تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
دراما اللجوء السوري... السوريون أكثر من الأفغان..

دراما اللجوء السوري... السوريون أكثر من الأفغان..

بأحرف صغيرة ولغة أجنبية كتبت أسماؤهم، فغابت ضحكاتهم وتلاشت ملامحهم، ألمهم وفرحهم.. وباتوا مجرد أرقام جديدة في سجلات المهاجرين الذين سقطوا على شواطئ الحلم، أوربا. وبعد خمس سنوات من الحرب والدمار والقتل، لم يتبق أمام مئات آلاف السوريين الذين خسروا أهاليهم ومنازلهم وأشغالهم. سوى الهروب إلى أماكن يعتبرونها آمنة.

الخروج في البداية كان إلى المناطق الداخلية الآمنة في سورية، ثم إلى دول الجوار، التي ذاق فيها السوريين أصناف العذاب والذل. لكن هل ستكون الدول الأوربية أرحم بالسوريين؟!.


أوربا الحلم 

أوربا المتقدمة المتطورة الآمنة. هي حلم المهاجرين من الدول الفقيرة والطامحين لحياة أفضل، لكن طريق الوصول إلى تلك القارة سيكلف مبالغ ليست بقليلة وأحيانا أرواح أولائك المهاجرين.
تكلفة  رحلة اللجوء عبر طرق التهريب التقليدية تتراوح بين 5000 دولار و8000 دولار. فالتكلفة ترتفع وتنخفض حسب طرق النقل ووسائطها.


من الموت إلى موت

أقل ما يكمن أن يطلقه من خاض رحلة الهروب إلى أوربا، تسمية هذه الرحلة هي رحلة الموت. فأنت إذا أردت السفر عبر الجزائر وليبيا ومن ثم إلى اليونان سيتوجب عليك قطع صحراء كبيرة، والهروب من قطاع الطرق، ومن ثم الإبحار لمدة تتجاوز العشر ساعات، دون أن تتمكن من تناول الطعام أو حتى قضاء حاجتك. هذا كله وأنت لم تبدأ بعد التنقل بين المهربين، داخل دول الاتحاد الأوربي. طبعاً السفر عبر تركيا لن يكون أرحم، لكنك قد تخفض احتمالات الموت.


سماسرة من أبناء جلدتنا

امتهن عدد من الشباب السوري المقيم في تركيا، مهنة سمسرة التهريب إلى أوربا، وكل شخص يتعهد أبناء محافظته.
تقول أم رامز: بعنا منزلنا كي نؤمن لإبننا تكاليف الرحلة إلى ألمانيا، وأثناء بحثنا عن أناس سافروا إلى أوربا ووصلوا بخير. تعرفنا على شاب من أبناء منطقتنا وهو يعمل على تهريب الشباب من تركيا إلى اليونان، فطمأن قلبنا وسافر ابني إلى المنطقة التي يقيم فيها هذا الشاب، الذي استقبله وأسكنه في سكن شبابي، وفي اليوم الموعود للسفر وضع ابني مع عدد آخر من الشبان في قارب خشبي، لأنه أكثر أمنا من القوارب المطاطية، وتكلفته أعلى، وتم تشغيل القارب وإغلاق الباب عليهم من أجل السفر. وبعد أكثر من خمس ساعات كسر ابني ورفاقه باب القارب خوفا من الاختناق ليكتشفوا أنهم لم يغادروا الميناء التركي وأن الشاب قام بسرقة متاعهم وأموالهم. وعندما حاولوا الاتصال به لم يجب على اتصالاتهم. وطبعا لا يمكن التقدم بأية شكوى للسلطات هناك، لأنهم يعتبرون مخالفين لقوانين الدولة التركية. وابني اليوم يعمل في تركيا بأعمال ترحيل الهدم ونقل مواد البناء على أمل جمع تكلفة الرحلة إلى أوربا.
تتراوح تكلفة نقل الشخص الواحد من تركيا إلى اليونان بين 600 دولار و1000 دولار، وذلك حسب نوعية القارب الذي سينقلهم وعدد الأشخاص الذين سيتواجدون على متنه.
تعرض عدد كبير من السوريين لعمليات نصب واحتيال، سواء في تركيا أو اليونان، أو غيرها من البلدان، دون تلقيهم أي حماية. لكن عدداً كبيراً منهم يرفض الدفع للمهرب إلا عند الوصول إلى الوجهة المطلوبة.


