اليسار هو الحل والبديل!
طلال الامام طلال الامام

اليسار هو الحل والبديل!

تحت شعار «الذكرى المئوية لثورة أكتوبر، والمطلوب كي يستعيد اليسار دوره» عقدت مجموعة من القوى اليسارية والشيوعية لقاءً في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا يومي 27-28 أيار/مايو 2017. اللقاء الذي يعد الثاني من نوعه بعد أن تم اللقاء الماضي في الدانمارك في عام 2016، افتُتح بكلمة لرئيس الحزب الشيوعي السلوفاكي يوزيف هردليتشكا استعرض فيها دور الحزب الشيوعي السلوفاكي بمواجهة الهجمات الإمبريالية وصعود القوى الفاشية في أوربا. هذا وقد حضر اللقاء رفاق من الحزب الشيوعي العراقي وممثلون عن الحزب الشيوعي السوري الموحد وتيار طريق التغيير السلمي في سورية وحزب الارادة الشعبية في سورية بالإضافة إلى عدد من اليساريين المستقلين.
ينشر موقع قاسيون الالكتروني فيما يلي نص مداخلة الناشط اليساري المستقل طلال الإمام

 /ناشط يساري

إسمحوا لي بداية ان اتوجه بالشكر للحزب الشيوعي السلوفاكي ،ممثلا بالرفيق جلال سليمان نائب رئيس الحزب، على استضافته هذا اللقاء وتوفير جميع مستلزمات إنجاحه .تتم الفعالية تحت شعار " الذكرى المئوية لثورة اكتوبر والمطلوب كي يستعيد اليسار دوره ".
اعتقد ان انعقاد لقاءنا عشية الذكرى المئوية لثورة اكتوبر يضيف له أهمية خاصة ويضع في الوقت ذاته امام الشيوعيين وقوى اليسار عموما مهمة اعمال الفكر . من جهة من اجل استخلاص العبر والدروس من تلك الثورة التي تعد الحدث الابرز في القرن العشرين ، ومن جهة ثانية من اجل ان يقوم اليسار، مستفيدا من تلك التجربة بايجاباتها وسلبياتها، استعادة دوره التاريخي لمواجهة المد الديني التفكيري ، النزعات العنصرية والفاشية والاستغلال الامبريالي المتوحش. من اجل عالم بلاحروب وعادل في توزيع الثروة .
لقد لعبت ثورة اكتوبر الاشتراكية منذ قيامها حتى انهيارها دورا مفصليا على المستويات المحلية / دول الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية/ والعالمية في اسيا ، افريقيا وأمريكا اللاتينية خاصة .
ان تقييم حدث تاريخي بحجم اكتوبر يتطلب من جميع المفكرين اليساريين ان ينظروا لهذه التجربة بإيجابياتها وسلبياتها واستخلاص الدروس اللازمة من اجل النهوض اللاحق . نقول ذلك كوننا لاحظنا ان التقييم غالبا مايتم اما من نظرة جامدة تحصر اسباب انهيارها بمؤامرة خارجية كذا متناسية او متغاضية عن العوامل الداخلية التي باعتقادنا كان لها الدور الأساس. وأما من نظرة "عدمية" تنظر اليها على انها محصلة جملة اخطاء بل ويصل الامر بالبعض لإنكار اي اثر إيجابي لها لدرجة التشكيك بمجمل النظرية الماركسية التي قامت على اساسها ...مدعين ان النظرية لم تعد تصلح مع التبشير بالليبرالية وأيقونة "الديموقراطية " بغض النظر عن العوامل الاقتصادية /الطبقية والاجتماعية . في الوقت ذاته برزت قوى وأحزاب تجابه التيارين عبر إعادة قراءة الماركسية قراءة عصرية/ تجديدية تحاكي حاجات الناس اليومية وتبين للجماهير طريق الخلاص من الاستغلال .
إن الوفاء لثورة اكتوبر يقتضي تقييمها عبر وضعها في الإطار التاريخي الصحيح ، الأسباب التي ادت الى اندلاعها ، مسيرتها عبر اكثر من سبعة عقود ، نجاحاتها /منجزاتها وإخفاقاتها .و هذا يتطلب طبعا من جهة ألاف الصفحات، ومن جهة اخرى ليس هو مجال لقاؤنا .ساحاول ان أتلمس عناوين عامة دون ان ادعي الإحاطة الوافية . الهدف من وراء ذلك هو كما ذكرت الاستفادة من تلك التجربة الكبيرة من اجل النهوض اللاحق للشيوعيين وقوى اليسار كي يستعيدوا دورهم التاريخي كما جاء في الشعار الذي يعقد اللقاء من اجله .
