رأي في مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية- الرؤية والمهام

رأي في مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية- الرؤية والمهام

بعد أكثر من 15 عاماً على انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية، و12 عاماً على انفجار الأزمة السورية، ومع كل ما جرى من أحداث عاصفة في هذه المدة الزمنية، يقدّم حزب الإرادة الشعبية مشروع برنامجه الحزبي ليكون انعكاساً لوزن المهمّة، وضرورة اللحظة، وخط نظر للمستقبل القريب، حيث يقرّر الحزب رؤيته وخطَّه السياسي والحلول لتغيير واقع محلّي أنتج ما أنتج من أزمات.

حول الأساس- الرؤية

إنّ رؤية حزبنا كانت دائماً انعكاساً لحركة سير التاريخ؛ فهي تمتاز دائماً بمقاربة اللحظة واستقراء المستقبل دون الوقوع في فخّ الجمود، إلا أنّ ما يصحّ قبل عشرين عاماً يصبح قديماً اليوم، فإنّ ما يجب الوقوف عنده بشكلٍ جدّي هو الفقرة 18 من الرؤية: «عمليّة الفرز هذه وعبر الحلّ السياسي، هي الطريق الوحيد لإنجاز الاستحقاقات التاريخية المطلوبة، والمتمثّلة في الحالة السورية بإنهاء الكارثة وباستعادة وحدة البلاد، ووحدة شعبها واستقلالها، وسيادة شعبها عليها، وصولاً إلى الثورة الوطنية الديمقراطية المعاصرة، ثورة تندمج فيها مهام الثورة الوطنية الديمقراطية بطابعها السياسي- الديمقراطي مع المهام الاجتماعية الطبقية العميقة».
وفي الفقرة 19: «فــي دول الإمبرياليــة، تظهــر المهمّــة بشــكل تحقيــق الثــورة الاشــتراكية الجديــدة، الاشــتراكية فــي القــرن الحــادي والعشــرين المســتندة إلــى كل إيجابيــات التجــارب الســابقة والواعيــة لجميــع أخطائهــا».
إذاً، ثورة وطنية ديمقراطية معاصرة للأطراف؟ وثورة اشتراكية للمركز الإمبريالي؟ أي أنّ تحقيق الاشتراكية، ليس على المدى المنظور في سورية، وأنه لأجل هذا نحتاج لفترة انتقالية، تسمّى الثورة الوطنية الديمقراطية، وهي ستكون برجوازية على كل حال، وإنْ كان مفهوماً في سياق بداية الأزمة أنْ يكون ضمن تكتيك البرنامج أنْ يضع صيغاً تفاوضية، فكانت لهدف إعادة بناء النظام البرجوازي نفسه في سورية كي لا يلتهم نفسَه ويلتهمَ البلاد معه. أمّا وقد التهمَ نفسَه والبلدَ، وفقدَ أيَّ ارتباطٍ اجتماعي بعموم المفقَرين في سورية، وبالوقت نفسه تنهار سمعة البورجوازية وقدرتها على التحكّم في العالَم، فإنّ تنفيذَ 2254 هو حدٌّ أدنى ممّا يمكن تحصيلُه، والذي حصّلناه عمليّاً وما بقي ارتداداته على الأرض. بينما الحدّ الأعلى هو الانقلاب على البرجوازية نفسها قبل أنْ تنقلبَ على الجميع، وتعيدَ بناء النظام من جديد وتَضيع اللحظةُ التاريخية.
أمّا نحن، فنقبل بتوزيع 50% للأجور و50% للأرباح ونقبل تقاسم السلطة مع البرجوازية على المستوى المحلّي والمستوى الدولي؛ إنه لمن الخطأ الجسيم إبقاء هذه الفقرة لأننا تجاوزناها، فإنه مع تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وفي ظلّ التغيّرات الكبرى الحاصلة منذ العملية العسكرية الروسية وما قبلها، أصبحَ تحقيقُ هذا الهدف تحصيلَ حاصل، فماذا بعد؟ إنها اللحظة التي تلي تنفيذَ هذا القرار، هل ستسمح لنا البرجوازية السورية وامتداداتها الإقليمية والدولية بالحفاظ على هذا الوضع، رغم أنّ كلَّ تجارب «الربيع العربي» قد انتهت لحكم مشابهٍ لنماذج ما قبل الحراك، وأغلب الديمقراطيات، أو ما يسمى الديمقراطيات البرجوازية في دول الأطراف، والتي تستند ديمقراطيّتها الشّكلية على الحافّة؛ ما إنْ يدفعها الأمريكيّون حتى تندلعَ حربٌ أهلية، أو تقوم جهةٌ بالاستيلاء على كامل السلطة كما في تونس.
إن كلّ سلطة برجوازية ليست حرّة، وليست شعبية، وليست ديمقراطية طالما أنّ العملَ المأجور يسود ضمن النظام. إنّ العمل في الديمقراطية البرجوازية أفضل من العمل في الاستبداد، وهذا لا خلاف عليه، ولا خلاف على أننا نحتاج لإعادة توزيع الثروة والسلطة في مرحلة ما من أجل تغيير ميزان القوى المحلي في سبيل الثورة الاشتراكية، لكن ليست هذه هي فقط مهمّة الحزب. إنّ مهمّة الحزب هي تحقيق الشروط، وخلقها، وإعادة تجميع القوى الشعبية بالاستفادة من الأفق الذي سيفتحه الانتقالُ الديمقراطي الاضطراري المؤقَّت في البرجوازية، لأجل إنجاز مهمّتَين متلازمتَين: التحرّر الوطني بمعنى الصراع الطبقي على المستوى الدولي، والبناء الاشتراكي الديمقراطي لضمان الديمقراطية للطبقة العاملة.

