كمال مراد كمال مراد

الشعوب ترفع صوتها بوجه الطغاة

وتبقى المقاومة هي القمة!
مع تصاعد العدوان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشهد مدن وعواصم العالم أشكالاً مختلفة من التعبير عن الرفض الشعبي للمجازر البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الباسل، والذي يسطر عبر انتفاضته الوطنية المجيدة ملاحم جديدة في التصدي للعدوان تضاف الى المآثر الكبرى في العصر الحديث، من كومونة باريس.. الى صمود ستالينغراد.. وفيتنام البطلة.. لتعيد الأمل والثقة بإرادة الجماهير في التصدي لأدوات «النظام العالمي الجديد».. في زمن تُنتهك فيه أبسط القيم الانسانية، وحق الحياة للبشر...

احتجاج.. وقمع
ومع تصاعد أشكال الاحتجاج والرفض للعدوان.. تُوغل العديد من الأنظمة العربية في قمع جماهيرها تلبية لرغبة أسيادها الأمريكان والصهاينة.. سقط على الأراضي العربية العديد من شهداء الحرية الذين لايملكون إلا الصرخة والهتاف تضامناً مع اخوتهم الفلسطينيين..

(مع الخجل الشديد)!
وتبين (مع الخجل الشديد)، أن هناك أراضٍ «لاتتكلم العربي».. كان لها موقف واضح ورافض للذبح الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.. حيث قطعت برلمانات بعض تلك الدول علاقاتها مع الكيان الصهيوني وطردت سفراء ذاك الكيان (مثل بلجيكا).. لدرجة تغنى البعض بهذه المفارقة:

«بلجيكا ياحبيبتي.. أعدت لي كرامتي.. أعدت لي عروبتي»!!!..

حقد على أمريكا.. وقتل
هذا ماجرى تماماً، في الوقت الذي أثنى به مليك البحرين على فتاوى الأئمة الكبار، بعد أن توضأ بدم الشاب محمد جمعة، المعادي للصهيونية ولسفارة بوش الابن، باعتبار التعبير عن الغضب الشعبي بضرب الحجارة والبندورة والبيض الفاسد على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية اعتداء على الحرمات!!... ودعا مبارك السادات حسني لضبط النفس والحفاظ على القنوات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني رأفة بالعرب والفلسطينيين، ليبقى علم الاحتلال يمد لسانه بوجه الشعب المصري من على سطح سفارة شارون في القاهرة.. ليزيد القهر قهراً...

رانية.. وحمزة..
وترتدي «رانية» مليكة الأردن الشماخ الفلسطيني المعطر بخيانة ابن الحسين، ودم الطفل الاردني ابن السنوات العشر «حمزة فؤاد شبانة».. بعد أن استباح بعلها المليك دمه عربون وفاء للسفارة الصهيونية على تراب الاردن الأبية... دون أن تنسى الابتسامة الرقيقة التي تليق بالملكات في زمن الأنتيكات..

وتوكل في العواصم العربية مهمات القمع لأبسط أشكال التعبير عن الغضب إلى قوات مكافحة «الشغب»!!.. نعم الشغب.. ويدعون أطفال الحجارة لوقف «إرهابهم» بحق المدرعات والجنود المدججين بالموت... نعم لقد خجل الخجل...

«باول».. وإدارته الوقحة
وتقرأ الإدارة الأمريكية المخاطر الكبرى التي تسببها الأجساد الاستشهادية بوجه الـ «ميركافا» بأنها تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة.. على عجل فتر سل مبعوثها «باول».. ولاترى «دولة الحرية» ركام البيوت الفلسطينية المجبولة بأشلاء الفلسطينيين تحت وابل من القصف السماوي والأرضي.. بعد أن ضاعت ملامح الطرقات والوجوه تحت وطأة جنازير الدبابات والمصفحات الشارونية... ويأتي الـ «باول» حاملاً عصا التهديد والوعيد مستقبلاً بحفاوة من الملوك، وبازدراء من الشعب الذي خبر التآمر الأمريكي على مصير الشعوب..

