فوضى عارمة في المعهد التقني للعلوم المالية والمصرفية
عمر سوركلي عمر سوركلي

فوضى عارمة في المعهد التقني للعلوم المالية والمصرفية

لم تسلم المعاهد المتوسطة من سياسة الفوضى والتسيب التي تغض الحكومة الطرف عنها، مسببةً الفساد والرشوة، أو تأخير المعاملات. حيث اعتقد الكثير من طلاب الثانوية الناجحين في شهادة البكالوريا أن همومهم قد انتهت بعد قبولهم بالمعهد، ولكن الحقيقة أن المشكلة قد بدأت للتو، فالموظفون لم يقبلوا أن يعملوا أثناء شهر رمضان بحجة أن أغلب الموظفين في إجازة، وانتظرنا إلى ما بعد العيد، وكانت المفاجأة أنه لا يوجد سوى شباك واحد لقبول أوراق تسجيل الطالب، رغم كثرة المتقدمين، وعبثاً كانت محاولات تنظيم العملية فالعدد الكبير للطلاب كان لا يسمح بتوزيع أرقام الدور لكثير من الطلاب، وبعضهم استغرق أسبوعاً أو عشرة أيام حتى استطاع الحصول على الدور وتسليم الأوراق للتسجيل.

هذه الظاهرة أثارت مشاعر السخط والاستياء عند الطلاب وذويهم، ورصدنا منهم التصريحات التالية:

الطالب (م.ض) استطاع أخيراً وبعد عناء وطول انتظار التسجيل في المعهد فقال: «لقد استغرقت أسبوعاً حتى استكملت الأوراق المطلوبة، وبعدها احتجت إلى أسبوع آخر حتى أعطي الموظف الأوراق ويتم تسجيلي، علماً أنه قد تم قبول أوراق الكثيرين ممن لديهم واسطة، تجاوزاً على كل الأدوار، وبدون الحاجة إلى الانتظار».

الطالب (ع.ب) قال بسخرية ممزوجة بالألم: «إن ما يحدث هنا هو تفاهة حقيقية، ولقد تعودنا الوقوف في الطوابير في كل مكان يتبع إلى مؤسسة عامة، فمن الأفران إلى المؤسسات الاستهلاكية، وهنا في المعاهد».

المواطن (س.ع) ولي أمر أحد المتقدمين قال: «نتعطل عن أعمالنا لأكثر من يوم حتى نساعد أبناءنا بالتسجيل وبالرغم من أن ابني قد حصل على تفوُّق في المدرسة الثانوية التجارية، إلا أن أحداً لا يهتم، ولم تسمح له علاماته بدخول الجامعة بسبب رفع المعدلات بشكل ظالم في كل عام بحجة عدم الاستيعاب، وبدلاً أن يتم إضافة أبنية جديدة للصروح التعليمية حتى تستوعب عدداً أكبر من الطلاب، فهم يفسحون المجال للمزيد من الجامعات الخاصة بأن تعمل، وكأن الطبقة الفقيرة لا تستحق التعلم».

الطالب (ش.ق) قال: «تم قبولي في المعهد وأنا من محافظة بعيدة، وأعمل منذ شهر على أوراق نقلي، وقد اضطررت لأن أسافر وأعود مراراً وتكراراً دون جدوى».

الطالبة (م.ن) قالت: «هل من المعقول استخدام كمبيوتر واحد فقط للتسجيل لكل هذه الأعداد من الطلاب؟ والذي يزيد الطين بلةً أن الموظفة التي تعمل عليه لا تعرف مواقع الأحرف! والموظف الذي يأخذ الأوراق لديه ضعف نظر وسمع تجاه الطلاب العاديين، ولكن ما أن يأتي طالب ذو واسطة حتى يهب لخدمته كالبرق».

الطالبة (ف.ح) قالت: «أحضر كل يوم منذ حوالي الأسبوع، وأوراقي كلها جاهزة، ولكن الموظفين لا يبدؤون العمل حتى الساعة 9.30 ويتوقفون عند الساعة 12.00 فهل هذا هو دوامهم؟ فأين رقابة الضمير؟ وإذا لم يكن هناك فأين الرقابة الداخلية والتفتيش؟ مع العلم أن بقية الكليات والمعاهد لا تعاني من هذه المشكلة مثلنا».

الطالب (ع.س) قال: «لقد كان مجموعي جيداً نسبياً، وتقدمت إلى اختبار اللغة الإنكليزية ونجحت، وعلامتي باللغة الإنكليزية 28/30 ولكن المفاضلة الثانية خيبت آمال الكثيرين من الطلاب، والسبب واضح، فالحكومة تُشجّع الجامعات الخاصة، على حساب السواد الأعظم من طلابنا».

في النهاية نسأل: إلى متى ستستمر الطوابير والفوضى والانتظار والمحسوبية والرشاوى كظاهرة تهدد استقرار المواطن والوطن على حد سواء؟ وهل الحل بالخصخصة؟! حتماً لا، لأن الحل يكون بتطبيق القانون فعلياً، ولا أحد فوق القانون.