لماذا يتصاعد الحديث عن الاشتراكية في روسيا؟

لماذا يتصاعد الحديث عن الاشتراكية في روسيا؟

خلال لقاءٍ له مع قيادات أحزاب الدوما الروسية، يوم الثلاثاء 7 من الجاري، وفي نقاشٍ مع غينادي زيوغانوف زعيم الحزب الشيوعي الروسي، قال بوتين: «لا يوجد أي خطأ في الفكرة الاشتراكية، القضية هي في كيفية تنفيذها في المجال الاقتصادي». وفق ما نقل موقع وكالة الأنباء الروسية إنترفاكس.

لماذا يتصاعد الحديث عن الاشتراكية في روسيا؟

وأضاف: «بالنسبة للفكرة الاشتراكية، فليس هنالك فيها أي خطأ، المسألة هي مضمونها، كيف يمكن ملؤها؟ خاصة في المجال الاقتصادي».
«أما بالنسبة لمشاركة الدولة [في الاقتصاد]، فهذا عموماً أمر موضع نقاش. هنا السؤال هو أيضاً: أين وإلى أي مدى ينبغي أن تشارك الدولة، وبأي شكل، وكيف ينبغي أن تنظم الدولة أنشطتها في المجال الاقتصادي. حسناً، نحن جميعاً، بالطبع، سنقرر ذلك في سياق المناقشات، وأنا أنطلق من حقيقة أنه إذا فهمنا أن الشيء الرئيسي هو مصالح الشعب والبلد، فسنجد هذه النتائج».

سيفكوف: التحول إجباري!

حديث بوتين الإيجابي عن الاشتراكية، ليس الحديث الوحيد في روسيا حولها، ولكنه بالتأكيد يعكس حقيقة أنّ الفكرة وأنّ «الشبح»، عاد يطوف بقوة وثبات، بما في ذلك فوق الكرملين نفسه.
وكي لا نقفز إلى الاستنتاجات، ينبغي وضع الأمور في نصابها، عبر استحضار مقابلة كانت قاسيون قد ترجمتها منذ أيام ونشرتها على معرفاتها الالكترونية، مع د. قسطنطين سيفكوف، الدكتور في العلوم السياسية- العسكرية، ونائب رئيس الأكاديمية الروسية لعلوم الصواريخ والمدفعية.
في المقابلة، يشرح سيفكوف تصوره عن طبيعة التوجه الذي سلكته روسيا خلال العقدين الماضيين، ابتداءً من العمل للوصول إلى سياسة خارجية مستقلة، ووصولاً إلى الصدام الحالي.
ويخرج بمجموعة من الاستنتاجات، بينها أنّ طبيعة المواجهة نفسها، ستفرض على روسيا السير في طريق محدد بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي، ابتداءً من أن روسيا وفي ظل العقوبات غير المسبوقة، ستكون مضطرة لوضع اليد بما في ذلك التأميم، على الموارد والثروات الاستراتيجية كلها، وكذلك على الصناعات الاستراتيجية الأساسية.
وأيضاً يشرح سيفكوف، أنّ عنصر المواجهة الأساسي للغرب مع روسيا سيكون في روسيا نفسها، وخاصة باستخدام الحرب الهجينة والثورات الملونة، والتصدي لهذا الأمر يتطلب بالضرورة استعادة العدالة الاجتماعية.
ويقول سيفكوف، إنّ هذه الإجراءات بمجملها هي ذاتها الاشتراكية، ولكن بالتأكيد ليست الاشتراكية التي رأيناها في عهد بريجينيف أو غروباتشوف، ولكن نسخة جديدة منقحة ومحسنة.
وربما بين أهم ما يشير إليه سيفكوف في مقابلته هذه، هو أنّ طبيعة المواجهة ودرجة حدتها، ستفرض ليس على روسيا كبلد وكشعب فحسب، بل وعلى القيادة الروسية أيضاً، السير في هذا الطريق نحو النهاية، ويقول حرفياً، أنه إذا لم يتم ذلك فإنّ هذه القيادة نفسها «ستختفي مع اختفاء روسيا نفسها».

أصل المسألة

يكمن أصل المسألة في مقولة لينين التي ما تزال سارية المفعول حتى اللحظة: «الشعوب وفي إطار نضالها الوطني ضد الإمبريالية، ستندار ضد الرأسمالية في بلدانها».
وهذا ما يجري مع روسيا اليوم، والإجراءات التي يجري اتخاذها ضد الأوليغارك، وضمناً ضد «الوكالة اليهودية»، هو جزء من هذه المعركة الشاملة، والإجبارية.
فمنع تفتيت روسيا من الداخل، يتطلب بالضرورة وضعاً اقتصادياً اجتماعياً جيداً لعموم الناس، وحتى إن احتدت المواجهة وبات الوضع أكثر صعوبة مما هو الآن، فينبغي أن يكون لدى عامة الروس قناعة بأنّ التكلفة يجري اقتسامها بشكل عادل، وهذا غير ممكن إطلاقاً في ظل توزيع الثروة القائم، والذي يبتلع وفقه أساطين المال والأعمال الحصة الكبرى من الناتج.
وفي الجانب الاقتصادي والعسكري الصرف، فإنّ تعبئة قوى البلاد للمعركة، لا يمكنه أن يتم بحال من الأحوال مع استمرار النهب واستمرار الأوليغارك بمصّ دم البلاد وشعبها... هذا كله يؤدي في النهاية المؤدى نفسه، وعبر عملية صراعٍ بدأت، وستحتدم مع الوقت.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1078
آخر تعديل على الثلاثاء, 12 تموز/يوليو 2022 19:23