الدواء.. في ظل الأزمة
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

الدواء.. في ظل الأزمة

امتدت الأزمات المستمرة دون انقطاع منذ نحو 15 شهراً في البلاد إلى الأدوية إلاّ قليلاً، حيث بات المرضى يذهبون لشراء أدويتهم فلا يجدونها في معظم الأحيان، وهكذا يستمر مسلسل المعاناة الذي يعايشه المواطن السوري يومياً دون أي فعل حكومي إصلاحي يدل على أن الأزمات إلى انفراج!.

 

من هذا الجانب، تبدو الإطلالة على واقع الصناعة الدوائية في البلاد ضرورية، ولاسيما في ظل العقوبات الاقتصادية المتزايدة والمتربصة بكل القطاعات الحيوية لسورية التي كانت قبل الأزمة من الدول الرائدة في مجال صناعة الدواء، فاحتلت المرتبة الثانية عربياً في هذا المجال بعد الأردن، مع اختلافات في الحجم والطاقة الإنتاجية، وكانت معظم معامل الأدوية تتركز في محافظات: دمشق وريفها، حمص، حلب.. إلا أن الكثير من الصعوبات والمشاكل واجهت ومازالت تواجه هذه الشركات والمعامل في ظل الأوضاع الراهنة، فمن نقص في المواد إلى صعوبات في النقل ونقص في السيولة في بعض هذه المصانع، واقتراب بعض المصانع من الإغلاق، وهذا قد يجعلنا نواجه أزمة دواء حادة في المستقبل.

وهناك معامل أساسية وهامة لصناعة الدواء في شتى المحافظات السورية توقفت عن العمل مؤخراً إما لأسباب أمنية، أو لهجمات المسلحين المتلاحقة عليها، بالإضافة إلى انقطاع الطرق المؤدية إلى العاصمة باستمرار. وأغلب هذه المصانع كان في مدينة حمص ومنها: (ابن حيان- شركة ميديكو - مختبرات ميديوتيك - شركة البلسم للأدوية) والتي قد توقفت عن العمل منذ أكثر من شهر.

أما شركة (تاميكو) للصناعات الدوائية، فتقول المدير العام للشركة ناهدة أندورة إن الشركة تأثرت بالأزمة الحالية وخصوصاً من الناحية الاقتصادية، وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية من الغرب، حيث تقوم الشركة بتأمين جزء كبير من مستلزمات إنتاجها من شركات أجنبية، وهي الآن تتعرض لصعوبات اقتصادية ومصرفية بالتعامل مع هذه الشركات تتمثل بإصدار الكفالات الأولية والنهائية، إضافة إلى أن بعض الشركات الموردة تعاني صعوبة في قبض قيمة البضاعة نتيجة توقف بعض المصارف عن التعامل مع المصرف التجاري السوري، أيضاً تدهور الوضع الأمني في الكثير من المناطق والصعوبة البالغة في نقل منتجات الشركة إلى تلك المناطق  كل هذا انعكس سلباً على عمليات إنتاج الدواء في سورية.

في واقع الحال، وحتى الآن، لم ينقطع أي نوع من الدواء بصفة نهائية من الأسواق السورية، ولكن مع بقاء الأزمة التي طال أمدها واستمر لهيبها، ومع استمرار الاضطرابات التي تشهدها البلاد قد تتتالى الانقطاعات الدوائية حتى تصبح واقعاً جديداً، ذلك على الرغم من المخزون الكبير المتوفر من الأدوية والذي بدأ بالنضوب بشكل كبير مؤخراً.

وكانت معاونة وزير الصحة لشؤون الأدوية رجوة جبيلي قد أوضحت في تصريح صحفي: أن الاحتياطي الموجود حالياً لدى معامل الأدوية يكفي لأكثر من خمسة أشهر و قالت: لحد الآن لايوجد أزمة دواء في سورية، غير أنه وبسبب العقوبات المفروضة على سورية فقد نواجه أزمة دواء في المستقبل..

هذا ما قد بدأ بالحصول في الأسابيع الماضية فعلاً، حيث سجل نقص في العديد من الأدوية في الصيدليات مثل بعض أنواع المسكنات التي لم تعد متوفرة لدى الكثير من الصيدليات كما في السابق، وهناك غياب للعديد من الأدوية حيث لم تعد متوفرة بالمطلق مثل (توبيمات الدواء المستخدم لعلاج الأمراض العصبية وداء الصراع تحديداً)، و(سنولون- وهو مرهم للتحسس)، و(كولشيسين- شراب لارتفاع حرارة الأطفال)، و(بروكتوسنولون- وهي تحاميل للأطفال)..           إضافة إلى أن الأوضاع الراهنة تزيد صعوبة استيراد الأدوية السرطانية غير المنتجة محلياً.

هذا كله يعني أن الأيام القادمة سوف تكون أسوا بكثير، في حال حصول المحظور وتحول النقص الموجود إلى أزمة حقيقية وليس مجرد نقص عادي في أدوية بعينها كما هي الحال الآن، وهو ما سيشكل خطورة نحن بغنى عنها على صحة المواطنين صغارهم وكبارهم.

على الدولة أن تسعى جاهدة للمحافظة على الصناعة الدوائية في سورية ومنع المشاكل والأزمات من الوصول إلى هذا القطاع الحيوي الهام مهما اشتدت الظروف، وذلك من منطلق مسؤوليتها بحماية مصالح المواطنين ليس إلا، فمسؤولية وزارة الصحة وكل الجهات المعنية العمل على محاربة النقص الحاصل وإيقاف نزيف الأدوية وفقدانها نتيجة توقف بعض المصانع عن التصنيع، فحياة العديد من المرضى قد تتوقف على جرعة من الدواء، ويجب ضمان تأمين هذه الجرعة على الدوام!.