من بلد متخلف الى غزو الفضاء
قامت ثورة اكتوبر نتيجة حاجة موضوعية وذاتية لروسيا القيصرية وتطورها اللاحق ،وليس فقط تحقيقا لطموحات ثوار حالمين بعالم خال من الحروب والفقر والمرض وتحقيق نظريتهم في توزيع عادل للثروة .
ان الأسباب الاجتماعية للثورة جاءت أساسآ نتيجة قرون من الاضطهاد من قبل النظام القيصري، والذي فجره فشل نيقولا الثاني في الحرب العالمية الأولى، وبينما كان الفلاحون في الريف الزراعي قد تحرروا من العبودية في عام 1861، إلا أنهم كان يدفعون مبالغ للدولة/إتاوات مما أثار استياء الفلاحين،. تألف سكان روسيا بشكل رئيسي في ذلك الوقت من الفلاحين الفقراء حيث كان 1.5% من السكان يملكون 25% من الأراضي. جاء في إحصائيات أجريت عام 1904 في سانت بطرسبرغ،(عاصمة روسيا القيصرية ) أن معدل سكان الشقة الواحدة يبلغ 16 فرد، بمعدل غرفة واحدة لكل 6 أفراد، وكل ذلك بدون مياه جارية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وتدني ظروف العمل . كانت ساعات العمل طويلة (عشية الحرب العالمية الأولى كان متوسط ساعات العمل 10 ساعة يوميًا لمدة ستة أيام في الأسبوع؛ والكثير منهم كان يعمل 11-12 ساعة ،اضافة الى خطر دائم من الإصابة والوفاة، والظروف الصحية سيئة للغاية .تراجعت الأجور الحقيقية للعمال نحو 50 في المئة عما كانت عليه في عام 1913. ارتفعت ديون روسيا في أكتوبر 1916 إلى 50 مليار روبل. وشكلت الديون المستحقة للحكومات الأجنبية أكثر من 11 مليار روبل.كما ان الأجور لم تكن كافية من اجل حياة تليق بالبشر .بالمختصر كانت روسيا القيصرية تعاني من انتشار الأمية، أنهكتها الحروب بداية مع اليابان ثم الحرب العالمية الاولى ، اضطهاد ملاك الاراضي وحياة الفلاحين البائسة ....تلك هي باختصار شديد الخطوط العامة لروسيا عشية ثورة اكتوبر، بكلمات اخرى تلك كانت المقدمات الاقتصادية ، الاجتماعية والسياسية التي مهدت لاندلاعها .كانت روسيا والشعب الروسي بحاجة الى تغييرات جذرية في النظام السياسي وبنيته الاقتصادية والاجتماعية هذا ماادركه لينين الذي قاد قاد حزبا شيوعيا ثوريا وأطاح بالقيصرية معلنا بدء مرحلة جديدة ليس في تاريخ روسيا فحسب بل وفِي العالم . ليس صدفة ان تكون أولى مراسيم الثورة مرسوما السلم والأرض.
الحرب الأهلية
ما ان انتصرت الثورة وبدأت تطبيق برنامجها السياسي، الاقتصادي والاجتماعي حتى اجتمعت القوى المضادة لها داخليا وخارجيا والتي تضررت مصالحها وبدأت الحرب الأهلية .

لم تكن الحرب بين البلاشفة والروس البيض فقط بل كانت فرصة لتدخل العديد من القوى الخارجية حيث شنت جيوش أربعة عشرة بلدا في مقدمتها بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الامريكية ، ألمانيا وأستراليا بالتعاون مع القوى المناوئة للثورة في الداخل حربا لإجهاض الثورة استمرت ثلاث سنوات ( ١٩١٨-١٩٢١) كانت نتائج الحرب الأهلية مدمرة . حيث فقدت البلاد خلالها حوالي 2،000،000 من شعبها كما دمر الاقتصاد الروسي تماما ، دمرت المصانع والجسور، ونهبت الماشيه والمواد الخام، والمناجم اجتاحتها الفيضانات، وتلفت الآلات. انخفضت قيمة الإنتاج الصناعي إلى 7/ 1 من قيمة 1913. تشير التقديرات إلى أن مجموع الناتج من المناجم والمصانع في عام 1921 قد انخفضت إلى 20 % من مستوى ما قبل الحرب العالمية، والعديد من الفروع الاقتصادية شهدت انخفاضا بشكل جذري. على سبيل المثال، انخفض إنتاج القطن إلى 5 %، والحديد إلى 2% من مستويات ما قبل الحرب.

