عشية جولة الامتحانات.. معاناة طلاب حمص تتفاقم!

عشية جولة الامتحانات.. معاناة طلاب حمص تتفاقم!

خمسة أشهر من المعاناة والتهجير لم يعرف فيها طلاب جامعة البعث في حمص سوى المزيد من المشكلات والإقصاء، فبعد أن أغلقت الأزمة أبواب الجامعة في وجه معظمهم جراء ارتفاع معدلات العنف على امتداد المحافظة، وبعد تهجير الكثير من أبناء المدينة استبشر الطلاب وذووهم خيراً بقرار وزاري سمح للطلاب بتقديم امتحاناتهم الجامعية في جامعة دمشق أو غيرها (حيث حط بهم الرحال)،

ولكن ما لبث القرار طويلاً قبل أن يطوى بقرار مضاد أصدرته وزارة التعليم العالي ألغى مضامين الأول، فعادت المشكلة إلى الواجهة من جديد، إذ لا يمكن لطلاب حمص متابعة شؤون دراستهم في أي مكان طالما أن جامعتهم (البعث)  تقع على تقاطع النيران.

ثم فيما بعد، استكمل التخبط دورته في وزارة التعليم العالي فسارعت إلى السماح لأبناء حمص بتقديم امتحانات الفصل الثاني من العام الدراسي (2011 – 2012) في جامعة دمشق، ولكن الفرحة لم تكتمل أيضاً إذ سرعان ما أصدرت رئاسة جامعة البعث قراراً حددت فيه موعد الامتحانات النظرية بالجملة للفصل الأول والثاني والتكميلي مع العلم أن الطلبة كانوا قد قدموا امتحاناتهم العملية في دمشق، متجاهلةً بذلك وجود توتر أمني في حمص، حيث فقد الكثير من أبناء المحافظة منازلهم وهاجروا، وحيث توجد أحياء تغص بأبنائها الذين لا يستطيعون التحرك إلى أي اتجاه بما في ذلك نحو الجامعة.

وتقدّر نسبة الطلاب المداومين في جامعة البعث في حمص بـ30% فقط، أي إن 70% باتوا خارج الجامعة لسبب أو لآخر، أما الطلاب التابعين لفرع البعث في حماة فهؤلاء حكماً بقوا كلهم خارج المعادلة التعليمية، فإذا كانت الطرق الواصلة بين أطراف حمص نفسها غير آمنة لأبناء المحافظة، فإن الطرق المؤدية إلى حماة مليئة بالحواجز التي أقامها مسلحون لا يميزون بين طالب وأستاذ أو غيرهما..

وقد زار «قاسيون» في مكتبها بدمشق عدد من ذوي طلاب حمص يشتكون هذه المصيبة: «إذا أرسلنا أولادنا إلى الامتحانات في ظل الأزمة وفي ظل هذه الظروف والانفلات الأمني، فكأننا نرسلهم بأيدينا إلى التهلكة».

واذا لم يقدموا امتحاناتهم فإننا نضيّع سنة من أعمارهم.

يبدو أن ظل الأزمة الوطنية الكبيرة التي تمر بها البلاد منذ 15 شهراً يخيم على جميع الإدارات في البلاد، بما فيها إدارات التعليم، علماً أن الظروف الناشئة تتطلب قرارات تتناسب معها، ومن الضروري أن تمارس الدولة مهامها في التخفيف من معاناة كل المواطنين بدل أن تكون دوائرها ومؤسساتها سبباً في زيادة هذه المعاناة.

في كل جامعات العالم يحق للطالب الجامعي في البلد الواحد التقدم للامتحان في أية جامعة، ولاشك أنه يحق لأبناء سورية أن ينعموا بهذه الميزة وإن كان بشكل مؤقت خلال الأزمة، وعليه فإن الإدارة السليمة لشؤون التعليم في هذه الظروف تتطلب أن يسمح لأبناء حمص وغيرها من المحافظات التي تشهد اضطرابات أمنية تقديم امتحاناتهم في دمشق أو أية محافظة يقيمون بها كما هي تقاليد المؤسسات التعليمية في كل دول العالم.