مواضيع أخرى بحاجة لتطوير وإضافة وتعديل

أولاً: الضمان الاجتماعي جاء بصيغة الضمان الصحّي فقط، بينما هو مفهوم أوسع من ذلك؛ فالضمان الاجتماعي هو حزمةٌ كاملة من الميزات الاجتماعية التي تبدأ من حقّ ضمان معيشة العاطلين عن العمل، إلى الحق بالتدفئة، الحق بتوفير مستلزمات ومعيشة غير القادرين على العمل، الحق في الحصول على التقاضي للفئات الفقيرة، والحق في تمويل تربية الأطفال، حيث تضمن الدولة للأهل الحصول على رواتب للأطفال ووجبات في المدارس، الضمان الاجتماعي نفسه يضمن قدرة المدارس على تربية الجيل من خلال سياسة ثقافية متَّفَق عليها، ليكون لدينا جيلٌ يحترم القانون ويحترمه القانون، وهو الضمان الرئيسي لعودة الآلاف من الخبرات التي غادرت الوطن، مقابل الضمان الاجتماعي الموجود في دول المركز الإمبريالي.
وهذا يمكن تمويله من خلال فرض ضرائب استثنائية على أصحاب الأرباح ومن خلال الدعم الحكومي، ومن خلال أجور حقيقية قادرة على دفع مستحقّات حقيقة لصناديق التعاون الاجتماعي الصحّي وغيرها.

أخيراً: الحزب

تقول الفقرة التي تخصّ الحزب: إنّ الحزب يسعى ليكون الطليعة الواعية؟ هذا يعني أنه ليس طليعة واعية؟ هناك خطأ بالتوصيف؛ حزبُ الإرادة الشعبية هو الطليعة الواعية، ولكنه لم يحصل بعد على ما يكفي من اعتراف الطبقة العاملة به كممثّل لها، وإنه يسعى لأجل نيل اعتراف الطبقة العاملة لأجل ديمقراطية الطبقة العاملة، حيث لا عمل مأجور ولا عبودية لا أزمات اقتصادية واجتماعية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1125
آخر تعديل على الإثنين, 05 حزيران/يونيو 2023 14:41