مداخلة الرفيق منصور الأتاسي

 وفي ختام الاجتماع الوطني، تحدث الرفيق منصور الأتاسي فقال:

ماهي الوثيقة أيها الرفاق، نحن ناقشنا موضوع الوثيقة وحجمها وما ينبغي أن يكون فيها. وجدنا أنه يجب أن تكون وثائقنا من الآن وصاعداً (العملية) هي وثائق صغيرة فيها توجهات محددة تهم مرحلة محددة وقصيرة نسبياً.

ونحن قادرون على تنفيذ المهام الموجودة في المرحلة وتنفيذ هذه المهام ومراجعتها بسرعة. لذلك إذا عدنا لوثيقتنا السياسية تلاحظون فيها مهام محددة لمرحلة حالية آنية يمكن تدقيقها ويمكن تنفيذها ويمكن عدم تنفيذها بعد مناقشة جدية. ومن هنا يصبح هناك مراقبة تنفيذ وتدقيق جدي لممارساتنا.

متى تكونت هذه الوثيقة وما الهدف من اجتماعنا؟

تكونت هذه الوثيقة عبر حوارات وآراء وتقارير سياسية واجتماعات ذات طبيعة اقتصادية عديدة وتحاليلنا لقضايا الجبهة والتحالفات والوطن والمستقبل وكل ذلك. لانريد من هذه الوثيقة أن تقدم كل هذه التحاليل، تقدم الاستنتاجات التي توصلنا إليها، لذلك العرض السياسي الذي قدم في أحد مناطق حماة لا يخرج عن هذه التوجهات لكنه يتحول إلى مهام.

هل هذه المهام منسجمة تماماً مع فهمنا السياسي المعروف إذا لم تكن قد انسجمت تماماً فهدف اجتماعنا إضافة الناقص منها وأعتقد أن الكثير من المسائل التي طرحت كأهداف برنامجية مباشرة يجب أن تضاف لأن هذا هدف اجتماعي حتى تتحول إلى وثيقة تشمل كل المهام الآنية القادرين على تنفيذها انطلاقاً من نشاطنا ومجمل فهمنا للواقع السياسي في البلاد، ومن هنا فنحن راغبون بالتخلص من الوثائق الكبيرة والتوجهات الكبيرة جداً. يكفي أهداف محددة لمرحلة محددة نرتقي بعدها إلى مرحلة أخرى عبر وضوح جدي في السياسة.

هل هناك نقص بالوثيقة، أنا برأيي أن الاجتماع أثبت أن ثمة قضايا بحاجة لإضافة: حول الحوار الوطني، حول القضايا التي تهم بعض الفئات  الاجتماعية، حول الطلبة، حول القضاء، إلخ... سنحاول إذا استطعنا أن ننتج وثائق صغيرة جداً، وبرنامجنا لن يكون مائة صفحة.

نحن لانرغب بتقديم فكرة على أخرى أو أولوية على أخرى.

مثل (الوطنية على الاجتماعية)، ولانعتبر الوحدة فقط هي الأساسية، هنا القضايا متكاملة، فسابقاً طرحت شعارات وقدمت على شعارات أخرى، طرحت مثلاً قضية تحرير فلسطين وقدمت على كل الشعارات وخضعت كل المهام لدى كل التيارات لقضية التحرير ووصلنا إلى ما وصلنا إليه..

طرحت قضية الوحدة العربية، وأصبحت المهمة المركزية الأولى، وتلاشت قضية الوحدة العربية، و تبعثرت الدول العربية.

طرحت قضية الاشتراكية، وكل الأحزاب أصبحت اشتراكية، وتلاشت قضية الاشتراكية...

الآن تطرح الديمقراطية، نحن نخشى على الديمقراطية التي تطرح بالطريقة التي طرحت لها الشعارات الأخرى وأخضعت كل المهام لصالحها ثم انتهت. لذلك لابد من تطور اجتماعي متزن في كل مجالات الحياة حتى نستطيع تنفيذ التوجهات.

دون تطور اجتماعي متزن في كل مجالات الحياة من الصعب تنفيذ أي من هذه المهمات حسب التجربة التاريخية الملموسة سابقاً. من هنا أكدنا على استنتاجنا حول المهام المترابطة بالمجالات المختلفة.

