بارعون في افتعال الأزمات.. أزمة الخبز الأخيرة
عمر كوجري عمر كوجري

بارعون في افتعال الأزمات.. أزمة الخبز الأخيرة

ما إن يشعر المواطن السوري ببعض الأمان اليوم بأن احتياجاته اليومية لا يمكن العبث، بها حتى يستفيق في اليوم التالي ليرى أن كل الشعور الذي أقنع نفسه به ما هو إلا سراب، فالأزمات التي تثقل كاهل السوري لا تتوانى بالتفنن في ظهورها بأشكال مختلفة.

عدد من المواطنين وصفوا «المعاناة اليومية» للحصول على ربطة الخبز والتي تمتد لساعات طوال وقد تنتهي بلا فائدة مع نفاد مخصصات الفرن، لتبدأ رحلة التنقل من فرن إلى آخر حتى نيل الطلب..

هل نحن بلد الأزمات بامتياز؟ أزمة مازوت.. أزمة كهرباء.. أزمة وسائط النقل.. أزمة الخبز، وهذه الأزمات تتالى في وضع غير طبيعي تمر به البلاد منذ قرابة السنة والنصف.

 أكد مدير عام الشركة العامة للمخابز عثمان حامد أن أزمة الخبز التي شهدتها بعض مناطق سورية اختفت منذ زمن، مشيراً إلى أن القضية برمتها مبنية على عوامل نفسية وإشاعات.

وأوضح حامد في تصريح أنه تم فتح المخابز طوال 24 ساعة وزيادة عدد خطوط إنتاج الخبز في العديد من الأفران مثل داريا ودوما حتى أن من أراد تخزين الخبز قام بذلك.

 أسباب أزمة الخبز الأخيرة

الكثير من المراقبين الرسميين يرون أن كل أزمة تحدث في سورية هي في الكثير من جوانبها أزمة مفتعلة، ولا أساس لها على أرض الواقع، فالبعض يروج لإشاعات لا أساس لها أصلاً، كأن يسمع من هذا أو ذاك أن خزائن البلد تكاد تفرغ من الحبوب، وأن الدولة قريباً جداً ستنفض يدها من دعم مادة الخبز، وغيرها من الإشاعات، فيبادر المواطن إلى شراء كمية كبيرة من الخبز زيادة عن حاجة أسرته اليومية، فتحدث حالة من الأزمة وتزداد الطوابير أمام أفران الدولة وكذلك أما الأفران الخاصة.

والبعض يراها أزمة بائعي خبز ومخابز، ففي دمشق وقبل أيام أطل منظر الطوابير الطويلة برأسه من جديد في العاصمة، ورأى العديد من المواطنين أزمة الخبز في محافظة دمشق  بسبب تقصير واضح من بائعي الخبز في منافذ البيع الذين تعاونوا مع البائعين خارج الأفران وتحكموا بسعر ربطة الخبز التي وصلت لسعر 50 ل.س بسبب جشع هؤلاء.

البسطات

يشير الكثير من السوريين إلى أنهم يشاهدون عدة بسطات في أماكن قريبة من الأفران تبيع ربطات الخبز وتستغل الازدحام والطلب الشديد على المادة، فترفع سعره ليصل سعر الربطة الواحدة إلى 75 ليرة سورية، وبالتالي فالمضطر الذي لا يمكنه الانتظار سيشتري حتماً ليسير أموره.

 ويقول البعض إن بائعي الخبز ليس لهم أية علاقة بأزمة الخبز حتى لو صرح بذلك بعض المواطنين، وحول تحكّم بعض ممن يشترون كميات كبيرة من الخبز خارج الأفران بالتعاون مع بائعي الخبز في الأفران بسعر ربطة الخبز، يرى هؤلاء بأن عملية ضبط هؤلاء الناس صعبة، وفي أي فرن مسؤولية البائع بيع الخبز فقط، لكن عندما تجد أولئك البائعين خارج الفرن يبيعون ربطة الخبز بالسعر الذي يتحكّمون به؛ تلك هي مسؤولية الجهات المختصة التي يجب أن تردعهم وتلك ليست مسؤولية الأفران، ومهمة بائع الفرن بيع أي شخص يقف على شباك البيع، ويحق لكل مواطن وفق تعليمات الدولة  شراء أربعة ربطات من الخبز ليس أكثر، لكن عملية ضبط ذلك صعبة جداً فأحياناً يشتري مواطن لأكثر من عائلة مثلاً.


تطمينات المسؤولين

 يقول المسؤولون السوريون إنه مهما زاد الطلب على مادة الخبز فنحن قادرون على تغطية أكبر حاجة للمواطنين لتلك المادة، فمخزون القمح لدى الدولة كبير ويغطي حاجة الشعب لمدة سنتين على الأقل وقادرون أيضاً على تخزين إنتاج أكبر من احتياطي القمح معتمدين حتى على إنتاج القمح المحلي، والمخزون سنة للاستهلاك وسنة كمخزون استراتيجي، وأي إنتاج جديد هو إضافة لهذا المخزون.
وحسب المعطيات والمعلومات الموجودة لا توجد نية للدولة لرفع سعر مادة الخبز فذلك خط أحمر، وتوجهات الدولة من أعلى المستويات أنه ممنوع رفع سعر مادة الخبز لأي سبب كان

بدوره أكد مدير عام شركة المطاحن أبو زيد كاتبة أن نسبة الزيادة في كميات الدقيق الإضافية الموردة إلى المخابز وصل خلال الأيام القليلة الماضية إلى 30 بالمئة زيادة عن الكميات التي كانت توزع في الحالات العادية لأن معظم الأفران زاد عدد ساعات عملها لما لا يقل عن 8 ساعات يومياً ما يجعلها بحاجة إلى هذه الزيادة.

إجراءات تقشفية

وكان مدير مديرية الاقتصاد والتجارة بدمشق عبد السلام علي، قد كشف مؤخراً عن بعض الإجراءات التقشفية في مجال الخبز منها؛ إيقاف البيع بموافقات الجملة وخاصة للمندوبين إلا لجهات معروفة واستثنائية، والسماح بالبيع بمعدل خمس ربطات للشخص الواحد. ‏

ودعت وزارة الاقتصاد والتجارة أصحاب الأفران ومراكز توزيع الخبز إلى الالتزام بتعليماتها فيما يتعلق بعمليات توزيع هذه المادة على المعتمدين وكذلك بالنسبة لبيعها من منافذ الأفران بشكل مباشر.  

من حق المواطن السوري أن يسأل ويتساءل:

ألن يأتي يوم وننتهي من هذه الأزمات التي لاتنتهي؟؟

ألن يأتي يوم لن نفكر بـ غداً؟ هذا الـ غداً الذي نرجوه بلا منغصات، بلا آلام، وبلا أزمات!!