التحالف الأمريكي واستهداف المدنيين !
سمير علي سمير علي

التحالف الأمريكي واستهداف المدنيين !

منذ أن بدأ التحالف الدولي بقيادة أمريكا عملياته في سورية، في الربع الأخير من عام 2014، زاعماً استهداف الإرهاب وتنظيم «داعش»، ظهرت نتائج هذا الاستهداف على مستوى تزايد أعداد الضحايا من المدنيين، والمزيد من تدمير البنى التحتية، في حين ازداد توسع التنظيم الإرهابي، واشتدت عزيمته.

آخر ما حُرّر بشأن استهداف المدنيين من قبل طائرات التحالف كان ما جرى يوم الخميس 25/5/2017 حيث قامت طائرات التحالف الدولي بقصف حيي الدرعية والومانية، بمدينة الرقة، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين في الحي الأول، واثنين آخرين في الثاني، إضافة إلى إصابة مدنيين آخرين بجروح.
وبتاريخ 24/5/2017 كانت حصيلة ضحايا القصف الجوي من التحالف الدولي على مدينة الميادين في ريف دير الزور 35 قتيلاً، بينما ارتفعت حصيلة الضحايا في قرية البارودة بريف الرقة إلى 16 قتيلاً، كما لقيت عائلة حتفها بقصف من التحالف في محيط بلدة حمرة الناصرة بريف الرقة الشرقي.
ضحايا جانبيون
كثيرة هي الأمثلة عن الضحايا المدنيين على طول خطوط المعارك المزعومة من قبل التحالف في مواجهة «داعش» منذ عام 2014 وحتى الآن، والذين تجاوز عددهم الآلاف، من البوكمال شرقاً مروراً بدير الزور وصولاً للرقة، وليس انتهاءً بعين العرب في الشمال السوري، حيث خلفت عمليات قصف التحالف العديد من أبناء هذه المنطقة المتسعة من المدنيين كضحايا على طول اتساع رقعتها الجغرافية، بالإضافة لما يلحقه هذا القصف من دمار، وما يتبع ذلك من عمليات نزوح وتشرد.
السوريون في هذه المناطق الذين عانوا ما عانوه من مواجهة مستمرة مع التنظيم الإرهابي، وعناصره وهيئاته «الشرعية»، مازالوا، لم يسلموا من بطش التنظيم وتنكيله وتحكمه بحياتهم ومعاشهم، كما لم يسلموا على أمنهم وسلامتهم جراء المعارك التي يخوضها هذا التنظيم في مدنهم وبلداتهم وبمحيطها، وأخيراً أصبحوا ضحايا جانبيين، وفقاً لمنظور التحالف بالقيادة الأمريكية، على إثر استهدافهم بالقصف من قبل طائرات هذا التحالف، هكذا..
استكمال مهمة التخادم
وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما قام به التحالف الدولي بقيادة أمريكا من تدمير ممنهج لغالبية الجسور على نهري الفرات والخابور، وخاصة في دير الزور التي لم يسلم فيها ولا جسر، والاستهداف المباشر للبنى التحتية والمرافق العامة في هذه الرقعة الجغرافية الممتدة، بمدنها وقراها وبلداتها، والاستثمار العملي والمباشر لهذا الاستهداف من قبل التنظيم الإرهابي «داعش» لمصلحته، سواء عبر توسع نفوذه وسيطرته على بعض المناطق، أو عبر الاستفادة من الثغرات المفتوحة من أجل إعادة توزيع وتمركز قواته، أو إعادة انتشارها في المناطق الأكثر أمناً؛ يتبين حجم التخادم بين هذا التنظيم الإرهابي وبين دور قوات التحالف بقيادة أمريكا.
سعي أمريكي يائس
والنتيجة أن أمريكا بادعائها المزعوم عن أنها تقوم بمواجهة التنظيم الإرهابي، فهي عملياً تسعى يائسة من خلال دورها في التحالف أن تعزز من وجودها في الداخل السوري، وتوسع من دورها على مستوى الحرب والأزمة الطاحنة، والأهم هو: ما تسعى لتحقيقه من استمرار توتير الأجواء ميدانياً، عسى أن تحصد بعض المكاسب على المستويات الأخرى، وخاصة السياسية بما يتعلق بالحل السياسي ومساعيها الفاشلة من أجل عرقلته أو تأخيره قدر الإمكان، وربما بعض المكاسب الجيوسياسية الإضافية الموهومة في المنطقة، طبعاً مع عدم إغفال بقية وسائلها وأدواتها الفاعلة، بكل هذه الاتجاهات، سواء عبر التحكم المباشر، أو عبر التحكم غير المباشر، بالحلفاء والأتباع والمأجورين والمرتزقة، محلياً وإقليمياً ودولياً، والتي يتم استنزافها تباعاً، دون أية جدوى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
812