معاناة طلاب الجامعة في الحسكة في ظل الأزمة؟
قحطان العبوش قحطان العبوش

معاناة طلاب الجامعة في الحسكة في ظل الأزمة؟

لم تكن ندى ابنة مدينة القامشلي تعلم أن صعوبة الدراسة الجامعية في مدينة الحسكة بهذه القساوة، بعد أن واجهت الكثير من المصاعب في الثانوية العامة، وهي تحلم بدخول الجامعة التي يرسم لها من سبقوها إليها الكثير من الأحلام الوردية، فخيار الإقامة بمدينة الحسكة للطلاب لا يختلف كثيراً عن الإقامة بمخيم للنازحين رغم المبالغ الكبيرة التي يدفعها الطالب

وقررت ندى وهي طالبة مستجدة بكلية الهندسة المدنية بالحسكة الإقامة في المدينة بدل عناء السفر اليومي بين القامشلي والحسكة على مسافة 170 كيلومتر ذهاباً وإياباً بتكاليفه العالية، لكنها فوجئت بتكاليف الحياة الجديدة التي تصفها بالمظلمة والباردة.

تكاليف ومعاناة الدراسة

وندى واحدة من آلاف الطلاب من أبناء المحافظة المترامية الأطراف والذين يدرسون في كليات جامعة الفرات بمدينة الحسكة، واضطروا هذا العام لخيارين قاسيين، بينهم طلاب مدن المحافظة الرئيسية وأريافها كالقامشلي والمالكية ورأس العين. إضافة لآلاف الوافدين من المحافظات الأخرى ولاسيما دير الزور.
واختار قسم كبير من الطلاب الإقامة بمدينة الحسكة ولاسيما طلاب الفروع العلمية التي تتطلب كلياتها الدوام ستة أيام بالأسبوع، واضطروا لاستئجار منازل مشتركة أو غرف عند بعض العائلات مقابل مبالغ كبيرة تبدأ من 7500 ليرة للطالب الواحد في غرفة مشتركة مع طالب آخر ضمن منزل مشترك ولا تنتهي عند حد معين.
ويوجد في المدينة سكن جامعي كان يستوعب الطالبات إلى حدٍ كبير، بات مخصص للنازحين منذ أكثر من عام، ودفع الطلب الكبير على المنازل من النازحين إلى ارتفاع إيجارات المنازل بشكل كبير. 

التقنين 20 ساعة انقطاع!

والإقامة في الغرفة قد تحل مشكلة عناء السفر، ولاسيما أبناء المدن البعيدة كالمالكية التي تبعد عن مدينة الحسكة نحو 200 كيلو متر، لكن الظلمة والبرد القارس يبددان أي راحة، ولا تقل ساعات التقنين عن 20 ساعة انقطاع في أحسن الأحوال، إضافة لأزمة مياه قديمة جديدة ومتفاقمة لم تحل لحد الآن.
ويصبح مصدر التدفئة الوحيد في ظل غياب الكهرباء هو المازوت، وتبيع محطات الوقود مازوتاً منتجاً محلياً بسعر لا يتجاوز 35 ليرة، لكنه غير متوفر دائماً، والحصول عليه في ظل الازدحام شبه مستحيل بالنسبة للطالبات في مدينة الحسكة ذات الشتاء القارس.
وبين مصاريف الجامعة ومصاريف الإقامة تدفع ندى مبلغاً لا يقل عما يدفعه الطلاب الذين اختاروا الذهاب والإياب إلى كلياتهم، لكنها استبدلت عناء السفر بعذاب البرد والظلمة، فيما اختار قسم كبير ولاسيما طلاب الكليات النظرية الذهاب والإياب لنحو ثلاثة أو أربعة أيام بالأسبوع.

أقله إعادة تشغيل القطار

وأجرة النقل بين القامشلي والحسكة 200 ليرة، ويدفع الطالب يومياً 400 ليرة ذهاباً وإياباً، ويبقى عليه دفع ثمن التنقلات الداخلية للوصول من الكراج للكلية والعودة بنهاية اليوم إلى الكراج، وعليه دفع 150 ليرة كحد أدنى لهذه الرحلة القصيرة، إضافة لأي وجبة قد يأكلها الطالب الذي يخرج منذ ساعات الفجر ويعود مع المساء.
ويقول إبراهيم وهو مدير مدرسة ويعمل بعد الظهر في القطاع الخاص، إنه يدفع 1500 ليرة يومياً لولديه لكي يذهبا للجامعة، ويعتبر نفسه محظوظاً كون دوامه في المدرسة قصير ويتيح له العمل بعد الظهر.
ورغم أن قرارات وزارة التعليم العالي تماشت مع أزمة البلاد، وأتاحت للطلاب الدراسة بأقرب كلية مشابهة للكلية المقبولين فيها، إلا أن معاناة الطلاب لم تنته وتحتاج لتدخل المسؤولين في المحافظة لإيجاد حلول عملية وسريعة بينها على الأقل إعادة تشغيل القطار بين الحسكة والقامشلي، والذي توقف منذ أكثر من عام وكان ملاذاً لآلاف الطلاب.