من الذاكرة : هؤلاء... هم رفاقنا

من الذاكرة : هؤلاء... هم رفاقنا

لدي الكثير مما أود قوله، والهدف هو تحريك الأمور الساكنة، لتكون الخلاصة أن يبقى ما ينفع ويمكث في الأرض، فثمة قائمة طويلة من أسماء أحببتها، تترسم أمام عين الخيال، وبخاصة أننا مازلنا في رحاب ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي السوري ».

وها هي أصداء كلمات تتردد في الذاكرة لتلامس ليس الأذن فقط، بل لتمس شفاف القلب، كلمات لرفاق قدامى من جيل الرواد الأوائل، فتشحن العزيمة وتلهب العاطفة، وتنعش في الوجدان والعقل أريج التفاؤل والأمل. وكما قال الشاعر: «وتبقى لنا بسمة رغم أنف الشقاء». ولابد من توضيح أمر قد يخفى عن الكثير من القراء والأعزاء، وهو أن الأسماء الحقيقية للرفاق منذ جيل التأسيس وفي العهود السرية، لم تكن قيد «التداول» حفاظاً على سلامتهم، ويستخدم بدلاً عنها أسماء رمزية أو ألقاب مثل «أبو سعيد.. أبو دياب..» وعود على بدء فمما سمعته من أفواههم ما قاله الرفيق أبو اسكندر، وهو من أوائل النقابيين الشيوعيين: «كان اتصالنا بالعمال دائماً، ففي صيف عام 1933 سرنا على الأقدام من حي القصاع بدمشق إلى المسؤولين من أجل طلب تأسيس نقابة، وعند وصولنا إلى دار حكومة تم اعتقالنا».
لقد كنت اشتغل في معمل اسمنت دمر عندما سمعت لأول مرة بوجود عمال «بلشفيك» فانضمت إليهم، كنا نعمل أكثر من 12 ساعة، يضاف إليها ساعات الذهاب والإياب، وقد ساهمت بشكل فعال في تأسيس أول نقابة لعمال الميكانيك بدمشق، وكان أول رئيس لهذه النقابة الرفيق صالح شعبان، وكانت صلاتنا بالأحياء الأخرى نشيطة وكان الرفيق فريد من حي المهاجرين يقدم لنا الدعم وخاصة أثناء الانتخابات.
ومما قاله الرفيق أبو باسل:
«كنا ندافع عن حرية بلادنا، ومن أجل ذلك نشارك في النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، ولأول مرة شاهد الناس الرفيق خالد بكداش بعد عودته من خارج الوطن يشارك في تشييع شهداء حي الأكراد في إحدى المظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي. كانت الرجعية تتهمنا بكل التهم وتنشر مختلف الأكاذيب، كنا نوزع وننشر نشراتنا باليد، ونعلق الأعلام الحمراء في وسط المدينة على اسلاك الكهرباء بطريقة لا يستطيع فيها رجال الأمن العام انتزاعها إلا بمساعدة رجال الإطفاء».
ومما قاله الرفيق عز الدين:
«كنا نتعرض لشتى أنواع التعذيب والحرمان، اعتقلت عدة مرات، ومنها في بيروت وفي عكا بفلسطين.. كنا أقوياء نتحلى باليقظة الثورية، ندافع عن أمن الحزب ونكشف العملاء، وفي إحدى المرات تم اعتقالنا وكان معنا أحد أعضاء الحزب، وبداخل السجن اكتشفنا أنه جاسوس للأمن العام، وتم فضحه، وطرد من الحزب