البصمة

لا تمل أم سامر من تفقد صورة يد ابنها الملفوفة بالشاش. وتقول: أحرق سامر أصابع يده كي لا يبصم في اليونان أو غيرها من البلدان، فهو يريد الوصول إلى ألمانيا. وتتابع ابني خريج كلية الاقتصاد لم يجد عملاً لائقاً كما أنه تعرض للاعتقال أكثر من مرة بحجة تشابه الأسماء. لذلك قرر السفر خارج البلاد فبعت مصاغي الذهبي، وجمعنا له بعض النقود من الأقارب، كي نؤمن تكلفة الرحلة. وعندما وصل إلى اليونان حاولت السلطات اليونانية الضغط عليه كي يضع بصمته في اليونان، لكنه رفض وأضرب عن الطعام، ومن ثم قام بحرق أصابع يده كي لا تجد السلطات اليونانية بصمة له، وبالتالي تخلي سبيله ليتابع طريقه نحو ألمانيا وبالفعل هكذا تمت الأمور.
يحاول المهاجرون عدم وضعهم بصمتهم في دول مثل اليونان أو صربيا أو هنغاريا، فهذه الدول فقيرة ولن تقدم للمهاجرين أي مساعدة تذكر، بل أن هذه الدول تطالب الدول الأغنى لمساعدتها على الحد من أعداد المهاجرين، وإلا ستكون هذه الدول مناطق عبور للمهاجرين غير الشرعيين إلى الدول الغنية.


لم الشمل

تنتظر سلمى منذ سنة ونصف، قرار المحكمة في فرنسا للنظر بحالتها ولم شملها مع زوجها، الذي سافر بعد أن فقد منزله، وتوفي عدد كبير من أقاربه، ولم يعد لديه أي مورد للرزق. تقول سلمى: سافر زوجي وتركني مع ثلاثة أطفال. وتتابع في البداية  سافرنا إلى لبنان، على أمل أن تهدأ الحرب في منطقتنا، ونعود إلى قريتنا، لكن الأمور تطورت أكثر ولم يجد زوجي عملاً في لبنان والمعونة التي كنا نتلقاها لم تكن تكفي، فقرر السفر إلى أوربا بعد أن تبرع أهلي له بتكاليف الرحلة. على أمل أن يتم لم شملنا بعد مدة لا تتجاوز الستة أشهر، لكن الأمر طال أكثر مما كنا نتوقع . أنا لا أملك سوى الانتظار في منزل أهلي الذي عدت إليه مع أولادي بعد سفر زوجي.
عدد كبير من السوريين يسافر إلى أوربا، على أمل تأمين مستقبل تعليمي أفضل لأبنائهم . لذلك لجأت عدد من الأسر لسفر الأم بدلاً من الأب، لأن لم الشمل يكون أسرع. فيما لجأ عدد آخر إلى تسفير أطفالهم مع أحد أقاربهم المسافرين من أجل تسريع عملية لم الشمل. علماً أن تكلفة سفر الطفل هي تكلفة الشخص البالغ نفسها.
أم ربيع، سيدة سورية فقدت زوجها في الأحداث الجارية، وبقيت مع أطفالها الأربعة. تقول: أنا سيدة غير متعلمة وراتب زوجي التقاعدي لم يعد يكفينا، لذلك بعت منزلي ودفعت لابني الذي لم يبلغ الحادية عشر بعد، تكاليف رحلة السفر إلى ألمانيا، على أمل أن يحصل على معاملة خاصة هناك، ويقوم بلم شملنا في أسرع وقت. وتتابع كان أمراً صعباً جداً علي أن أرسل ابني برفقة عمه في رحلة مجهولة، لكننا لم نعد نعرف ما سيكون عليه مصيرنا إذا بقينا هنا. أنا أطمح إلى أن يحصل أبنائي على مكان آمن ومجال للدراسة، وهذا أمر مع الأسف غير متوفر في سورية حالياً ولا أعتقد أن الأزمة ستحل في القريب العاجل.
لم يكن حظ السوريين جميعهم جيداً في الوصول إلى البلدان التي كانوا يقصدونها، وبسبب موضوع البصمة فإن عدداً  كبيراً منهم تشتت شمله وبقوا كل في بلد، أمام خيارات عديدة أحلاها العودة إلى اليونان وبدء رحلة الهجرة من أولها.


الأولى على مستوى العالم

أعلنت الأمم المتحدة، في الشهر الأول من العام الحالي،أن عدد اللاجئين السوريين ارتفع بنحو 704 آلاف شخص في الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية، ليصبحوا أكبر مجموعة تتابعها المنظمة الدولية، محذرة من أسوأ أزمة لجوء تشهدها منذ سبعة عقود، مع توقعها بأن يصل عدد اللاجئين السوريين إلى 4.27 ملايين.
وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، في تقرير: إن اللاجئين السوريين باتوا أكبر مجموعة تتابعها المفوضية. وتوقعت المفوضية أن يصل عدد اللاجئين السوريين إلى 4.27 ملايين شخص بحلول الصيف الحالي، فيما يبلغ حالياً أكثر من ثلاثة ملايين.

قال رئيس المفوضية العليا أنطونيو غوتيريس: إن «الأزمات الكبرى في سورية والعراق وتكثف الأزمات الجديدة والقديمة التي لم تنته بعد، أنشأت أسوأ وضع نزوح في العالم منذ الحرب العالمية الثانية». وأضاف: أن العدد بلغ 50 مليوناً للمرة الأولى منذ 1945.
وأشار التقرير إلى أن السوريين أصبحوا للمرة الأولى أكبر مجموعة لاجئين ضمن عمل المفوضية، وتجاوزوا الأفغان الذين كانوا يحتلون هذه المرتبة منذ أكثر من 30 عاماً.