صوت دمشق..
لم تكن دمشق غريبة عن التقاليد الوطنية الموروثة الأصيلة التي أرساها كفاح أبنائها على مر السنين في نضالهم ضد الاستعمار والامبريالية والصهيونية... فقد شهدت وتشهد شوارعها تظاهرات واعتصامات يومية ترفع من خلالها صوت الحق العربي في التضامن مع الأشقاء الفلسطينيين لنضالهم الباسل والجريء بوجه آلة الطغيان الصهيوني الغاشم...

فبعد أن كُرس اعتصام الخميس الفلسطيني أمام مقر هيئة الأمم المتحدة تضامناً مع الانتفاضة الباسلة قبل انعقاد مؤتمر القمة العربي، تحت عناوين: «المقاومة هي القمة» و«الإرهاب أمريكي والسلاح صهيوني» و «مشوار الميل يبدأ بإحراق علم اسرائيل».. تحول ذلك الخميس الى اعتصام يومي يضم كافة الأعمار من أطفال وشابات وشبان ونساء وكهول من قوى سياسية وتواجد ملفت للمنظمات الفلسطينية .. يبدأ الاعتصام من أمام الأمم المتحدة، لينطلق في شوارع وساحات العاصمة.. لتردد الجموع الغفيرة الشعارات الوطنية المعادية للامبريالية الأمريكية وللصهيونية المجرمة، محيية صمود الشعب الفلسطيني في انتفاضته الباسلة.. ونقرأ من هذه الشعارات:

هتافات وطنية..
(ياباول ارجع ارجع... سورية مارح تركع... فلسطين مارح تركع... الجولان مارح يركع... كولن باول إطلع بره بدي أرض بلادي حرة.. ومن فيتنام لستالينغراد.. تسطر درب الحرية... فلسطين رجالك أمجاد.. جولان رجالك أمجاد.. ماتخلوا عن هوية... الشعب بيعشق حرية... والعظمة وصلاح الدين.. رمز القوى الثورية... أمريكا حلمك مهزوم.. وعولمتك مارح تدوم... العلم السوري فوق جبال.. وعلمك اسرائيل بالنار... المقاومة هي الخيار.. الشعب العربي مابيحتار.. المقاومة درب الثوار.. ياجماهيرنا التمي التمي.. المقاومة هي القمة... جنين قلعة صمود.. جنين قلعة تحرير.. جنين أرض الثوار.. عبوابا انكتبت أشعار.. نموت ونفدي الحرية... وتبقى بلادنا أبية.. مابتهاب الاحتلال.. مهما حشدوا من أساطيل.. ومهما عملوا مابننهار...ياعبد الله مامنلومك.. خوان من يوم يومك... خاين خاين يامبارك... صهيوني بيمشي بدارك.. الشعب نزل علشارع.. مابتهمو مدافع.. فلسطيني صدرو مفتوح.. وبلادو يفدي بالروح.. عروش الخيانة بتروح.. حكام البترودولار.. عملاء الاستعمار.. بيحنو راسن للأسياد.. وعا شعبن أكبر جلاد)...

عودة التقاليد العريقة..
وقد عادت الى دمشق صور بعض التقاليد الوطنية العريقة بعد أن غابت عن الشارع السوري منذ فترة طويلة.. حيث يعبر المتظاهرون عن حماستهم بالكلمات المرتجلة وسط الحشود الجماهيرية.. وفي إحدى تظاهرات دمشق ارتجل الرفيق حمزة منذر كلمة جاء فيها:

أيتها الشابات أيها الشباب:
لسنا هنا لإلقاء الكلمات ولا بصدد توجيه التحية لمنظمي هذ المظاهرات لأن هذا واجبنا جميعاً..

