علاء عرفات علاء عرفات

الافتتاحية جدية الانتخابات

تم تحديد انتخابات مجلس الشعب في السابع من شهر أيار المقبل، وتأتي هذه الانتخابات في وقت ما زالت فيه الأزمة التي تمر بها البلاد تتعمق وتتعقد وتتسع.
إن ردود الفعل على تحديد تاريخ الانتخابات قد اختلفت ما بين من يرى فيها خطوة هامة بحد ذاتها، وتعبيراً عن الخروج من الأزمة، وبين مشكك في جدواها واعتبارها استمراراً للوضع السابق وتستند آراء المشككين في جدوى هذه الانتخابات إلى استمرار وبقاء قانون الانتخابات السابق عملياً دون تعديل حقيقي وتجربة الدورات السابقة مع هذا القانون، خاصة بعد النقاش الذي دار أثناء وقبل إصداره والمطالبات من  العديد من القوى السياسية بالسير نحو قانون انتخابي يعتمد النسبية و سورية دائرة واحدة وهو ما لم يؤخذ به، كذلك تستند هذه الآراء على التجربة السابقة مع المسائل الإجرائية (عدد المراكز الانتخابية وعدد الصناديق، الصناديق الجوالة والمحدثة، القوائم الناجحة سلفا، قوائم الظل....).

هذه المسائل الإجرائية التي تكرس سيطرة جهاز الدولة وأصحاب الأموال على العملية الانتخابية ونتائجها من خلال ترتيبها بطريقة لا يستطيع التعامل معها بنجاح إلّا هذان الطرفان.
السؤال المطروح الآن، هل يمكن لهذه الانتخابات أن تكون خطوة في الاتجاه الصحيح في الظروف الحالية؟.
نعم يمكن لهذه الانتخابات أن تكون كذلك فيما لو سارت باتجاه التعبير الحقيقي عما نص عليه الدستور الجديد من بناء نظام تعددي سياسي.
وهذا غير ممكن إلا باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتجاوز العيوب السابقة في العملية الانتخابية والقضايا الإجرائية بحيث يجري تمكين الممثلين الحقيقيين للمجتمع وقواه السياسية بما فيها المعارضة والمرشحون الوطنيون والتقدميون ممن لا يدعمهم جهاز الدولة ولا يملكون الأموال لتغطية النشاط الانتخابي ضمن دوائر كبرى أوجدها قانون الانتخابات.
وأهم هذه الإجراءات هي تخفيض عدد المراكز والصناديق إلى ربع الأعداد المعمول بها سابقا وهو ما يسمح بمراقبة العملية الانتخابية من المرشحين وممثليهم، وكذلك ضمان النزاهة والشفافية العالية.
إن التحضيرات للعملية الانتخابية هي مؤشر للمجتمع والقوى السياسية حول جدية بناء نظام التعددية السياسية وحول جدية موقف النظام من الدستور وتطبيق ما نص عليه على أرض الواقع.
ووصول الممثلين الحقيقيين للمجتمع ووجود نظام تعددية سياسية حقيقية في مجلس الشعب يعكس بأكبر قدر حقيقة ميزان القوى المتشكل في المجتمع عبر انتخابات نزيهة، كل ذلك يمكن أن يشكل إشارة قوية للمجتمع تحقق هدف خلق مستوى مقبول من الثقة وإمكانية التوجه في طريق الإصلاحات السياسية.
ومثل هذا السيناريو للانتخابات يعني بداية تقديم تنازلات متبادلة بين النظام والمعارضة، تنازلات من النظام باتجاه السير بإحداث تغيير في النظام السياسي يطلبه المجتمع ويعكس فيه تناسب القوى الجديدة الحقيقية فيه ويضع حداً لسيطرة قوى المال وجهاز الدولة على السلطة التشريعية.
والتنازل من المعارضة باتجاه التراجع عن الشعارات المتطرفة وبدء الانخراط في عملية سياسية تؤدي لإصلاحات تدريجية سلمية، ومن جانبنا كحزب الإرادة الشعبية والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير فإننا بالمشاركة في هذه الانتخابات نكون عمليا قدمنا تنازلا بتأجيل مطلبنا في قانون انتخابات يعتمد النسبية والدائرة الواحدة على نطاق البلاد ولكن هذا الموقف مرهون بجدية السير نحو انتخابات نزيهة وشفافة يجري فيها كف يد جهاز الدولة وأصحاب الأموال عن التحكم بالعملية الانتخابية واستنادا لذلك سيتحدد موقفنا النهائي.
إن تحليل أسباب الأزمة التي تعيشها البلاد يشير من بين أسباب عديدة إلى انخفاض مستوى الحريات السياسية ومن ضمنها طريقة انتخاب ودور مجلس الشعب بحيث ضعف وغاب صوت الشعب عن مجلس الشعب، وإن فشل المجالس السابقة بحكم تكوينها في عكس تلك المطالب والمصالح أدى لانسداد القنوات بين المجتمع وجهاز الدولة، وتجاوز هذا الجانب بوصول الممثلين الحقيقيين للمجتمع ومن ضمنهم ممثلو الحركة الشعبية السلمية في الشارع إلى هذا المجلس هو ضرورة وطنية.إن هذه الانتخابات تعني فيما تعنيه إظهار قدرة النظام على السير الجدي في طريق الإصلاح.