ما الذي يجب أن يحلّ محلّ الاتحاد الأوروبي؟ إن كان هناك حاجة لاستبدال الاتحاد الأوروبي أساساً، فيجب علينا البحث عن السبب الذي يدعو إلى هذا الاستبدال. تاريخ الاتحاد الأوروبي وتطور الدول المنضوية داخله كفيلٌ إذا ما أدمجناه بتطوّر العالم وصعود قوى وهبوط قوى، بالإجابة عن مثل هذا التساؤل. الولايات المتحدة هي التي خلقت الاتحاد الأوروبي – كما سنتطرق إلى ذلك – وذلك بالتعاون مع بريطانيا، بهدف السيطرة على كامل العالم، بدءاً من أوروبا. روسيا، وهي الدولة الأكبر في العالم، كان الهدف النهائي لمريدي الهيمنة هو السيطرة. أدّت خطط مريدي الهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية إلى إنشاء حلف الناتو العسكري، وحلف الاتحاد الأوروبي الدبلوماسي، من أجل تعزيز سيطرتهم على أوروبا بحيث يتمكنون من غزو الاتحاد السوفييتي في نهاية المطاف. لكنّ الاتحاد الأوروبي اليوم، بدوله التي تشهد انقسامات في مسائل الاصطفاف الإقليمي والدولي، يمكن أن يصبح أداة أخرى. لسنا هنا أمام سيناريو وحيد، بل أمام تحوّل جذري يجد اليوم بداية ظهوره على السطح. النخب الأوروبية اليوم تنقسم على نفسها، وهذا لا بدّ سيترك أثره في ما هو قادم. فبين من يريد الاستمرار بالاصطفاف إلى جانب كتلة الحرب، وبين من يرى في السلم مصالحه.