هجوم معاكس!

هجوم معاكس!

أخذ الهجوم على الحل السياسي أشكالاً مختلفة، ومر بمستويات متعددة، فمن رفضه، والهجوم السافر عليه، ثم التشكيك بإمكانية تحقيقه، إلى وضع شروط مسبقة عليه ومحاولة التحكم بنتائجه، إلى القبول به قولاً، ومحاربته فعلاً، إلى محاولة سرقة رايته، واحتكار تمثيله، والالتفاف عليه، ومحاولة وأده في المهد، كل هذا، وكما يبدو نسق متكامل، يختزل موقفاً رافضاً للحل، بغاياته، وأدواته، وجوهره، وروحه.

 

 

وبعد التقدم الذي أحرزه أنصار الحل السياسي ودعاته، على جبهة معركة الحل السياسي، وعجز قوى الحرب عن إعاقة استكمال أطره، وبناه، وأدواته التنفيذية، وبعد أن انكسرت كل محاولات التمترس في خندق الحرب، التي تتوجت بانعقاد الجولة الرابعة لمفاوضات جنيف 3، تحاول قوى الحرب تنظيم هجوم معاكس على الحل السياسي، وضمن ساحته «مفاوضات جنيف» يشمل عنوانين أساسيين في هذه الجولة، وهما:

الهجوم على منصة موسكو، سواء بمحاولة تجاهلها، أو إلحاقها بوفد الهيئة العليا، أو عزلها، أو تشويه مواقفها. أو تضخيم إعلامي لدور منصة الرياض، مما منع عملياً تشكيل وفد واحد للمعارضة، وبالتالي إيجاد عائق أمام مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، كل ذلك ليس تعدياً على حق مشروع للمنصة، منصوص عليه في القرارات الدولية فحسب، بل لأن منصة موسكو، هي: أهم طرف من الأطراف المتمسكة بالحل السياسي، والقرار 2254 وتعمل لأجله، منذ بداية الأزمة، حتى اقترن الحل السياسي باسمها لدى قطاعات شعبية واسعة، ولأنها الطرف الوحيد الذي يمتلك برنامجاً متكاملاً للحل، وبرنامج اليوم الأول لبناء سورية الجديدة، ولأنها طرف مستقل عن النفوذ الإقليمي والدولي، كما يفترض بأية قوة معارضة جدية.

الالتفاف على القرار 2254، باعتباره خارطة طريق الحل السياسي، سواء بمحاولة تجاهله، أو وضعه في الدرجة الثانية بالنسبة للقرارات الدولية الأخرى ذات الشأن، أو تأويله وتفسيره، كما يحلو لخصوم الحل، أو العودة الى الجدل في الأولويات، واصطناع تعارض بين بنود العملية السياسية التي ينص عليها القرار بوضوح «التغيير، مكافحة الإرهاب، إيقاف الكارثة الإنسانية» التي لا يمكن إنجاز إحداها دون الأخرى. 

إن القوى الخائرة، المهزومة، على جبهة هذه المعركة المقدسة، معركة الحل السياسي، معركة بقاء سورية من عدمها، وبكل ما تمتلك من بقايا قوى متهالكة، إعلامياً، ونفوذاً دولياً، واقليمياً تستكمل اليوم من خلال الهجوم على منصة موسكو، والقرار 2254، مشروعها في استمرار الحرب، مستندةً إلى أوهام قديمة –جديدة، كشفت تطورات الأزمة بالملموس عن خطئها وبؤسها، ولا أخلاقيتها، وهو ما يتناقض مع التوازن الدولي الجديد، الذي بات واضحاً، أنه يحكم كل العمليات الجارية في عالم اليوم، ويحدد مسار الأحداث، ويتناقض أيضاً، مع مصالح الشعب السوري التواق إلى حل الأزمة، حلاً شاملاً، بما في ذلك حقه في التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.   

معلومات إضافية

العدد رقم:
799