طلاب جامعة دمشق يعانون: (الهمك): النتائج الامتحانية متأخرة.. ونسب النجاح كارثية!

طلاب جامعة دمشق يعانون: (الهمك): النتائج الامتحانية متأخرة.. ونسب النجاح كارثية!

ورد إلى «قاسيون» كم كبير من الشكاوى من طلاب جامعة دمشق في مختلف الكليات والأقسام الواقعة ضمن التجمعات الجامعية في دمشق، تجمع الهمك وتجمع الآداب، بالإضافة إلى تجمع الكليات في البرامكة. وتمحورت الشكاوى حول مسائل أساسية في الحياة الجامعية تتعلق بسير العملية التعليمية وبجديتها وبقيمتها العلمية: كنسب النجاح المتدنية جداً في العديد من الأقسام، وتأخر صدور النتائج الامتحانية في الفصل الفائت، وقضايا أخرى متعلقة بالفوضى والفساد في مختلف الأقسام، ونظراً للكم الكبير للشكاوى الواردة ارتأت «قاسيون» نشرها على مرحلتين، بحيث تتناول في هذا العدد مشاكل تجمع الهمك، أما في العدد المقبل سيدور الحديث عن تجمع كليات البرامكة والآداب

مراسل قاسيون- دمشق

يعاني الطلاب في تجمع الهمك (كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية) الواقع على طريق المطار، في حي الصناعة، والذي يضم إضافة إلى الكلية المذكورة كلية الهندسة المعلوماتية، ومجموعة من المعاهد الهندسية، من إشكالات كبيرة تتعلق بنسب نجاح متدنية جداً، ومن تأخر صدور النتائج الامتحانية، وانقطاع التيار الكهربائي وشبكة الانترنت التي تعد ضرورية في المخابر والمواد المتعلقة بالهندسات عموماً، إضافة إلى مشكلة المواصلات في تلك المنطقة، النائية نسبياً عن مركز العاصمة، وغلاء تكاليفها على الطلاب، وسوء المعاملة الذي يتعرض له الطلاب من جانب بعض الموظفين والإداريين والذي يبرز كطابع قديم ومعروف لذلك التجمع من الكليات.


نسب نجاح كارثية

تبعث نسب النجاح في بعض المواد في كليتي الهمك والمعلوماتية على الصدمة عند الاطلاع عليها، ففضلاً عن كونها متدنية عموماً ويقارب وسطيها الـ30% في كل المواد، وفقاً لحسابات أجراها عدد من الطلبة في الكليتين المذكورتين وأطلعوا «قاسيون» عليها، تعكس نسب النجاح في بعض المواد واقعاً كارثياً: فقد نجح في مادة «خوارزميات وبنى معطيات»، في قسم هندسة الحواسيب للسنة الثانية، طالبان من أصل نحو 100 متقدم، أما في مادة «لغات البرمجة» (لغة الجافا) في الهندسة المعلوماتية للسنة الثالثة فقد نجح نحو 30 طالب من أصل 400 متقدم، وفي مادة «الالكترونيات الصناعية» في السنة الثالثة لقسم التصميم الميكانيكي نجح 15 طالباً من أصل نحو 250 متقدم، ولا يتسع المجال هنا لذكر بقية المواد التي تقارب نسب نجاحها الأرقام المذكورة سالفاً، والتي تحدث عنها طلبة من الهمك والمعلوماتية لـ«قاسيون».


أسباب ودلالات

يقول الطالب م. علي لـ«قاسيون»: «بات واقع أن طالب الهمك والمعلوماتية يبذل قصارى جهده في دراسته ولا يحصل على نتائج مرضية بتاتاً أمراً معروفاً للجميع، حتى غدا الدخول إلى الهمك مدعاة لشفقة الناس، ودلالة على البؤس والشقاء». ويشرح علي عن أسباب ذلك الواقع بأنه «خاضع لمزاجيات بعض الدكاترة، وفساد عدد قليل منهم، بالإضافة إلى تردّي الصلة العلمية والاجتماعية بين الطالب والهيئة التدريسية منذ سنوات»؛ فمثلاً «يحدث في الهمك أن يتوعد أحد الدكاترة طلابه برفع مستوى صعوبة الأسئلة نتيجة لإزعاج ما يكون قد تعرض له من بعض الطلاب، وفي هذه الحالة يكون ممكناً بالنسبة للدكتور أن ينفذ تهديده دون أي رادع». بينما يستعرض طالب آخر سبباً مختلفاً لتدني نسب النجاح: «بعض الدكاترة لديهم قناعة بأن الطالب ينبغي عليه أن يبحث بنحو مستمر خارج منهاجه، ويبالغون في هذا الأمر لدرجة أنهم يصيغون الأسئلة من حوالي مرجعين أجنبيين أو أكثر من خارج المنهاج»، في حين يفتقد الطلاب في الظروف الراهنة القدرة على البحث في المراجع الأجنبية لأسباب معروفة: «كانقطاع الكهرباء والوقت الكبير الذي يقضيه الطالب في المواصلات، والتكاليف الباهظة لهذه العملية.. الخ. وفي المحصلة يرسب الطلاب». أما عمادة الكلية، وبالرغم من احتجاجات الطلبة، فلا تراجع النظر في تصحيح المواد ذات نسب النجاح المتدنية، وذلك وفقاً للقوانين الجامعية التي تفرض مراجعة تصحيح كل مادة ينخفض فيها معدل النجاح عن الـ20%. وليس الأمر كذلك فقط، بل وقد بلغ الأمر عدم وضع نسبة النجاح في أوراق النتائج، وهو أيضاً أمر مخالف لقانون الجامعات.


