أسعار مواد البناء تلهب جيوب المقاولين وتجمّد حالة السوق
محمد الإدلبي محمد الإدلبي

أسعار مواد البناء تلهب جيوب المقاولين وتجمّد حالة السوق

رغم الركود وانخفاض الطلب على مواد البناء في سورية هذه الأيام، إلا أنّ أسعار المواد الرئيسية الداخلة في قطاع البناء والمقاولات والتشييد لا تزال تشهد ارتفاعاً كبيراً مقرونة بأسعار الصرف، وذلك بحسب المتعاملين بهذا المجال

فلم تعد حركة العرض والطلب هي المتحكّم بسعر المنتج في السوق، بل أصبح التجار والعاملون في هذه المهنة يسعّرون المواد حسب سعر الدولار الآني واليومي، ما أثّر بشكل كبير على هذا القطاع، ودفع خبراء في السوق إلى وصف الحالة التي يمر بها قطاع البناء بأنها «أسوأ مرحلة مقارنة بسنوات سابقة».

ويعزو المتابعون هذا الارتفاع المتوالي في الأسعار إلى عوامل رئيسية أبرزها، ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستيراد بسبب الظروف الحالية، ارتفاع تكاليف الشحن، ازدياد تكلفة المستوردات ومدخلات الإنتاج من مواد أولية وغيرها، وبالتالي هذا الارتفاع في التكلفة سيؤدي بشكل حتمي إلى رفع الأسعار. وفي السياق نفسه وكنتيجة طبيعية، فقد أدى ارتفاع أسعار مواد البناء، إلى توقف العديد من المشاريع التي كانت قيد التطوير كما توقفت أعمال المقاولة في البناء. وقد انسحب حال أسعار مواد البناء وتذبذبها، على أسعار العقارات وحال هذه السوق التي تشهد حالة «تذبذب» بين ارتفاع وانخفاض، بسبب الظروف التي تمر بالبلاد.

المضطر هو من يشتري...

في جولة على بعض متاجر ومنافذ بيع مواد البناء في ريف دمشق، أكد أحد «الباعة» أنه «ونتيجة لضعف حركة البيع وتراجع القدرة الشرائية إضافة إلى انخفاض الطلب بشكل كبيرعلى مواد التشييد ومواد الإكساء الداخلي فإنه في صدد تصفية متجره والعزوف عن العمل في هذا المجال الذي لم يعد ذا جدوى»، على حد قوله، «فلا يُقدم على شراء مواد كالأسمنت والجبص وغيرها من المواد إلا المضطر، ولا تكون عمليات الشراء بكميات كبيرة كالأطنان بل بالكيلو غرامات المعدودة، وهذا وفق رأيه يعكس الحالة التي وصل إليها حال هذا القطاع الهام». وعلّق قائلاً: «حركة البيع ضعيفة جداً وقليلة.. ولا يشتري هذه المنتجات إلا المضطر في حين كنا قبل هذه الفترة نبيع بكميات كبيرة، ولا تبيت مواد البناء عندنا أكثر من 24 ساعة».

الأسعار تضاعفت.. ورفع سعر الفيول زادها

ذكر أكثر من تقرير، أن أسعار مواد البناء في سورية تضاعفت أكثر من 100% وهذا أثر على تكلفة سعر المتر المربع الواحد مقارنة بسنوات سابقة بيعاً وشراءً، كما أن الارتفاع طال حتى المصنّع محلياً وسبب ذلك هو ارتفاع تكاليف الإنتاج، ففي الوقت الذي كان فيه سعر البلوكة الواحدة 13 ليرة أصبح الآن 25 ليرة، كما اقترب سعر طن الحديد من حدود الـ 100 ألف ليرة، وبلغ سعر طن الأسمنت الواحد نحو 10 آلاف ليرة في السوق.

لكن المدير العام للمؤسسة العامة للأسمنت ومواد البناء «إبراهيم عباس»، أوضح مؤخراً أن المؤسسة حددت سعر الطن الواحد من الأسمنت البورتلندي العادي 32.5 بـ 12.5 ألف ل.س للطن المعبأ بأكياس، و12 ألف ليرة سورية للأسمنت الفرط. مشيراً إلى أن سبب رفع سعر طن الأسمنت، يرجع إلى ارتفاع كلف الإنتاج ومنها رفع سعر طن الفيول، وهو أكبر مكونات كلفة صناعة الأسمنت، إضافة إلى ارتفاع قيمة وأجور نقل مستلزمات الإنتاج.

وبلغ سعر كيس الأسمنت الأبيض المستورد (مصري) في منافذ البيع العادية (البيع ليس بالجملة) نحو 1300 ليرة في حين كان سعره 600 ليرة سورية، وبلغ سعر كيس السبيداج 425 ليرة وكان سعره 130 ليرة، أما متر السيراميك المصنع محلياً فقد بلغ سعر النوع الرابع (نخب رابع) 650 ليرة للمتر الواحد، وبلغ سعر متر الأرضيات 1300 ليرة. وقال أحد «الباعة»: «كان سعر متر السيراميك 250 ليرة واليوم 600 والتجار يسعرون المواد حسب سعر الصرف ويطلبون منا تثبيت الكميات المراد شراؤها فوراً، وإن حركة البيع ضعيفة جداً». مشيراً إلى أنه منذ شهر إلى الآن ارتفع سعر متر السيراميك 200 ليرة، في إشارة منه إلى سرعة الوتيرة التي ترتفع بها أسعار مواد البناء.

تحدٍ يواجه المقاولين

الارتفاع في الأسعار لم يبقَ حكراً على المواد الأساسية بل تعداه إلى اليد العاملة، وهي المكوّن الرئيس والعمود الأساسي لقطاع البناء والتشييد، فألأجور بدورها بدأت ترتفع تدريجياً، نظراً لارتفاع تكاليف ومتطلبات المعيشة، وهذا بحد ذاته تحد كبير يواجه هذا القطاع والمطورين العقاريين، يضاف إلى تحدي أسعار مواد البناء. فالمطور المحلي لم يعد يقوى على الصمود وكذلك الأجنبي، ويمكن القول إن حالة «الجمود» هي المسيطر الحالي على سوق التشييد والبناء.