ملاحظات جادة حول الإصلاح الإداري
منير العبد الله منير العبد الله

ملاحظات جادة حول الإصلاح الإداري

ينظر القضاء الإداري في المنازعات بين «الإدارة» والآخرين، وهو مؤلف من «المحكمة الإدارية» و«محكمة القضاء الإداري» و«المحكمة الإدارية العليا».. وقليلة هي دول العالم التي يوجد فيها «قضاء إداري» خارج نطاق «القضاء العادي»، ومنها سورية ومصر وفرنسا، وهناك ملاحظات في هذا الخصوص لابد من أخذها بعين الاعتبار:

1) «القضاء الاستثنائي» علة يشكو منها أكثر الناس، والقضاء العادي يغني عنه تماماً، وقد ألغت الدولة قبل الآن «محكمة الأمن الاقتصادي» ثم ألغت «محكمة أمن الدولة» وخيراً فعلت. ومن «المأمول والمرغوب» والمفيد أن تلغي أيضاً «القضاء الإداري» وتحيل دعاواه إلى «القضاء العادي» الذي يضم «فروعاً» عديدة منها «المدني والتجاري ـ الشرعي ـ العقاري» فيضاف إليها فرع جديد هو «الفرع الإداري».

2) جاءت الإشارة إلى «القضاء الإداري» في المادة /138/ من الدستور، فهو «قضاء استثنائي» مستقل عن القضاء العادي وليس تابعاً لوزارة العدل ولا لمجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية وفقاً للمادة /132/ من الدستور. ولا «رقابة لأحد على أخطائه».

3) لا وجود في قانون مجلس الدولة لدعوى «مخاصمة القضاة» كما هي الحال في القضاء العادي الذي يقبل «مخاصمة القضاة». فإذا وجد «خطأ جسيماً» في القرار الغاه واصدر بدلاً عنه «قراراً صحيحاً» يحفظ حق المظلوم.

4) ولم يعد يقبل دعوى «إعادة المحاكمة» إذا ظهرت أدلة جديدة بعد صدور القرار، تثبت خطأه، رغم أنه كان يقبلها قبل عام 2010. إذ أصدرت الغرفة الثانية «العمالية» في المحكمة الإدارية العليا قراراً بردّ دعوى إعادة المحاكمة «شكلاً» خلافاً للعدالة والقانون، فلم يبق مجال لإنصاف اصحاب الحق، خلافاً لإرادة المشرع.

5) إذا تأخر المتضرر من «قرار إداري» في تقديم دعواه ضد أكثر من «ستين يوماً» سقط حقه إلى الأبد، أما القضاء العادي فإنه يقبل الدعوى في أي وقت ويقرر «تسوية وضع» المدعي وفق ما يستحق قانوناً، على ألاّ يأخذ الفروق المترتبة على ذلك إلا في حدود التقادم الخمسي وفق المادة /373/ من القانون المدني. وفي هذا عدالة وإنصاف.

6) والحجة في هذا الإسقاط بعد الستين يوماً هي تأمين «استقرار الإدارة»، مع أن الأهم من ذلك هو «استقرار العدالة» التي وجد القضاء أصلاً لتحقيقها.

7) القضاء الإداري تابع «إدارياً» لرئيس مجلس الوزراء، وقد كان كثيرون من قضاته، ولا يزالون، مستشارين «بأجر» لدى وزارات ومؤسسات الدولة، فهم بذلك «تابعون» للسلطة التنفيذية ولاسيما طيلة فترة «حكومة العطري» وليسوا «مستقلين» كما توجب المادة /133/ من الدستور، ما يجعل جميع القرارات التي شارك في إصدارها أحد هؤلاء القضاء، المستشارين لدى السلطة التنفيذية، «معدومة» في نظر القانون. ولابد من إعادة النظر فيها من قبل «قضاة مستقلين» يصدرون بشأنها قراراً جديداً.

الحل المطلوب:

‌أ- إلغاء المادة /138/ من الدستور وقانون مجلس الدولة /55/ لعام 1959 وتعديلاته، فيلغى تبعاً لذلك القضاء الإداري، وإحالة جميع الدعاوى الإدارية إلى «القضاء العادي» الذي يشكل لها «فرعاً إدارياً» من قضاته العاديين.

‌ب- التحقيق مع جميع أعضاء المحكمة الإدارية العليا الحاليين، بدءاً من رئيسها ونوابه، وإحالة من تثبت مخالفته منهم للدستور والقانون، إلى القضاء المختص الذي يحاسبه ويتخذ بشأنه ما يلزم قانوناً.

‌ج- نقل بقية قضاء القضاء الإداري ومفوضيه إلى إدارة قضايا الدولة بصفة «محامين»، لأنهم كانوا مجرد محامين عن الدولة في السنوات الأخير لا قضاة مستقلين حياديين.

‌د- اختصار الإجراءات وتسريعها وتخفيض التكاليف القضائية «بجميع مسمياتها» تسهيلاً للمتقاضين في الوصول إلى حقوقهم.

‌ه- إلزام جميع المسؤولين المعنيين في السلطة التنفيذية «الإدارة» بتنفيذ الأحكام القضائية المبرمة فوراً دون أي تأخير، ما لم يحصلوا على قرار قضائي بوقف التنفيذ، تحت طائلة تطبيق المادة /361/ من قانون العقوبات عليهم، مع مضاعفة العقوبة فيها.

‌و- إعطاء الحق لكل من يدعي أنه ظلم خلال ولاية «رئيس مجلس الدولة الحالي» في أحد «القرارات الإدارية» المبرمة بتقديم دعوى «مخاصمة» أو «إعادة محاكمة»، خلال عام كامل منذ الآن، لإنصافه، دون تكليفه بأنية نفقات جديدة من أي نوع كان أو وكالة جديدة.