مصفاة بانياس: من تحت الدلف.. لتحت المزراب..!!

مصفاة بانياس: من تحت الدلف.. لتحت المزراب..!!

 تمت إقالة مدير عام شركة مصفاة بانياس بعد عهد ٍ ساده الفساد والرشاوى والتجاوزات القانونية والأخلاقية ليتم تعيينه مستشارا ً بدلا ً من إحالته إلى القضاء ومحاكمته بتهمة استغلال منصبه لمكاسب شخصية ليتم تعيين مدير جديد ليس في أية حال من الأحوال بأفضل من سابقه، فقد كان المدير الجديد يشغل منصب مدير الرقابة والتفتيش في عهد المدير السابق، وكان صامتاً تجاه ما يجري من فساد ونهب واستغلال المدراء لمناصبهم وتراجع الأداء والإنتاج، ويغضُ الطرف عن جميع التجاوزات وممارسات المدراء والمسؤولين في الإدارة وكأن الشركة عبارة عن مزرعة مملوكة لهم

أما العمال الذين هم عصب الإنتاج فقد سُلِبت حقوقهم، وسُرِقت جميع مستحقاتهم من تعويضات طبية وإحالات مرضية وحوافز إنتاجية وساعات عملهم الإضافية وحقوقهم في السكن، ناهيك عن المعاملة السيئة التي يتلقونها من المدراء، فبالنسبة للإحالات المرضية والمستحقات الطبية والدوائية صدرت أوامر من الإدارة للأطباء المتعاقدين بتحجيمها ما أمكن وعرقلتها  وعدم صرف التعويضات لهم بحجة التوفير على الميزانية في الوقت الذي تتم فيه سرقة ونهب الملايين شهريا ً من المدراء وأصبح الأطباء المتعاقدون يشككون في جميع العمال الذين يعاني معظمهم من الأمراض المزمنة وبعضهم من الأمراض الخطيرة بسبب التعرض الدائم للغازات والأحماض الكبريتية والمواد السامة والروائح الكريهة، وعلى الرغم من ذلك كان معظمهم يتعالج على حسابه الخاص بسبب ممارسات الأطباء المتعجرفة بحقهم والتهرب من علاجهم وإحالتهم للمشافي وصرف الأدوية لهم، وبدلا ً من أن يقوم المدير الجديد بمواجهة هذه الظاهرة ومكافحتها، أصدر أوامر رسمية بإيقاف جميع المعاينات والإحالات المرضية،  وارتأى بأن يتعالج العمال في المشفى الوطني.

أما المستحقات المالية فحدث ولا حرج عن الاقتطاعات والسرقات التي تجري في هذا المجال، فمن طبيعة العمل التي بقيت حبرا ًعلى ورق إلى الحوافز التي أصبحت منسية حتى في حال عمل المصفاة بشكل دائم إلى ساعات عمل إضافية يتم اقتطاع معظمها وصرف الجزء اليسير منها للعمال في وقت يتقاضى فيه المدراء مبالغ كبيرة عن ساعات عمل إضافية وهمية لم تكن موجودة أصلا ً. 

فعامل يعمل لساعات متأخرة في الليل يتم اقتطاع ساعات عمله وسرقة حقه ومدير لا يتواجد في مكان العمل إلا نادرا ً يتقاضى ساعات عمل إضافية كاملة، أما الحقوق السكنية للعمال فأصبحت تعتمد على الرشاوى والمحسوبيات، فمن كان محسوباً على الإدارة أو قام برشوتها فإنه ينتقل بين بيوت المدينة السكنية كما يشاء، وكل فترة يقوم بتبديل مكان سكنه كما يحلو له ويختار المنزل الكبير والموقع الذي يريد، حتى لو كان لديه عائلة صغيرة ولا يتمتع بالقدم الوظيفي المناسب، أما العامل غير المحسوب على أحد ولم يعرف من أين تؤكل الكتف بدفع الرشوة فإنه يسكن في منزل صغير حتى لو كان عدد أفراد أسرته كبيراً ولا يُسمح له بالانتقال إلى منزل أكبر!

وكل ذلك غيض من فيض ناهيك عن الصفقات والمناقصات التي تتم مع المتعهدين الذين يدفعون الرشاوى بمبالغ هائلة ليحصلوا على تعهدات وأعمال في هذه المنشأة النفطية الكبيرة،  إذ أن المناقصات جمعيها وهمية وشكلية فقط، وتؤول لمن يدفع أكثر للإدارة وليس لمن يحقق المنفعة لخزينة الدولة.  

أما المسابقات والوظائف فهذه كانت من السخرية بحيث لم يتم قبول أي متقدم إلا عن طريق الرشاوى السافرة والمحسوبيات، ولم تكد تمر مسابقة دون أن تحدث ضجة كبيرة وفضيحة مدوية في الشارع بسبب الطريقة والآلية التي كانت تتم بها، ولكن أي من الجهات لم تتحرك لضبط هذه الحالات.

وكذلك العقود التي تتم في المنشأة فهي إما وهمية أو لمن تربطه علاقة أو قرابة بالمدراء،  وبالتالي فهم لا يعملون أبداً، ومنهم من لا يأتي إلى العمل أصلا ً بل يتقاضى راتبا ً فقط ......

إننا نطالب وزير النفط والدولة من ورائه بوضع حد لما يحصل في  هذه المنشأة واّلية عملها وإنتاجها والتي تمثل واحدة من أهم دعائم الاقتصاد الوطني، ويشكل إنتاجها من المشتقات النفطية حاجة ماسة للمواطن، وخاصة في ظل ماتمر به البلاد حيث أصبح تأمين المشتقات النفطية عبئاً على الدولة ومشكلة للمواطن.