قضية المصلحة التي طرحت هنا بالاجتماع:

أنا برأيي صحيح أن كل طبقة أو فئة اجتماعية لها مصلحة في هذا الوطن، وعليها أن تحدد برنامجها، وتحدد مصلحتها في هذا الوطن. عندما يكون لكل طبقة مصلحتها يجب أن يكون هناك حزب وعندما يحدد هذا الحزب الذي تنتمي إليه  هذه الطبقة مصالح الطبقة لا يعتبر طبقوياً. المشكلة عندنا في سورية أو في الوطن العربي ومنذ التيار القومي ومنذ عبد الناصر أن الحزب يجب أن يمثل كافة الفئات والطبقات والشرائح  لذلك لم ينتج حزباً.

وهكذا كان عهد عبد الناصر، ممثلي العمال، ممثلي البرجوازية الوطنية، وعند الأردن الأسرة الأردنية، رفاق نحن نريد أحزاباً تمثل مصالح  محددة لطبقات متعددة، تتصارع هذه الأحزاب أو تتحاور أو تتفق أو تتحالف عبر حركة مصالحها. لذلك ليس خطأ وليس طبقوياً.

اليوم وفي كل حزب هناك سياستان مطروحتان الآن، لذلك ليس هنالك وضوح ولا برنامج واضح. هناك تخبط في طرح الأحزاب.

نريد أن يكون لدينا وضوح في هذه المصالح، وعندما نريد أن نمثل مصالح الطبقة العاملة نريد أن يكون لدينا بالضرورة حرية لتنفيذ هذه المصالح وهي القوننة.

هل القوننة هي الآن في الظروف الحالية ضارة أم لا؟

سؤال جدي يجب أن يطرح... 

سؤال من زاوية أخرى:

هل المرحلة السياسية الحالية تسمح بتكرار تجربة الثمانينات؟

نحن نعتقد أن المرحلة السياسية الماضية قد وصلت إلى نهايتها، وحالة الفوضى، حالة النهب الشامل حالة الخلل في توزيع الدخل الوطني، حالة الخلل في الأجور والأسعار، حالة الخلل في الوضع السياسي وصلت إلى نهايتها. نحن في كل نشاطاتنا نؤسس للمرحلة القادمة. ننطلق من المرحلة الماضية وندرسها أو نعتقد أننا درسناها بالشكل اللازم، ونؤسس لمرحلة جديدة.

هذه المرحلة عناوينها وطروحاتها هي الأفكار المطروحة من وجهة نظرنا والتي نطرحها الآن:

أن نظام الحزب الواحد بدأ يخرج من التاريخ، بانهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي بدأ يخرج.

هيمنة حزب واحد على مقدرات الدولة بكاملها بدأ يخرج.

كل القوى السياسية تؤسس لشكل آخر، ونحن في هذا التأسيس نؤسس لرؤيتنا المنسجمة مع حركة المجتمع ومصالح الفئات الاجتماعية الكادحة.

قضية أخرى:

هل الإمبريالية انتهت وأصبحت عولمة؟ هذا صحيح بالمعنى العالمي أما بالمعنى المحلي: نحن لدينا على حدودنا احتلال مباشر. كيف تكون عولمة واحتلال مباشر؟ منطقتنا تعاني من أمرين: احتلال استيطاني مستقر موجود في فلسطين واحتلال أمريكي موجود في العراق وهو على بعد أمتار من حدودنا ونحن مهددون باحتلال مباشر فكيف نتعامل مع العولمة؟ كيف؟

هذه المسألة تتعلق بمهمات آنية اليوم، عندنا في بلادنا، ويجب أن تتصدى لها كل القوى السياسية فالوطن للجميع.

حول العولمة والتطور الإمبريالي وقدرتهما على حلول مشاكلهما:

أنا أعتقد أن الثورات التكنولوجية الهائلة في الفترة هذه لم تترافق بتطور في العلوم الإنسانية.

لقضية تطور العلوم المذكورة، وبالقسم الرأسمالي يعودون للاستعمار القديم كونهم لا يستطيعون مجاراة التطور في هذه العلوم.

 كل هذه التطورات تتحول بالنسبة لشعوبنا إلى صواريخ واضطهاد وسحب مقدراتنا وخيراتنا.

ونحن الشيوعيين السوريين تاريخياً لم نكن نقبل أحداً يأتي ويقول كلاماً خارج إطار فهمنا.

 

الجديد اليوم هو هذه الجلسة، نحن قادرون على أن نتحاور وأصبح لدينا مرونة، والتكلس بدأ يتراجع وهكذا شيء هام يحتاج لتطوير.