«الطابعة معطلة»..!

الأنكى من ذلك، أن نتائج الفصل الأول تأخرت في الصدور حتى تاريخ 28- 4، وهو أمر كارثي بدوره، يقول أحد الطلاب لـ«قاسيون»: «لكون كلياتنا علمية، أي يوجد فيها مخابر، نحتاج إلى معرفة النتائج سريعاً، لأننا في حال رسبنا في إحدى المواد قد نحتاج إلى تقديم طلب لإعادة العملي في المادة، وللدوام في مخبرها، فكيف يمكننا أن نقوم بذلك دون معرفة نتائج المواد؟!». ولذلك لجأ بعض الطلاب إلى اعتبار أنفسهم راسبين، وتقديم طلب إعادة العملي والدوام إلى المخبر قبل صدور النتائج تحسباً لاحتمال رسوبهم، والمضحك في الأمر أن بعضهم تبين أنه ناجح بعد دوامه لشهرين في مخبر المادة. أما السبب «الوجيه» الذي قيل للطلاب عن تأخر صدور النتائج أن «الطابعة معطلة»..!


وللحديث بقية..

في كلية المعلوماتية، صدر قرار بعدم السماح للطلاب الذين حصلوا على أكثر من علامة 17 من 40 بإعادة العملي في السنة الدراسية التالية، وأوضحت عمادة الكلية أن السبب في ذلك هو اكتظاظ الطلاب، وهذا الأمر الأخير صحيح بحسب تقدير العديد من طلاب الهندسة المعلوماتية، إلا أن أحد الطلاب يشرح وجهة نظره لـ«قاسيون»: «من المستحيل أن ينجح الطالب الحاصل على علامة عملي 18 أو حتى 22، مثلاً، في مادته. والإدارة تطرح مشكلة الاكتظاظ، فلماذا لا تراقب الإدارة نسب النجاح المتدنية لمنع مشكلة الاكتظاظ. لماذا يمنعون الطلبة من النجاح إذا؟!». فالمصيبة تظهر أثناء تقديم الامتحانات، «يكون عدد الدفعة في أحد الأقسام نحو 100 طالب، وفي الامتحان يتقدّم نحو 400 طالب، أي أن 300 منهم هم حملة للمادة.. أليس هذا اكتظاظ»، يضيف الطالب.


المواصلات والانترنت

يشهد مدخل تجمع الهمك ازدحاماً كبيراً على الدوام، حيث يتجمهر معظم ساعات اليوم العشرات من الطلاب بانتظار قدوم ميكروباص ليقلهم. والعكس صحيح أيضاً، إذ يضطر الكثير من الطلاب إلى التأخر عن الدوام نتيجة الازدحام الكبير الذي تسببه الحواجز المحيطة بالمنطقة، الأمر الذي ينعكس سلباً على الدوام والحضور في داخل الكليتين. وبالإضافة إلى ذلك، شهد العام الدراسي الحالي غياباً لشبكة الانترنت في الكلية التي كانت متوفرة خلال الأعوام الماضية، والتي تعد ضرورية وتدخل في صلب الدراسة والعمل المخبري في الكليتين، وخصوصاً في المعلوماتية وقسم الحواسيب والأتمتة، ولم تقدم الإدارة أي تفسير في هذا الصدد، ولم تجد حلولاً لها.
لا شك في أن أسباباً موضوعية كثيرة تولد العديد من المشاكل في تجمع الهمك، إلا أن غالبية المشاكل يمكن أن تتوفر حلولها في حال قررت عمادة كليتي الهمك والمعلوماتية البحث الجاد عن تلك الحلول، وإنقاذ العملية التعليمية من الانحدار الذي يتأتى من ظروف الأزمة، ومن فساد وإهمال ومزاجيات البعض.

تشكل هذه المظاهر في الجامعات السورية، أحد تجليات واقع قطاع التعليم الجامعي ككل، الذي كانت سمته البارزة، الضعف في الاداء، وتدني مستوى مخرجاته، وعدم توفر البنية التحتية الكفيلة بالارتقاء بمستواه، والتخلف عن مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، وربطها بحاجات التنمية الوطنية، وتراجع كفاءة الجهاز الإداري والتدريسي، والقضم التدريجي لمبدأ ديمقراطية التعليم، وصولاً إلى تشميل هذا القطاع بالسياسات الليبرالية، وقطع أشواط على طريق خصخصة هذا القطاع. 

آخر تعديل على السبت, 09 أيار 2015 19:18