افتتاحية قاسيون 1128: مهمة أستانا القادمة!

افتتاحية قاسيون 1128: مهمة أستانا القادمة!

قبل أكثر من أربع سنوات، دعا حزب الإرادة الشعبية مسار أستانا لأخذ زمام المبادرة في الحل السياسي، بغض النظر عن الغرب، ورغماً عنه إنْ تطلب الأمر. من بين أمثلة عديدة، تكفي الإشارة في هذا السياق، إلى افتتاحية قاسيون رقم 937 الصادرة بتاريخ 28/10/2019 بعنوان: «أستانا تقود الحل... واشنطن خارجه»، والعنوان وحده يكفي دون إطالة في الاقتباسات. كما كرر الحزب دعوته هذه في عدة مفاصل، أهمها: قمة طهران الأخيرة لثلاثي أستانا، حيث أكد في حينه د. قدري جميل أمين الحزب يوم 21/11/2022، قبل يوم من انعقاد القمة على: «ضرورة أخذ أستانا زمام المبادرة في تنفيذ الحل السياسي في سورية، والذي يمر حصراً عبر تطبيقٍ كاملٍ للقرار 2254 وعبر تفاوض مباشر بين وفدين مؤهلين من المعارضة والنظام».

مع طي صفحة النسخة العشرين من اجتماعات أستانا، والتي جرت قبل أيام، يمكن القول: إنّ شروط انتقال أستانا إلى مهمتها الأعلى- السياسية، قد اكتملت؛ فإذا كانت مهمة وقف إطلاق النار قد استهلكت عدة أعوام حتى تمّ إنجازها، وكذا عمليات التحضير للحل السياسي، بما فيها إنشاء اللجنة الدستورية الذي جرى كنتيجة لمؤتمر سوتشي الذي رعته أستانا، فإنّ مجمل الظروف اليوم، الدولية والإقليمية والداخلية، باتت جاهزة للنقلة التالية؛ أي لتنفيذ الحل السياسي وفق القرار 2254.

 

لا تقتصر الظروف المعنية بالتراجع الأمريكي المتعاظم، بل وأيضاً بارتفاع مستوى التفاهمات والتقاربات بين الدول الأساسية في المنطقة، وضمناً تركيا وإيران والسعودية ومصر، وبينها وبين كل من الصين وروسيا، وخلافاً للمصلحة الأمريكية- الصهيونية.

إنّ المهمة الموضوعة الآن على طاولة أستانا، هي أن تحقق بالتوازي كلاً من الحل السياسي وفق القرار 2254، وانسحاب القوى الأجنبية بما يحقق وحدة سورية أرضاً وشعباً؛ فتحقيق استقرار مستدام في سورية وبالنسبة لجوارها (عدا الكيان الصهيوني المعني بتعميق عدم الاستقرار في سورية)، لا يمكن أن يتم دون تحقيق كلٍ من المسألتين، وبالتوازي؛ أي الحل السياسي القادر على توحيد الشعب السوري مجدداً، وخروج القوات الأجنبية المفضي لإعادة توحيد الأرض السورية.

بالملموس فهذا يعني:

  • البدء بعملية التفاوض المباشر بين وفدين مؤهلين، يتم خلالها، وضمن آجالٍ منطقية، ومن بين عدة توافقات، التوافق على تعريف جسم الحكم الانتقالي ومهامه وصلاحياته وتشكيله. وأفضل مكان لعملية التفاوض هذه، بل والمكان المنطقي لها، هو دمشق، وليس أي مكان آخر، مع تأمين الضمانات اللازمة لذلك.
  • مباشرة جسم الحكم الانتقالي الذي هو أحد المخرجات الأساسية لعملية التفاوض المباشر عمَله، بالتوازي مع تجميع وضبط السلاح، وبدء انسحاب القوى الأجنبية.
  • يعمل الجسم الانتقالي على قوانين جديدة للإعلام والأحزاب والانتخابات، ويباشر بحل قضايا المعتقلين والمفقودين.
  • يبدأ الجسم الانتقالي عمليات إعادة الإعمار الأساسية، خاصة البنى التحتية، بالتعاون مع أستانا ومع الصين، وتحضير الظروف السياسية والأمنية لعودة واسعة طوعية للاجئين السوريين.
  • استئناف عمل اللجنة الدستورية لكتابة دستور جديد، مع عقد مؤتمر وطني لدعم عملها.
  • إجراء الانتخابات بأنواعها، إيذاناً بإتمام عملية الانتقال السياسي.

يجري استكمال انسحاب القوات الأجنبية من البلاد قبل إجراء الانتخابات، وتكون دول أستانا ضامنة للتنفيذ.

إنّ فرصة انتزاع الحل السياسي، وعبره استعادة استقلال وسيادة سورية، من الغربي ومن الأمريكي والصهيوني خاصة، باتت فرصة واقعية وقابلة للتحقيق. وبكلامٍ آخر، فإنّ فرصة عودة سورية إلى الحياة باتت قابلة للتحقيق في ظل الظروف الدولية والإقليمية الجديدة، ولكن هذا كلّه يتطلب إرادة وطنية جادة، ويتطلب تنحية المصالح الضيقة للمتشددين من كل الأطراف، وهو ما ينبغي أن يتم، وما سيتم، بطريقة أو بأخرى.

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1128
آخر تعديل على الأحد, 25 حزيران/يونيو 2023 23:51