الفاشية تخنق أوكرانيا
إيهاب البعيني إيهاب البعيني

الفاشية تخنق أوكرانيا

مازال المستقبل السياسي في أوكرانيا غامضاً ومليئاً بالتحديات التاريخية أمام القوى الوطنية فيها، خاصة بعد سيطرة حكومة اليمين المتطرف على معظم مفاصل الدولة الأوكرانية، بعد الإطاحة بحكومة الرئيس السابق، فيكتور يانكوفيتش.

فتحت الثنائية الوهمية بين «روس - أوكرانيين» الباب واسعاً أمام احتمالاتٍ تهدد السلم الأهلي في البلاد. حيث يشكل الروس 30% من سكان أوكرانيا القاطنين في الجنوب الشرقي من البلاد، لظروفٍ جغرافية وتاريخية.

«أم السلاف» تشهد القطيعة التاريخية

رجوعاً إلى التاريخ الأوكراني، تعتبر أوكرانيا أم السلاف، كما يلقبونها. وعاصمتها «كييف روس» أي أم المدن الروسية، ذلك أن كييف هي منبع الحضارة السلافية، وعاصمة الروس في عهد الإفرنج، وأول دولة للسلاف في أوربا الشرقية. و«روس كييف» هو الاسم القديم لأوكرانيا في القرن التاسع، وتفككت في القرن الثاني عشر.

وبعد حرب الشمال العظمى، قسِّمت أوكرانيا إلى أقاليم، خضع الجزء الأكبر منها إلى الإمبراطورية الروسية، فيما بقي الجزء الغربي تحت سيطرة المملكة النمساوية المجرية. وفي التاريخ الحديث سعى الغرب لإحداث القطيعة ما بين غرب وشرق أوكرانيا، على أساس الموقف من الحرب الوطنية العظمى، حيث دعم الفاشية في أوكرانيا في وجه المدن الأوكرانية التي قاومت النازية، والتي تحتفل بعيد النصر سنوياً، توازياً مع الاحتفالات في كل أنحاء العالم بهذه المناسبة.

«يجب التخلص من الروس، ولو كان الأمر بيدي لقضيت عليهم بالسلاح النووي»، هكذا صرحت يوليا تيموتشينكو، زعيمة المعارضة الأوكرانية، في مكالمة هاتفية مع رئيس الأمن القومي الأوكراني السابق. تسير تيموتشينكو على خطا بانديرا، شريكها وملهمها التاريخي قائد منظمة «القوميين الأوكرانيين» الفاشية، التي تأسست عام 1941 بمباركة نازية في تلك الفترة، بعد الانتصار بمعركة ستالينغراد، والهجوم المضاد للجيش الأحمر. حيث شكَّل بانديرا، مع السلطات الألمانية، منظمة «هاليشينا» التي كانت نموذج للتعاون مع النازية، لقتال السوفييت في مدينة «لفيف» غرب أوكرانيا.

حكومة الغرب المأزوم تحفر الخنادق!

ذاكرة الشعب هنا مازالت حاضرة بالأغاني والاحتفالات بتخليص أوكرانيا من النازية على يد الجندي السوفييتي.

الغرب متربص، فهو على دراية كاملة بطبيعة البلد السياسية والاجتماعية. العامل القومي هو المادة الدسمة له لإشعال الخاصرة الروسية، حيث يتم تمويل أكثر من 150 منظمة أوكرانية قامت بأعمال عنف في ميدان الاستقلال بكييف، وتقوم بتدريب المنتسبين لها للذهاب إلى باقي المدن، حيث قامت في مدينة أوديسا، مدينة البحارة، بالتظاهر دعماً لحكومة كييف، والاعتداء على عجوز مسنة لأنها نعتتهم بالفاشيين، رُدّ عليها بمظاهرة عارمة مناهضة لهم في قلب المدينة، حيث رفعت أعلام البحارة وأعلام الحزب الشيوعي، وهتفوا «الفاشية لن تمر».

 بعد تراجعه في العالم، يحاول الغرب المأزوم إشعال الخاصرة الروسية، حيث لم تنجح حكومة الدمى في كييف إشعال النار كما أرادت. واحتمال المواجهة المسلحة قد أصبح بعيداً، ذلك لرفض الجيش الأوكراني بأغلبيته الانصياع إلى تعليمات الحكومة، والبحرية الأوكرانية أعلنت الانضمام إلى حكومة القرم، وتهديد بعض أقاليم الشرق بقطع الضرائب عن كييف، كما حصل في مدينة دونيسك، حيث كان الرفض الشعبي للحكومة عارماً، مما دفع الحكومة بحفر خندق كبير على كامل الحدود الروسية، خوفاً من رد روسي محتمل.