الاتحاد الأوروبي يفاقم أزمته بيديه بالمضاربة «الخضراء» في «بورصة الانبعاثات»
وول ستريت جورنال وول ستريت جورنال

الاتحاد الأوروبي يفاقم أزمته بيديه بالمضاربة «الخضراء» في «بورصة الانبعاثات»

من الأمور التي لا يتم تسليط الضوء عليها كثيراً في أزمة الطاقة الأوروبية، أنه إضافة للحرب في أوكرانيا يلعب أحد العوامل السوقية الرأسمالية دوراً في مفاقمة أزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي، حيث اعتمد لسنوات طويلة على ما يسمّى «بورصة الانبعاثات» الكربونية، ضمن سياساته التي تدّعي أنها «خضراء» و«صديقة للبيئة»، حيث إنه بحسب أرقام صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير حديث عن الموضوع أمس، ارتفع سعر «تصاريح إصدار الانبعاثات» بما يقرب 4 أضعاف خلال أقل من 3 سنوات.

ترجمة وإعداد: قاسيون

 

وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها (الذي اطلعت عليه قاسيون) وحمل عنوان «أحدث فشل كربون في أوروبا - نظام تداول الانبعاثات يرفع تكاليف الطاقة بدون سبب» بأنه: «ما لا يريدونك أن تعرفه هو كيف أن سياسات تغير المناخ الخاصة بهم تجعل كل شيء أسوأ. سنشرح ذلك، بما أنهم هم لن يشرحوها لك». 

وأوضحت بأنه، ومثل أسعار الوقود الأحفوري، ارتفعت أسعار ما يسمى «تصاريح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون» في نظام تداول الانبعاثات (ETS) في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير. [حيث إنهم بحسب المنطق الرأسمالي يتعاملون مع إصدار «شهادات» بالسماح للأعمال والصناعات بإصدار انبعاثات غازات الاحترار على أنها «سلعة» ولها «بورصة» يتم تداولها بها والمضاربة عليها – شرح قاسيون].

 وذكر الصحيفة الأمريكية بأنّ تكلفة شهادة إصدار طن متري واحد من ثاني أكسيد الكربون الآن تبلغ حوالي 80 يورو، في حين بلغت الشهر الماضي 100 يورو تقريبًا، ولكن هذا يمثل زيادة من 25 يورو في أواخر عام 2019 [أيْ بما يقترب من أربعة أضعاف بأقل من ثلاث سنوات]. ويُترجم ارتفاع أسعار الانبعاثات إلى رفع بالتكاليف على مستهلكي الكهرباء، فضلاً عن الضغط على الصناعات.

وتدير أوروبا «بورصة الانبعاثات» ETS منذ عام 2005. وتصدر عددًا محددًا من التصاريح كل عام، ومن ثم يمكن للمشاركين في السوق تداول التصاريح حتى يتمكن الأشخاص الأثقل في إطلاق الانبعاثات من شراء «الشهادات» التي يحتاجونها من أولئك الذين خفّضوا انبعاثاتهم. [والمبرر السوقي للموضوع هو أنه] إذا تجاوز الطلب العرض، فمن المفترض أن تشجّع تكلفة التصريح المتزايدة الاستثمارات «الخضراء» لتقليل الانبعاثات.

 

ومع ذلك، لم يتم تصميم النظام بالأصل بحيث يضع في حسبانه أزمة مثل أزمة هذا العام. فأحد العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع تكاليف التصاريح هو التحول في مزيج الوقود المدفوع بقيود الإمداد السياسية بدلاً من نوع حوافز السوق.

 

ووسط نقص في الغاز الطبيعي، تتجه الدول الأوروبية إلى الفحم الأكثر تلويثاً للبيئة لتوليد الكهرباء، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على تصاريح «السماح بالانبعاثات» وبالتالي ارتفاع أسعارها. ويمكن أن تستخدم المرافق الطاقة النووية لتقليل اعتمادها على الفحم، أو يمكن للحكومات تشجيع المزيد من التنقيب عن الغاز المحلي. لكن المقاومة السياسية العنيدة من جانب أوروبا لتلك الخيارات تساهم في ارتفاع تكاليف تصاريح «السماح بالانبعاثات».

 

لقد خلقت بروكسل أيضًا ندرة مصطنعة في هذه التصاريح، في حين كان المفترض أنّ يكون المنظمون حياديين بشأن سعر التصريح في نظام التداول، حيث إن الهدف [المزعوم من هذه «البورصة الخضراء»] هو تحديد مستوى مستهدف للانبعاثات ثم السماح لسعر السوق بهذه الكمية. وبحسب الأرقام التي أصدروها يقولون إنهم خفضوا كمية الكربون المنبعثة في أوروبا مع تطبيق هذه التصاريح بنسبة 41% للانبعاثات التي يغطيها نظام التجارة بين 2005–2020.

 

ولكن منذ البداية تقريبًا، شعر السياسيون والنشطاء البيئيون بالقلق من أن سعر ائتمان الانبعاثات كان «منخفضًا للغاية». تزداد الشكاوى ارتفاعًا إذا كانت تكلفة الشهادة أقل من 10 يورو، كما كانت في أغلبية الوقت خلال منتصف عام 2010. وأدى ذلك إلى إنشاء «احتياطي استقرار السوق» في عام 2019 لامتصاص مئات الملايين من أرصدة الكربون غير المستخدمة بالإضافة إلى التخفيض التدريجي في الائتمانات الجديدة المرتبطة بأهداف بروكسل المناخية الأكثر شدّة.

 

وقد أدى ذلك إلى ندرة نسبية في التصاريح التي أدت الآن إلى ارتفاع الأسعار. وبرر السياسيون والنشطاء والبيروقراطيون تدخّلهم على أساس أن السعر المنخفض جدًا للتصاريح لن يشجع الاستثمار الكافي في «تخضير» أوروبا. لكن التصاريح الرخيصة كانت ترسل إشارة إلى السوق بأن أوروبا كانت «تحقق أهدافها الكربونية» على أي حال، لذا يمكن توجيه الاستثمار بشكل أفضل إلى مكان آخر. كانت هذه نقطة وثيقة بعد عام 2010 عندما أدى الانكماش الاقتصادي إلى كبت الانبعاثات وأصبحت أوروبا بحاجة ماسة إلى الاستثمار الإنتاجي في شيء آخر غير «المراعي الخضراء».

 

الآن، يعني تدخل سوق بورصة الانبعاثات في بروكسل أنّ الاقتصاد لا يستطيع «استعارة» كارما الكربون من السنوات السابقة لتوجيه أوروبا خلال أزمة الشتاء - في الوقت نفسه يواصل السياسيون منع الاستثمارات في الطاقة النووية أو إنتاج الغاز الذي من شأنه أن يعيد القارة إلى اعتماد أقل على الكربون.

 

وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافيكي لصحيفة فاينانشيال تايمز مؤخرًا إنه سيؤيد إلغاء شهادات السماح بالانبعاثات ETS لمدة عام أو عامين. لكن هذه البصيرة تظل نادرة مثل الطاقة المعقولة التكلفة في أوروبا، وإلى أن يدرك القادة الآخرون ذلك، ستستمر ضريبة الباب الخلفي على الكربون في أوروبا في الظهور.

 

المصدر:

Europe’s Latest Carbon Fiasco. Its emissions-trading system raises energy costs for no reason

آخر تعديل على الإثنين, 12 أيلول/سبتمبر 2022 20:00