مطبات:  مرة أخرى..  في قبضة الفريق الاقتصادي

مطبات: مرة أخرى.. في قبضة الفريق الاقتصادي

 وكأنها لعبة الأولاد الصغار في شغبهم الشقي، فها هي الأبواب تُفتح بسرعة للقبض على آخرهم وهو يرن الجرس، أما الكبار فيبتسمون في خبث أننا اكتشفنا اللعبة التي يعيدها الصغار حتى يكبروا.

وكأنها ذاك العشق المراهق بين اثنين كما أراد (فريدريك نيتشه) في تعريفه للحب في كونه كذباً يتبادله اثنان بلباقة، فكلا العاشقين يهمسان في لهف الملتاع مشاعر تقودهما في النهاية إلى سرير الشهوة.

هي كذلك لعبة تبديل اللجان وتشكيلها التي تمارسها الحكومة علينا منذ أن عرفنا الحكومة، وكذلك النتائج لا توصلنا إلا إلى معرفتنا بها، وكلانا - نحن والحكومة -ندرك في تآمرنا على الفكرة معرفتنا بتفاصيلها، فلا هي (الحكومة) تريد ما لأجله شكلت اللجنة، ولا نحن مؤمنون بأن اللجنة ستوصلنا إلى تجاوز عوزنا أياً كانشكله.

بالضبط، نحن نتفهم لماذا تشكل الحكومة اللجان والفرق الاقتصادية، وماذا تريد أن تقول لنا، إنها تعمل من أجلنا، ومن أجل سعادتنا، وحياتنا كمواطنين ينتمون إلى عالم يتحسس قضاياه الاقتصادية ليس من فتحة الجيب، بل من جور الحاجة.

وفي الوقت نفسه نحن نقول لحكومة اللجان في سرنا أولاً، وفي العلن حين تقضنا الحوائج.. أهل مكة أدرى بحكومات تتكرر ولا تتطور.

الحكومة الجديدة تعلن عن تشكيل فريق اقتصادي جديد لقيادة انتقال قسري وصعب لاقتصادنا المحاصر، واقتصادنا الذي تركه الفريق الاقتصادي السابق يعاني ويلات خططه وتصوراته عن اقتصاد يعيش فقط في رؤوس أعضاء الفريق، ولا ينتمي إلى مفردات الناس البسطاء، ولا إلى طموحات الحالمين بالانتقال إلىكماليات الحياة دون عناء وبكبسة قرار.

ها نحن نودع إنجازات فريق الدردري بمواطن أكثر فقراً، وأرقام خاطئة تعترف الحكومة الحالية بتناقضها، وأن ما بني على أرقام الفريق السابق أوصل اقتصادنا إلى فجوة التيه دون مروره بطبيعة التحول والانتقال، وكانت مجرد خيالات عن التحول، ورغبات مجموعة بنت مشروعها فقط بسبب تغير أحوالها وحدها.

سيقود المرحلة الجديدة ثلاثون شخصية اقتصادية، واقتصادنا سيبنى على سياسة جديدة للتنمية، وسيحمل آمالنا بتغيير شامل لبنى اقتصاد السوق الذي أحالنا جميعاً إلى طبقة واحدة، وصرنا نتشابه في بحثنا عن أساسيات عمرنا المنكل بالجري خلف ما يجعلنا أحياء فقط.

وبالتالي أتصور معكم من واقع توافقنا على أننا نعرف مسبقاً ما ستحمله سياسة الفريق الجديد من وعود حفظناها على مدار خطتين اقتصاديتين من الحلم، سوف يتحسس المواطن سريعاً تحسن حياته، وسيحتار كيف يلم أموال الزيادات والمكافآت والحوافز، وأما الاستثمارات ستهطل دون مواعيد، والمجالس الاقتصاديةالمشتركة ستعود إلى فنادقنا العامرة، وستلقى فيها خطب التعاون والشراكة، والقطاع العام سيحظى بنعيم الحفاظ عليه، والخاص لن يكون حظه أقل في سياسة الفريق الجديد، وأما فرص العمل فسيتم تعيين عشرات الألوف من الجالسين على رصيف الانتظار.

معدلات النمو الوهمية لن يكررها هذا الفريق بعد أن تخلص اقتصادنا من حنكة الدردري، وسنتعرف على حكماء جدد يقودون التحول نحو نمو حقيقي لا نحمل نتائجه لموظف هنا، أو خطأ الكتروني هناك، فالفريق الجديد يأتي في وضع استثنائي وعصيب، وسيكون على قدر المهمة الموكلة إليه، وأن سعادة المواطن الجديدمبنية على سياسة الفريق الجديد.

 وأما نحن العارفين.. فندرك تماماً كمواطنين أننا لا نتحمل وزر ما ينتج، ولم يشركنا أحد في اختيار الوجوه الجديدة، ولم يسألنا أو يستفتينا أحد، ولكننا لا نقنط من أن يوماً ما سيحمل لنا بعض السعادة والمال، والأرقام وقواعد البيانات هي أسرار يتم تداولها في النهاية بين اللجان والفرق الجديدة في إدانة اللجان والفرق السابقة،وما يهمّنا هو أن نستمر في قرع الجرس، وبهجة مباغتة الجيران.