«جديدة الفضل».. مشاهدات من قلب الحدث

«جديدة الفضل».. مشاهدات من قلب الحدث

تقع جديدة الفضل في الريف الغربي لمدينة دمشق تبعد عنها حوالي 15 كلم كانت مقصد لجوء للآلاف من سكان المناطق المتوترة حيث وصل عدد سكانها مع النازحين إليها بالذروة لحوالي 75000 نسمة، فالمنطقة تكاد تغيب عنها رعاية الدولة الخدمية منذ نشوئها كتجمع للنازحين من الجولان السوري المحتل، تذكرتها الدولة عندما قررت إجراء عملية عسكرية فيها ضد المسلحين. العملية العسكرية على البلدة شاركت فيها وحدات للجيش العربي السوري، بالإضافة لمجموعات تعمل تحت مسمى «جيش الدفاع الوطني»

«مسلحو الفضل» بلا حاضنة شعبية..

مسلحو المنطقة لم يتجاوز عددهم 150 مسلحاً، ولم يكن لديهم حاضنة شعبية حقيقية، فأهالي الحي تعلموا من تجارب المناطق السورية الأخرى، وعرفوا الفوضى التي تستجرها عملية التسلح، والدمار الذي قد ينتج عن دوامة العنف والعنف المضاد. يضاف إلى ذلك أن حملة السلاح في الحي لعبوا دوراً سيئاً وسلطوياً يقمع الناس ووصل إلى حالات خطف متعددة من أبناء المنطقة بهدف الفدية ومن المناطق المحيطة بالجديدة. ويذكر أنه في 14 نيسان خرجت مظاهرة من أبناء الحي ضد الخطف وتم تحرير بعض المخطوفين وجرى اجتماع ضم بعض المسلحين والأهالي وتفاهم كلا الطرفين حينها على ضرورة وقف الخطف ضد أي جهة كانت وذلك بعد إدانة شعبية واسعة للمجموعات المسلحة التي مارست هذه الأعمال.

تصعيد بلا إنذار.. وميليشيات عنف

بدأت العملية المسلحة في 17 نيسان بشكل مفاجئ، حيث تم إغلاق الطرقات ومنع المدنيين من الخروج من المنطقة أو الدخول إليها. بدأت الاشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، ولم تستطع المجموعات المسلحة أن تصمد بشكل جدي بعد اليوم الأول، وجزء من اليوم الثاني، وهرب جزء منهم وحوصر الباقي. ومع استمرار العملية العسكرية  وفي الوقت الذي كان الجيش العربي السوري يواجه المسلحين، قام أفراد من مجموعات (جيش الدفاع الوطني) بممارسة أعمال عنف شديد وترهيب ونهب واستفزاز، مسيئة للجيش وسمعته ودوره، علماً أن هذه المجموعات بقيت دائماً في الصفوف الخلفية ولم تتقدم إلى خط النار الذي رابط عنده الجيش العربي السوري. 

الخطير في الأمر أن هذه الميلشيات تمارس أعمالها تحت مسمى «جيش الدفاع الوطني»، وقد قامت بعمليات قتل غير مبرر ضد مدنيين وعمليات سرقة ونهب، ومارسوا استفزازاً وابتزازاً للمدنيين، ليشكلوا عامل توتير وتخريب لهدف العملية العسكرية، وليشوهوا سمعة الجيش الذي تمايز عناصره بوضوح في سلوكهم أثناء المداهمات عن عناصر الميليشيات التي لم تساهم جدياً إلا بالتصعيد والعنف غير المبرر والعشوائي ضد مدنيين من أهالي الحي.

شهادات

حدثتنا إحدى نساء المنطقة أن عناصر (أبو شريطة حمراء) أي «جيش الدفاع الوطني» قاموا بإيقاف زوجها وابنها على الحائط وهددوها بقتلهم في حال لم تقم بدفع مبالغ نقدية لهم. أبو عصام حدث أن مجموعة من «جيش الدفاع الوطني» قامت بإدخال أطفال إلى غرفة وخاطب أحدهم طفلة قائلاً : نظرتك «موعاجبتني»، ووجه السلاح تجاهها إلى أن تدخل أحد عناصر الجيش العربي السوري وقام بإخراج المسلح، حسام قال: «الله يوفق هل العسكري من الجيش العربي السوري أنقذنا من الموت على يد عصابة الشريطة الحمرا»..

 هدى كانت تبحث عن زوجها الذي كان يعتقد أنه معتقل بالفوج 100 بعد أن داهم بيتها مجموعة من «الوطني» وسرق منها مبلغ 130000 ليرة إضافة لقطع ذهبية لتفجع بعدها ويفجع معها أبناء حارتها «حارة الموالي»، إضافة إلى عمليات اعتقال اعتباطية لعدد من أبناء الحي ومنهم ناشط في حزب الإرادة الشعبية ومؤيد للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير حدثونا عن ظروف الاعتقال والضرب والإهانة التي تعرضوا لها، لكن كان المميز بحسب وصفهم وبحسب ما قال الكثير من الأهالي المعاملة الطيبة والإنسانية لجنود وضباط الجيش العربي السوري ووصف أحدهم الحالة بالقول لولا الجيش العربي السوري لكان قتل بالجديدة 5000 إنسان.

«جديدة الفضل» أزمة ما بعد العملية

حالياً وبعد انتهاء العمليات العسكرية في المنطقة تواجه البلدة ظروفاً معيشية صعبة فالكهرباء التي تضررت أعمدتها كثيراً لا تزال مقطوعة حتى اللحظة، كما أن المياه الشحيحة أصلاً في المنطقة غير متوفرة حالياً بالكميات الكافية ناهيك أن أهالي المنطقة يعتمدون على الكهرباء للتزود بالمياه حتى تصل إلى الخزانات.

كما أن الأهالي يطالبون بإرسال عمال للنظافة، بعد أن تقاعست البلدية عن دورها حيث لا يوجد إلا بعض عمال النظافة المواظبين على عملهم رغم كل شيء، للإسراع بعمليات الدفن وتعقيم المنطقة خوفاً من الأمراض التي قد تنتقل نتيجة التأخر بدفن بعض الجثث.
جديدة الفضل تحتاج اليوم لكل الرعاية الحكومية لإزالة الشرخ الكبير في قلوب أبناء الحي، تحتاج إلى إعادة التيار الكهربائي، إلى الماء والدواء وتحتاج للأمان الذي سيمكن أهلها من العودة إليها وتحتاج إلى الجيش العربي السوري لحمايتها من كل الأشكال غير الشرعية للسلاح أياً كان موقعها (معارضة - نظام).