الحسكة.. إصرار على الحياة  يفتقد «استجابة» الجهات المعنية
قحطان العبوش قحطان العبوش

الحسكة.. إصرار على الحياة يفتقد «استجابة» الجهات المعنية

لم يكن يوم الخميس الماضي (13/2/2014) غريباً عن سكان مدينة الحسكة وآلاف القادمين إليها من مدن وبلدات المحافظة، رغم كل الأحداث الطارئة التي شهدتها المدينة منذ ساعات الصباح الأولى، فكثير مما يجري هنا معتاد عند الناس رغم حدوثه على فترات متقطعة

وساهمت سنوات الأزمة السورية الثلاث في تأقلم الناس مع تبعات أي تطور أمني بين طرفي النزاع، وما يعقبه من إغلاق للشوارع والأسواق وإلغاء للدوام في الجامعات ومؤسسات القطاع العام. كما ساهمت كثير من المشاكل المتجذرة في مؤسسات القطاع العام في تأقلم الناس مع مشاهد الازدحام والروتين المتزايد.

إلغاء الامتحانات الجامعية؟!

وصلت أخبار الاشتباكات التي بدأت مبكراً في حي «غويران» إلى كراجات الانطلاق في بلدات المحافظة، لكن آلاف الطلاب لم يغيروا قرارهم بالتوجه إلى مدينة الحسكة للتقدم لامتحانات الفصل الأول في قرار يعكس إصراراً على استمرار العملية التعليمية لدى الطلاب.

واضطر الطلاب للعودة إلى بلداتهم وقراهم بعد أن وجدوا الطرق المؤدية للجامعة مغلقة بسبب الاشتباكات، حيث تقع كليات الهندسة المدنية والاقتصاد في حي «غويران»، ووقفت «مرح»، وهي طالبة هندسة مدنية جاءت من الرقة بحثاً عن قاعة امتحان هادئة في مدينة الحسكة تنهي بها مسيرة خمس سنوات من الدراسة، وقفت في حيرة من أمرها، وهي تفكر في أي محافظة ستنتهي بها مسيرتها التعليمية الشاقة.

الأزمة ومبررات الغياب

باتت الأزمة السورية وتبعاتها مبرراً لكثير من التسيب في مؤسسات القطاع العام، ولاسيما في الأيام الساخنة، رغم أن كثيراً من هذه المؤسسات تفتح أبوابها، لكن من دون إنجاز لمعاملات المراجعين، حيث يتسبب غياب موظفي أحد الأقسام في تعطل حلقة الروتين الحكومية المعروفة.

واضطر كثير من الناس من مدن وبلدات وقرى المحافظة الواسعة للعودة من مدينة الحسكة دون إنجاز معاملاتهم، على أمل أن يعودوا في يوم آخر من دون اشتباك، طالما أن تأثير الأزمة السورية وتبعاتها في المحافظة يرتبط بموظفي القطاع العام فقط، دون تأثير يذكر على نشاط القطاع الخاص، حيث استمرت حركة المواصلات للميكروباصات وسيارات الأجرة داخل المدينة ومع البلدات الأخرى بشكل اعتيادي.

التسجيل والرصاص!

يوم الخميس الماضي (6/2/2014) كان اليوم الأخير للتسجيل على امتحانات الشهادة الثانوية والتعليم الأساسي للطلاب الأحرار، وقف مئات الطلاب في طوابير غير منتظمة للتسجيل، اختلط الذكور بالإناث بباعة الطوابع، حاول المسؤولون عن تنظيم الدور حل الازدحام الحاصل، وبعد أكثر من محاولة شفهية، لجؤوا لإطلاق النار في الهواء في محاكاة لأصوات الاشتباكات التي يشهدها حي «غويران».

دائرة الامتحانات التي يسجل لها استمرارها في العمل في يوم ساخن وقعت تحت تأثير مشاكل القطاع العام المتجذرة، ولم توفر حلاً لأزمة التسجيل، رغم امتلاكها لمبنى مستقل كبير وتضخم في عدد الموظفين، وهي تراجعت بشكل غير مبرر عن تجربة ناجحة العام الماضي عندما افتتحت مركز تسجيل إضافي في مدينة القامشلي.

إصرار لا يُقابل باستجابة

يعكس العدد الكبير للناس الذين توجهوا لمدينة الحسكة لإنجاز معاملاتهم وامتحاناتهم رغم علمهم بالواقع الأمني للمدينة مدى الرغبة في أن تستمر الحياة بعيداً عما يجري أمنياً، لكنه إصرار لا يقابل باستجابة من الجهات الحكومية المعنية، فقيامها ببعض التغييرات والإجراءات الفعالة في عمل مؤسسات القطاع العام سيقود لتخفيف عبء المعاناة على المواطنين كحل إسعافي مؤقت، ريثما تحل الأزمة التي تعيشها البلاد.

آخر تعديل على الإثنين, 17 شباط/فبراير 2014 15:31