مداخلة الرفيق مهند دليقان خلال اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف

مداخلة الرفيق مهند دليقان خلال اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف

بدا من الكلمات التي ألقيت البارحة، والتي كانت كلمات إيجابية من الطرفين، أنّ عقدة (تعديل أم تغيير) قد تم تجاوزها أخيراً وبعد مناكفة طويلة حولها، وهي مناكفة لم يكن لها ضرورة من الأساس، لأنّ بيان سوتشي الذي أسس لقيام هذه اللجنة لم يقل بالتعديل ولا بالتغيير، بل قال بالإصلاح الدستوري الذي يمكن له أن يشمل الحالتين، ولذا فإنّ الإصرار على نقاش المسألة بهذه الطريقة هو نقاش لجنس الملائكة، وهو وضع للعربة أمام الحصان، وهو ابتعاد عن جوهر المسألة، المطلوب منا جميعاً أن نتفق على مفهوم الإصلاح الدستوري بالملموس، ما الذي يعنيه، ما الذي تحتاجه سورية في الإطار القانوني الدستوري ليس للخروج من أزمتها الحالية فحسب، بل ولمنع تكرار مثل هكذا أزمة، عبر حلول جذرية عميقة تفتح أفق التطور والنمو والتنمية إلى الحدود القصوى التي تلبي حاجات الناس المتنامية باستمرار.

لا يكاد يخلو دستور من الدساتير السورية المتعاقبة، بل ومن أي دستور من الدساتير حول العالم من عبارتي: (السيادة للشعب، حكم الشعب بالشعب وللشعب)، وهما عبارتان ترقيان إلى مستوى المبادئ الدستورية الأساسية، أو ما يسمى أحياناً بالمبادئ فوق الدستورية. ولكن كيف يمكن أن تضمن بقية مواد الدستور وأبوابه المختلفة، ألا تكون هاتان العبارتان مجرد شعارين لفظيين دون تطبيق فعلي؟ هذا أيضاً سؤال كبير أعتقد أن بين مهامنا الأساسية الإجابة عليه.
كذلك تتحدث الدساتير عن ممارسة الشعب لسلطته عبر ممثلين منتخبين، ولكن الضمانة الفعلية لأن يكون هؤلاء المنتخبون ممثلين فعليين للناس، لا تتعلق فقط بنزاهة الانتخابات وبوجود مراقبة دولية عليها مثلاً، بل ربما أهم من ذلك، ما هي تركيبة المجالس المنتخبة؟ وما هي صلاحياتها الحقيقية وكيف يتم انتخابها؟ ما هي قوانين الانتخاب وأنظمته على المستويات المختلفة؟ وكيف يمكن للناخبين عزل المنتخب ومحاسبته إذا نكث بوعوده وخان ثقتهم، قبل انتظار دورة انتخابية جديدة؟ هذه مسائل تحتاج إلى إجابة في الدستور نفسه، وليس في قوانين يحيل إليها الدستور، لتفسيره.
علينا أيضاً أن نجيب عن سؤالين مترابطين، السؤال الأول هو كيف يمكن تحقيق اللامركزية ضمن المركزية؟ كيف يمكن للسوريين في مختلف المناطق السورية مراقبة الأجهزة التنفيذية بشكل مباشر ومساءلتها؟
السؤال الثاني، كيف ينبغي أن تكون علاقة السلطات الثلاث ببعضها؟ وكيف ينبغي أن يكون توزيع الصلاحيات بينها، بعد مرحلة طويلة من التوزيع المشوّه للسلطات والذي وصل إلى حد منع أي تطور في قدره جهاز الدولة ككل على التماشي مع تطور المجتمع، ناهيك عن القدرة على تمثيله؟
الفكرة الأخيرة التي أود طرحها، هي أنّه من الجيد أن اللجنة الدستورية قد انطلقت هنا في جنيف، ولكن دستور سورية يجب أن يكتب في دمشق، وبما أن القواعد الإجرائية المتفق عليها تتضمن في فقرتها الرابعة تأمين أعضاء اللجنة وعائلاتهم وإلخ.. فلا أظن أن هنالك مانعاً من أن يكون اجتماعنا القادم في دمشق، بل أعتقد أنّ من الضرورة بمكان أن يكون الاجتماع القادم في دمشق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
938