صندوق المعونة الاجتماعية بالرقة.. معونة لمن تحديداً؟!

صندوق المعونة الاجتماعية بالرقة.. معونة لمن تحديداً؟!

أفرزت السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في سورية إرثاً فاسداً عميق الجذور في المجتمع السوري، وهذا الإرث تبلور وأنتج طبعة واسعة جداً وعلى شكل متوالية هندسية تزداد اتساعاً يوماً تلو الآخر، وأخذت تنهش في بنى المجتمع كالسرطان في خلايا الجسم البشري، وبأشكال متعددة؛ من فقر وبؤس وشقاء وظلم واستعباد واستبعاد واستبدادوتهميش..الخ، ونشأت بفضل هذه السياسات طبقتان الأولى غنية تزداد غنى وعددها قليل، والأخرى تعانق خط الفقر بل تهبط تحته أحياناً، وتزداد فقراً، وتمثل هذه الأخيرة الأكثرية في المجتمع، وكانت للمنطقة الشرقية حصة الأسد من حالة الفقر والتراجع في قطاع الزراعة والصناعة والتعليم والصحة، وكذلك في البنى التحتية.

لقد شرع المصفقون المداحون، وعقدوا مؤتمراً لتنمية المنطقة الشرقية، ليذروا الرماد في عيون الناس وفقط، إلا أن فاقد الشيء لا يعطيه وكالعائد بخفي حنين، لم يفلحوا بإنتاج أية تنمية.. و جرَّاء ذلك شردت عشرات الآلاف من الأسر في المنطقة الشرقية، وتركت حقولها وهاجرت إلى المدن الكبرى في البلاد مثل حلب ودمشق ودرعا، والمدن الكبيرة والصغيرة خارج البلدفي لبنان والأردن، وذلك فقط للحصول على لقمة العيش، وكان يطلق عليهم اسم غجر الجزيرة منذ بدأوا موسم تشردهم، والأنكى من ذلك أن طبول التحديث والتطوير تقرع من كل منبر.. واسمع يا أطرش وأبصر ياأعمى..!!

كل ذلك كان يمثل جسوراً، وجسوراً فقط، للعبور إلى ما نحن فيه الآن.

ففي اليوم 2011 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً تشريعياً يقضي بإحداث صندوق وطني للمعونة الاجتماعية يرأسه رئيس الحكومة، ويضم وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ومجموعة من الوزراء، وأهداف هذا الصندوق هي حماية الأفراد والأسر المستهدفة ورعايتها من خلال تقديم معونات دورية أو طارئة وفق معايير تتضمن الشفافية والنزاهة والمساءلة، وتستوحىمن سياسات وخطط الدولة وتعزيز تنمية رأس المال البشري والاستثمار فيه، وبناءً على مبدأ المسؤولية المشتركة من خلال ربط المعونات المقدمة من الصندوق بالتزامات تنموية من المستفيدين تتعلق بالصحة والتعليم وغيرهما، وتمكن المستفيدين اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وتعليمياً من خلال برامج ينفذها الصندوق أو مؤسسات وبرامج التمكن المختصة، وفعلاً شكلتفروع في المحافظات وبدأت اللجان المختصة عملها في محافظة الرقة وفي المدينة على قدم وساق، واستبشر الناس خيراً، ومنهم الفقراء الذين لا يملكون كما يقول المثل «لا في السماء نجم، ولا في الأرض وتد» ومضت أشهر ليست بالكثيرة حتى جاء الفرج، ووضعت أسماء المستفيدين في عدة مواقع في محافظة الرقة، وبدأ الازدحام، فالجميع يريدون مشاهدة ومعرفة مامدى استفادتهم، والطوابير الهائلة أمام اللوحات الاسمية يعلوها الصراخ والضجيج والصخب والغضب من الكذب، وكانت النتيجة أن الكثير من الذين هم بحاجة حقيقية لن يستفيدوا من الصندوق، وآخرين وهم كثيرون جداً استفادوا من الصندوق وهم ميسورو الحال، ولم تكن صحيفة «قاسيون» بمنأى عن الحدث، فقد لمسنا حقيقة الفقراء المعدومين حقاً الذين غابت عنهمالمعونة والتقت «قاسيون» برئيس المركز وحاورته حول عمل اللجان التي تقوم بالبحث فأجاب مشكوراً أن اللجان تقوم بالبحث الحسي والمكاشفة والمشاهدة العينية على كل مواطن يتقدم بطلب المعونة، ونحن علينا رفع هذه المشاهدات والأسئلة المطروحة على المواطنين إلى وزارة الشؤون وبدورها تقرر من يستفيد من هذه المعونة ومن لم يستفد ولسنا صناع أي قرار.

إننا في «قاسيون» لدينا إطلاع واسع حول وضع المستفيدين والمرفوضين من معونة الصندوق، ونسأل وزارة الشؤون لماذا يجري كل هذا الكم من المخالفات؟ وهل ما تبتغيه وزارة الشؤون هو الاستمرار بعملها على الطريقة السابقة قبل التغيير؟ أم أن الوزير يريد تنفيذ المرسوم بشكله الصحيح فعلاً؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها..؟؟