بعد انتصار الجيش الأحمر في الحرب الأهلية بدأت اعادة إعمار البلاد :حملات محو الأميةعبر التعليم المجاني للجميع ، إنهاض الزراعة والصناعة ، تقوية الجيش الأحمر ...الخ استمرت مرحلة البناء والنهوض الشامل حتى بدء الحرب العالمية الثانية .

فقد الاتحاد السوفيتي الوليد نسبيا خلال الحرب العالمية الثانية اكثر من عشرين مليون إنسان ، وخسائر فادحة في البنى التحتية والزراعة . رغم حجم الخسائر المادية والبشرية ابلى الجيش الأحمر بلاءا كبيرا وبطولات ساهمت في دحر الفاشية في عقر دارها وكان له الدور الابرز في خلاص أوربا والعالم من الفاشية الهتلرية وارتفع العلم الأحمر فوق الرايخستاخ معلنا الهزيمة الكاملة للهتلرية .

واجه الشعب السوفيتي مرحلة مابعد الحرب بتصميم اكبر على متابعة أهداف ثورة اكتوبر في إنهاض اقتصاد البلاد وإعادة تكوين المجتمع .تحول الاتحاد السوفيتي الى ورشة عمل ضخمة في البناء والتصنيع .قضى على الأمية ، ...بكلمة نقلت ثورة اكتوبر البلد من امي او شبه امي الى اول بلد يغزو الفضاء، اول بلد يرسل امرأة للفضاء ويغزو القمر .

بعد الحرب برز توازن عالمي جديد بقوى جديدة: المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة .لقد انعكس هذا التوازن العالمي الجديد سلبا وايجابا ليس فقط على اوربة بل والعالم اجمع .فخلال فترة ماسمي بالحرب الباردة حصلت العديد من بلدان اسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية على استقلالها السياسي.و وجدت الاحزاب والحركات الشيوعية واليسارية ظهيرا كبيرا في نضالها من اجل إنجاز الاستقلال السياسي والاقتصادي .ساهم الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية الاخرى في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لدول العالم الثالث خاصة عبر بناء السدود ، المصانع الخطوط الحديدة اضافة الى تعزيز قدراتها الدفاعية ، وفِي تدريس الكوادر العلمية مجانا . استمر هذا الصعود الى أواسط السبعينات .عندما بدأت بوادر الترهل والانهيار .بالمقابل حصلت حروب مواجهات ساخنة وباردة بين المعسكرين في اكثر من منطقة من العالم .

الانهيار !

انهار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي بسرعة غير متوقعة أذهلت العديد من المتابعين . انهار معه التوازن الدولي وتحول الى سيطرة قطب واحد، و معه انهارت احلام ملايين البشر بعالم دون اضطهاد . وضع هذا الانهيار الحركة الشيوعية وجميع قوى اليسار في مأزق فكري وأيديولوجي وتنظيمي اذ غدت بلا ظهير . انهيار دفع البعض للخجل من اسمه وتاريخه معتقدا ان المشكلة في الاسم ، والبعض الاخر الى التمسك الأعمى بالتجربة وكأن شيئا لم يحصل .... وهناك ، وهم باعتقادي القلة ، حاولت وتحاول دراسة اسباب الانهيار دون التخلي عن الأساس النظري / الايديولجي( الماركسي او الماركسي اللينيني ) بهدف متابعة النضال .

لماذا حصل الانهيار؟ :

لااعتقد ان احدا حتى الان يملك الإجابة كاملة . هناك اجتهادات و محاولات جدية من مناضلين ومفكرين في هذا الاتجاه ولكن لايمكن لاحد الادعاء بمعرفة الأسباب كلها . من جهتي اعتقد ان العوامل الداخلية هي التي قدمت الأدوات والأرضية للعوامل الخارجية كي يحدث الانهيار بالشكل الذي حدث .

