افتتاحية قاسيون 1070: عن أزمة الكيان وأزمتنا!

افتتاحية قاسيون 1070: عن أزمة الكيان وأزمتنا!

يشكل اغتيال شيرين وما تلاه من هجوم على نعشها، ومن ثم ردود الأفعال عليه، جانباً واحداً من صورة أوسع وأشمل للأزمة الوجودية التي يعيشها «الكيان الإسرائيلي».

جذور هذه الأزمة تبدأ من لحظة تشكيله، ومن ثم استمراره كآخر أنظمة الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري المتبقية على وجه الأرض، ووصولاً إلى المفصل الأوكراني الذي يطحن الآن الكيان بين مسنناته...

بالإطار العام، فإنّ أوكرانيا كما قلنا مراراً: هي رأس جبل الجليد؛ ذلك الجبل الذي يمتد عميقاً وصولاً إلى تغيير تاريخي وحاسم في توازن القوى الدولي؛ تغييرٍ تتقوض وتتآكل ضمنه سطوة الغرب التي امتدت لما يقرب أربعة قرون، وبإحداثياتها المختلفة، بما في ذلك طبيعة النظام السياسي الدولي ومؤسساته، والأحلاف العسكرية (أي الناتو عملياً)، والمنظومة المالية والاقتصادية (التبادل اللامتكافئ والدولار)، وصولاً إلى الأزمات الإقليمية المعلقة وحلها. ومشروع «إسرائيل»، كان ولا يزال مشروعاً غربياً بحتاً، يتراجع بتراجع الغرب، ويتآكل ويتقوض بتآكله، وهذا ما نعيشه ونراه اليوم.

بالإطار الخاص، فإنه يضاف إلى ذلك أنّ الدور «الإسرائيلي» والصهيوني في أوكرانيا نفسها، بات علنياً وواضحاً؛ حيث يقاتل «الإسرائيلي» جنباً إلى جنب مع الكتائب النازية، ويدعمها بكل الوسائل، فيما باتت حرباً مفتوحة ووجودية، بعد أن حاول الكيان في البدايات التنكر بدور الحياد والوساطة.

بأخذ هذين الإطارين معاً، وفوقهما مقاومة الشعب الفلسطيني التي لا تنفك تتعاظم رغم كل محاولات إخمادها، فإنّه بات أكثر من واضح أن أزمة الكيان قد وصلت مرحلتها الوجودية...

بالإطار السوري، فإنّ انعكاسات ذلك تظهر في جملة أمور بينها:

أولاً: إنّ التغيّر الذي يجري عالمياً، وانعكاساته، لن يطال الكيان وحده، بل سيطال مجمل المنظومة الإقليمية القائمة منذ عقود؛ ذلك أنّ هذه المنظومة اشتقت استمراريتها من معادلات محددة كان السائد فيها هو الهيمنة الغربية والبلطجة «الإسرائيلية».

ثانياً: إنّ السائرين في ركب الغرب بشكل علني أو مخفي من المتشددين السوريين، سواء عبر اصطفافهم السياسي المعلن، أو عبر الإجرام الليبرالي الجديد المتسول على عتبات صندوق النقد والبنك الدوليين، قد باتوا أمام حائط مسدود. وكل آمالهم في الالتفاف على حل سياسي حقيقي على أساس القرار 2254، وكل ما «يبذلونه» في هذا الإطار، وما يقومون به من ألاعيب، محكوم بالفشل.

ثالثاً: الجانب الخطر في المسألة، هو أنّ الكيان وفي ظل أزمته الوجودية فإنه سيستنفد كل أدواته في منطقتنا، واتجاه بلدنا خاصة على أمل منع المحتوم؛ يشمل ذلك العمل المسعور من جانبه ومن جانب من يتقاطع معهم بالهوى الغربي، في تعميق الجراح السورية إلى الحد الأقصى، باتجاه تجريف الشعب السوري من أرضه، وزرع مستقبله بشتى أنواع الألغام، بما فيها من انخفاض هائل في كم ونوع المنتجين في سورية، بل وفي المستوى الصحي والنفسي والاجتماعي للسوريين، ووصولاً إلى تخفيض وسطي العمر المطلق لهم...
هذا كله يستدعي تعاوناً مكثفاً من الوطنيين السوريين لوضع حدٍّ للكارثة، وللاستفادة من الظروف الدولية بما يخدم مصلحة سورية وشعبها، وبالذات عبر السير سريعاً نحو الحل الشامل عبر 2254، الذي هو وحده بات المدخل نحو إعادة توحيد السوريين، وبما يفتح الباب أمام تكون الإرادة السياسية الحقيقة للتوجه شرقاً، سياسياً واقتصادياً، والتي لا يمكن بحالٍ من الأحوال، أن تتبلور في ظل هيمنة المتشددين والحرامية الكبار وتجار الأزمات...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1070
آخر تعديل على الأحد, 15 أيار 2022 22:11