افتتاحية قاسيون 1138: رغم ذلك فإنها تسير!

افتتاحية قاسيون 1138: رغم ذلك فإنها تسير!

تتسارع الأحداث والتطورات المرتبطة بالشأن السوري، داخل سورية، وفي محيطيها القريب والبعيد. ويأتي ذلك ارتباطاً بعوامل متعددة أهمها على المستوى الخارجي هو استمرار التحول في ميزان القوى الدولي بالضد من المصلحة الأمريكية والصهيونية، بالتوازي مع اقتراب الاستحقاقات التي تعمل عليها أستانا وارتفاع التنسيق بينها وبين دول عربية أساسية. وعلى المستوى الداخلي عبر استمرار الموجة الجديدة من الحركة الشعبية وتوسعها التدريجي.

بين أهم الملفات التي تتضح معالمها أكثر فأكثر، هو ما يجري في شرق الفرات ودير الزور، والذي تسعى الجهات الإعلامية المختلفة لتصويره بشتى أنواع الصور المتناقضة مع بعضها البعض. مع ذلك، فإنها جميعها عاجزة عن إخفاء حقيقتين أساسيتين:

أولاً، المشروع الأمريكي المزعوم المتعلق بإغلاق الحدود السورية العراقية يواجه تعثراً جدياً، وكذا المشروع المزعوم حول ربط الشمال الشرقي بالجنوب عبر التنف؛ حيث يجري نسف هكذا مخططات مفترضة في قلبها. أكثر من ذلك، ومع الأخذ بالاعتبار وضع الاحتلال الأمريكي في العراق وما يتعرض له من ضغط، بأدوات مختلفة بينها السياسية، فإنّ استمرار وجود الأمريكي في كل من العراق وسورية بات تحت تهديد أكبر وأعمق من أي وقتٍ مضى.

ثانياً، كل النماذج التي تستنسخ بشكل جزئي أو كلي السياسات الخاطئة نفسها، المنحازة لمصالح قلة اقتصادية وضد مصلحة الأغلبية، وأياً يكن من تسند ظهرها إليه، ليست نماذج مستدامة، لا على مستوى مناطقي ولا على مستوى البلاد. هذا لا يلغي أنّ هنالك سماتٍ إيجابية جرت محاولة تثبيتها، ولكنه يؤكد أنّ استدامة أي نموذج كان غير ممكنة ما لم يتم توافق سوري شامل عليه، وما لم يستند إلى انحيازٍ واضح للأغلبية المنهوبة وضد القلة الناهبة.

في الجنوب السوري، تواصل الحركة الشعبية تقدمها البطيء، ولكن الثابت. ومع الوقت تعمل بشكل أكثر وضوحاً على إبراز طابعها الوطني الشامل، واستناداً إلى المطالبة بتنفيذ القرار 2254 من جهة، وإلى إظهار انتمائها السوري الشامل عبر الإصرار على إبراز الآباء المؤسسين لسورية، قادة الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي، وكذلك عبر الأصوات الواضحة التي تقول إنّ إخراج القوات الأجنبية يعني ضمناً، وعلى رأس القائمة، إخراج المحتل الصهيوني من الجولان السوري المحتل.

تكريس هذا النفس وتعميقه والتصويب المستمر للأخطاء، من شأنه لجم وإضعاف أولئك الذين يترصدون شراً بالحركة الشعبية، من داخلها ومن خارجها.

الحركة الشعبية في موجتها الجديدة ليست مقصورة على منطقة بعينها، بل هي كامنة وموجودة بأشكال مختلفة في كل مناطق سورية، وأبرز معالمها الغليان المستمر في صفوف المنهوبين الذين يناقشون بشكل يومي في بيوتهم وأماكن عملهم ما الذي يمكن عمله وكيف ومتى.

إنّ الحركة بإصرارها على الطابع الوطني، تلجم المتشددين ضمن النظام الذين يستسهلون تخوينها وإدراجها في إطار «المخططات الخارجية»، في حين يقطعون ألسنتهم عن انتقاد المتآمرين على البلاد وأهلها من أرباب الفساد الكبير الذين يمصون دم الناس جوعاً ومرضاً وبرداً وليبرالية، ويسهمون بشكل مباشر في تجريف سورية من شعبها، وفي المحصلة في تنفيذ المخططات الصهيونية بإسقاط الدور الوظيفي لسورية، وصولاً إلى تقسيمها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً...

متشددو المعارضة هم الآخرون لا يقصرون في محاولة دفع الحركة إلى الأنفاق السابقة، وإلى التطرف، في تخادم مكرر مع متشددي النظام لخلق الذريعة للبطش بالحركة، ورغبة في امتطائها واستخدامها، ومنعها من التطور المستقل على أسس وطنية واضحة واقتصادية اجتماعية وديمقراطية واضحة.

إنّ تطور الحركة الشعبية وتوسعها يتطلب الإصرار العنيد على سلميتها، وعلى وطنيتها وخاصة بوجه الصهيوني. وهذه الحركة بتطورها، ستكون ضمانة أساسية من ضمانات تنفيذ القرار 2254 وصولاً إلى إعادة توحيد سورية شعباً وأرضاً واستعادة سيادتها على كامل جغرافيتها وضمناً الجولان، واستعادة سيادة أهلها عليها.

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1138
آخر تعديل على الأحد, 03 أيلول/سبتمبر 2023 20:12