العوامل الداخلية متشعبة أهمها :قراءة قاصرة وتفسير ارادوي للنظرية من قبل الاحزاب الحاكمة (أليس من المستغرب مثلا ان لاينظر من يحكم باسم الماركسية والتي احد اهم قوانينها الديالكتيك الى ان حاجات الناس متنامية ؟؟) ، وضع تعارض مصطنع بين الماركسية والديموقراطية ، تفشي البيروقراطية / الفساد في اجهزة الحزب الحاكم والدولة ،اغتراب الناس عن احزاب تدعي تمثيلها ، سيطرة الأجهزة الحزبية على مفاصل الدولة بشكل قصري ، اخضاع النظرية لمصالح الحزب عوضا عن اخضاع الحزب للنظرية ، الجمود والترهل الذي أصاب جميع مفاصل المجتمع ،

اما العوامل الخارجية للانهيار فقد تجلت في تقديم مختلف أشكال المساعدات للخارج( دولا وحركات وأحزاب ) على حساب رفاهية الشعب في الداخل ، سباق التسلّح ، المؤامرات الخارجية عبر مختلف أشكال التحريض والحصار لوأد تجربة تشكل خطرا على النظام الامبريالي القائم على الاستغلال والحروب ، الصراعات والانشقاقات الفكرية والأيديولوجية التي وقعت بين بلدان واحزاب المعسكر الواحد التي ادت الى الحاق الضرر بها كلها .

الرفاق الأعزاء! الحضور الكريم !

ان مجمل ماذكرناه حول ثورة اكتوبر الاشتراكية عشية يوبيلها المئوي ليس الهدف منه القيام بطقس احتفالي ، إنما دراسة تلك التجربة التي طبعت القرن العشرين بطابعها، بإيجابياتها وسلبياتها من اجل ان تقوم الاحزاب والقوى الشيوعية واليسارية باستخلاص الدروس كي تساهم في مواجهة المد اليميني الفاشي والتطرف الديني الذي يجتاح العالم .تبدو هذه المهمة اكثر الحاحا في منطقتنا التي تعاني منذ سنوات من نتائج هذا المد ملحقا دمارا واسعا في البشر والحجر .كما أدى الى تنامي القوى الدينية الفاشية المتطرفة والى محاولات تفتيت مجتمعاتنا على أسس دينية/ طائفية وإثنية ، مستفيدة من الفساد والاستبداد الذي تعاني منه شعوب المنطقة عموما .

حالة اليسار اليوم. ( المقصود باليسار أينما ورد هو الاحزاب الشيوعية والعمالية ، الحركات الوطنية و التقدمية ،اضافة الى المفكرين الماركسيين المستقلين ).

الصورة العامة لقوى اليسار في منطقتنا اليوم مؤسفة فهي مشتتة ، منقسمة ، خان بعض اطرافها مبادئه الامر الذي أدى الى انحسار وتراجع دورها حتى التنويري بشكل مفجع . ان جزءا من اسباب هذا التراجع له علاقة ، كما اعتقد ، بانهيار المنظومة الاشتراكية التي كانت بمثابة " الأب الروحي" لغالبيتها وأصبحت يتيمة وسط غابة من الذئاب. .ان اعتمادها كليا تقريبا على "الشقيق الأكبر" جعلها "كسولة " عن الاجتهاد الذاتي .في الوقت ذاته لايجوز ان ننسى حجم مختلف أشكال الاضطهاد ، الملاحقات والعنف المادي والمعنوي الذي مورس بحقها على امتداد عقود، في وقت كانت القوى الدينية تتمتع "بالدلال " حتى من قوى محسوبة علمانية . اضافة الى تصاعد المد الديني . من ناحية ثانية يعود سبب هذا التراجع الى عدم قيام قوى اليسار بالاجتهاد او بمراجعة برامجها بحيث تتماشى والتطورات الجارية في مجتمعاتها ، الامر الذي جعل الجماهير تبتعد عنها وتقع في براثن التيارات الدينية والتطرف. لقد تخلفت غالبية قوى اليسار في منطقتنا عن مواكبة تطورات العصر متكئة على ومضات إيجابية في تاريخها .

ان ماذكرناه آنفا لا يجوز ابدا ان يعمينا عن الإنجازات التي حققتها قوى اليسار في بلداننا عبر نضالاتها ومساهمتها في نضال شعوب بلدانها من اجل الاستقلال الوطني ، ضد المشاريع الاستعمارية ، نشر الفكر الماركسي. والتقدمي ، المساهمة في نهضة ثقافية تنويرية ، الدفاع عن حقوق شعوبها مثلا في التعليم المجاني ، الصحة ، العمل ، الضمانات الاجتماعية .وسواها .. لقد قدمت قوى اليسار في سبيل ذلك العديد من التضحيات والشهداء بحيث صار لها قاعدة شعبية واسعة في خمسينات ، ستينات، سبعينات و ثمانينات القرن الماضي .