ولكن من وحي هذه المظاهرات اليومية العارمة في شوارع دمشق، والتي نطمح أن تكون اكبر وأوسع تمثيلاً تحت رايات الوحدة الوطنية الشاملة والدفاع عن الوطن، ومن وحي صمود أبطال فلسطين الأماجد، ومن وحي صرخات الأمهات والجرحى والأمانة تجاه آلاف الشهداء نقول:

- من العار أن يذبح الشعب الفلسطيني بالدبابات وبالطائرات الإسرائيلية ـ الأمريكية والعرب يتفرجون.
- لم يعد يكفي الاستنكار والتنديد، هبوا للدفاع عن الشعب الفلسطيني ولا عذر لمتخاذل.
- لنضرب المصالح الأمريكية أينما وجدت، فأمريكا رأس الإرهاب وعدو العرب الأول، فمن العار على أي سوري أن يتعامل مع الشركات الأمريكية أو يشتري بضائعها.
- الإرهاب صهيوني والسلاح أمريكي والصمت على جرائم أمريكا وإسرائيل خيانة عظمى.
- لنرتفع إلى مستوى انتفاضة فلسطين ولنتمثل الوحدة الوطنية الفلسطينية.
- العار لمن يقبل بوجود الأعلام الصهيونية في السماء العربية.
- خيار المقاومة الشامل هو الطريق نحو عودة كل الأرض وكل الحقوق في فلسطين وفي تحرير الجولان وماتبقى من جنوب لبنان، وهاهي حركة التحرر العربية تعود للنهوض من جديد.
- المجد لشهيدات وشهداء الشعب الفلسطيني الذين رسموا الطريق نحو التحرير.

وتبقى المقاومة هي القمة..
كما انطلقت في يوم 16/4/ الجاري تظاهرة جماهيرية من حي ركن الدين في دمشق، وقد شاركت اللجنة الفرعية للحزب في ركن الدين بالدعوة اليها، وسارت التظاهرة باتجاه مقر الأمم المتحدة، انضم اليها المئات من المواطنين وهم يرددون الهتافات الوطنية..

اعتصامات يومية..
ويوماً بعد يوم تتوسع صفوف المتظاهرين.. وتزيد أعباء شرطة المرور وحفظ النظام.. ويزيد القلق في السفارة الأمريكية والمصرية والاردنية... وشيئاً فشيئاً بدأت أشكال الاعتصام تتزايد وتأخذ أشكالاً كثيرة أمام الكنائس والجوامع والمفوضية الآوربية والمعهد العالي للفنون المسرحية الذي اعتصم طلابه، «حتى حل القضية»، اعتصاماً صامتاً كرد على صمت الحكومات...

غضب على امتداد الوطن..
وامتدت حملة التظاهرات والاعتصامات لتشمل المحافظات السورية كافة.. ففي حلب وبدعوة من لجنة المتابعة لتنفيذ ميثاق شرف الشيوعيين السوريين، اعتصم المئات من المواطنين العرب السوريين والفلسطينيين أمام مبنى المفوضية الأوروبية ظهيرة يوم الأحد 14/4/2002. وقد ضم الاعتصام الشيوعيين السوريين من كافة الفصائل وشاركت فيه العديد من الفصائل الفلسطينية. ونقيب المحامين وأعضاء مكتب النقابة. وقام الرفيق علي حمادة بقراءة نص الرسالة الموجهة إلى السيد رومانو برودي رئيس ا لمفوضية الأوروبية. ثم سار المئات من المعتصمين في شوارع حلب.. ودعا الرفيق علي حمادة للتجمع يوم الجمعة في حديقة الرازي بهدف الاعتصام أمام القنصلية البريطانية. وقد حضت الهتافات التي تعالت أثناء المسيرة على دعم الانتفاضة والمقاومة الباسلة منددة بشراكة الولايات المتحدة في العدوان وتواطؤ النظام العربي الرسمي..

المقاومة والصمود حتى التحرير ..
تتعالى أصوات الشارع العربي والدولي مع ارتفاع أزيز الرصاص والقنابل على مدن وقرى المناطق الفلسطينية المحتلة.. ويبقى صوت المقاومة من أرض الانتفاضة الباسلة هو الأقوى والأبقى.. لقد اختار الشعب الفلسطيني طريقه دون رجعة بعد أن خبره وعرفه: انه المقاومة والصمود حتى التحرير..

معلومات إضافية

العدد رقم:
173