحي غيظهم، وقاموا باختصار بنود العريضة وقصرها على المشكلة الأبرز في الحي، وهي مشكلة الشارع الرئيسي في الحي غير المعبد «وغير الصالح لمرور الماشية»، حسب توصيف أحد السكان، ورغم اختصار العريضة، «تهرب الوفد منها، ولم يجر نقلها لأحد» يقول أحد قاطني الحي.

إثر هذه الزيارة، جرى استقدام «تراكسات» لترحيل النفايات المتراكمة في الحي، مع وعد من قبل الوفد بترحيلها باستمرار. كما تم، حسب الاتفاق مع رئيس البلدية، تامر قسام، تشكيل لجنة من قبل أهالي الحي، لمتابعة الوعود التي أعطاها المكتب التنفيذي لبلدية جرمانا وأهالي الحي. 

«قاسيون» تتابع

في حديث مع «قاسيون»، أكد رئيس بلدية جرمانا، تامر قسام، أن منطقة (المزارع) هي «خارج المخطط التنظيمي»، ما يعني أنه «لا يمكن لبلدية جرمانا، ولا يحق لها، أن تقوم بعمليات التعبيد والتزفيت مثلاً، فالمعني بهذا الموضوع هي الخدمات الفنية، لأنها هي الملزمة بكل المناطق الواقعة خارج التنظيم».

ولدى سؤالنا له عن دور بلدية جرمانا في حل المشاكل المستعصية في الأحياء الواقعة ضمن نطاق صلاحياتها، بغض النظر عن «الوضع القانوني» لهذه الأحياء، كشف قسام أن مجلس البلدية مؤخراً «اتخذ قراراً باعتبار هذه المنطقة منطقة مخالفات جماعية، كي نستطيع تخديمها. وأرسلنا هذا القرار إلى كل الجهات المعنية، بما فيها وحدة المياه وشركة الكهرباء والهاتف»، مؤكداً: «أجرينا دراسة فنية للصرف الصحي وللتعبيد والتزفيت، وأرسلت إلى الخدمات الفنية كي يجري التصديق عليها، تمهيداً لتخديم المنطقة».

«ضقنا ذرعاً بالحجج المكرورة»

خلال تغطيتها للوضع الخدمي في الحي، التقت «قاسيون» بالعديد من سكان «المزارع» الذين أكدوا أن المشاكل العميقة التي يعانيها الحي «ليست بنت اليوم». فخلال السنوات الثلاث الماضية، «أرسلنا عدة وفود، ونظمنا عدداً كبيراً من شكاوى الكهرباء والمياه والصرف الصحي والهاتف، وفي كل مرة كان التسويف والروتين هو سيد الموقف»، يقول أحد أصحاب المحال التجارية في حديثه مع «قاسيون»، وعقب: «ما بين محافظة ريف دمشق، وبلدية جرمانا، وشركات الكهرباء والمياه والهاتف، تضيع حقوقنا في التفاصيل الإدارية والتقنية التي يجري إقحامنا فيها».

بدوره يلفت أحد المواطنين: «ضقنا ذرعاً بالحجج التي يكررها على مسامعنا هؤلاء المسؤولون. من واجب الدولة أن تهتم بالحي، ووظيفتها هي أن تتكيف مع المشكلات التي يعاني منها، فليس معقولاً أن يأتي إلينا أحدهم ليقول لنا إن عدد السكان ارتفع، وعليكم أنتم أن تتأقلموا مع هذا الظرف»..!