ما العمل ؟؟

سؤال كبير ينتصب أمام مختلف فصائل اليسار أحزابا، هيئات وافرادا ....مالعمل كي يعود اليسار للجماهير وتعود الجماهير له ؟ مالعمل كي يساهم اليسار مساهمة فعالة في مواجهة المشروع الفاشي الديني ، الامبريالي الصهيوني ؟؟ مالعمل كي يقوم اليسار بدوره من اجل وقف مشاريع تقسيم بلداننا ومنطقتنا على أسس دينية/طائفية او عرقية ؟؟ مالعمل كي يساهم اليسار في نضال شعوبه ضد الفساد والاستبداد من اجل اوطان حرة ، ديموقراطية ،علمانية وعادلة في توزيع الثروة الوطنية ؟؟

اعتقد ان الخطوة الاولى في الإجابة على تلك التساؤلات وسواها يتطلب من قوى اليسار الاجتهاد في قراءة عصرية للماركسية ( دون رمي الوليد مع ماء الخلاص ) ،دون الدعوة طبعا الى تبني بدائل نظرية تحت شعارات براقة: ليبرالية ، ديموقراطية وووو تؤدي الى نسفها تماما . القيام بمراجعة شاملة لبرامجها ، تحالفاتها ، ممارسة الانتقاد الذاتي عن الأخطاء التي ارتكبتها بكل جرأة ، ليس من اجل جلد الذات ، وإنما في سبيل تحقيق النهوض اللاحق المطلوب ...المطلوب العودة للشارع وطرح برامج تتلاقى وطموحاته وتواكب تطورات العصر ... المطلوب وقف حالة الترهل في صفوفها والعمل على جذب النساء و الشباب الذين يشكلون حوال ثلاثة ارباع مجتمعاتنا .

من اجل جبهة يسارية شعبية واسعة !

ان تحقيق كل او جزء من المهام المذكورة أعلاه لا يمكن لاي حزب ، هيئة او مجموعة أشخاص ان يقوم بها بمفرده مهما اوتي من قوة .لانها مهاما سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية وثقافية واسعة . كما انه لايمكن لقوى اليسار منفردة القيام بها ...لذلك نقول وندعو انطلاقا من المرحلة الراهنة التي تمر بها اوطاننا الى تشكيل جبهة يسارية شعبية واسعة تضم الى جانب اليسار قوى وطنية ، قومية ،علمانية وتنويرية .على ان تتفق، مع الحفاظ على استقلالها التنظيمي و الفكري ، على برنامج الحد الأدنى من اجل حشد القوى التي لها مصلحة مواجهة المشروع الديني الفاشي التدميري وطرح مشروع بديل ينقذ الوطن والمواطن .

مهمة صعبة في ظروفنا ؟ نعم لكنها ليست مستحيلة ابدا ابدا .

المهم البدء بخطوة مهما كانت متواضعة : لقاؤنا هذا مثلا خطوة ، السعي من اجل إنجاز برنامج الحد الأدنى ، اجراء لقاءات ثنائية او جماعية على المستويين الوطني والاقليمي ، بيانات مشتركة بمناسبات محددة ، إقامة فعاليات مشتركة ... خلق حالة جماهيرية على طريق الوصول الى تشكيل الجبهة اليسارية الشعبية الواسعة .

فهل نحن فاعلون ؟

انها مهمتنا جميعا أحزابا، تنظيمات وأفرادا لان هذه المعركة بحاجة لجميع القوى . ان اي تقاعس في إنجاز هذه المهمة، تحت اي مبرر كان ، يحملنا جميعا مسؤولية تاريخية امام شعوبنا وبمثابة خيانة لأفكارنا، لتاريخنا ولشعوبنا . .

الرفاق الأعزاء الحضور الكريم !

اننا ، ونحن نجتمع عشية الذكرى المئوية لثورة اكتوبر الاشتراكية التي ألهمت عقول وقلوب ملايين البشر ، الثورة التي ساهمت مساهمة فعالة في دحر الفاشية الهتلرية

والانتصار عليها ، الثورة التي كان لها الفضل في استقلال العديد من بلدان العالم وقدمت لها مساعدات جمة ، الثورة التي خرجت آلاف الكوادر العلمية في العالم الثالث خصوصا ووووو لابد من ان نحي روادها وننحني امام شهدائها .

ان أفضل احتفال بها هو متابعة تقاليدهاالثورية ، عدم تصويرها على انها خطا تاريخي والنظر لسلبياتها فقط .

لنعمل مستلهمين القيم النبيلة لثورة اكتوبر من اجل إنجاز مشروعنا وأهدافنا عبر السعي الجدي لتشكيل الجبهة اليسارية الشعبية الواسعة .

عاشت الذكرى المئوية لثورة اكتوبر!

 

ناشط يساري مستقل