المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري:«لا انقسام، ولا استسلام»! «كرامة الوطن والمواطن، فوق كل اعتبار»! استعادة الحزب لدوره الوظيفي ـ التاريخي وحدة جميع الشيوعيين السوريين

شهدت دمشق صبيحة يوم 18/12/2003، حدثاً هاماً طال انتظاره من شيوعيي سورية ومن كافة القوى والأحزاب الوطنية، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل على المستوى العربي والعالمي أيضاً.. لقد انعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري، الذي أصبح ضرورة موضوعية بعد مسلسل طويل من القمع والتنكيل بالرفاق، الذي مارسته القيادة السابقة للحزب، وكأنها الوصي على كامل مقدرات الحزب، وكأن الرفاق مجرد أدوات رخيصة تمنحهم صكوك الغفران حسب درجة القرابة أو البعد من هذا  القائد أو ذاك...

«لاانقسام ولا استسلام»

لم تتحول حالة الاغتراب بين قيادة الحزب وقواعده إلى حالة انقسامية كما جرت العادة في الأزمات الماضية، بل تحولت إلى فعل شيوعي للدفاع عن دور الحزب في التصدي للمهام الكبرى التي غيبته عنها الصراعات الداخلية النابعة من المصالح الشخصية الضيقة، لقد توجهت إرادة الشيوعيين السوريين لحماية حزبهم من خلال شعارهم  الكبير «لاانقسام ولا استسلام»، ولم يكن همهم فتح «دكان» جديد للنضال على غرار ما سبق.. بل كان همهم الأساسي متابعة العمل لإيجاد الحزب المفترض ليمارس دوره الوظيفي التاريخي في حياة البلاد.

الرفاق.. أسياد حزبهم

منذ الصباح الباكر، توافد الرفاق  المندوبون من كافة أرجاء الوطن، ليحتضنهم بيت دمشقي عريق.. ورغم ضيق المكان وانهمار المطر الشديد.. افترش الرفاق كافة جنبات البيت الدافئ، وغدا درجه مدرجاً.. ومطبخه قاعة.. وشبابيكه نوافذ للحوار....

لم تنل برودة الطقس وصعوبة الحركة من عزم الرفاق المتعطشين لممارسة دورهم كأسياد في حزبهم، لتكون المؤتمرات حقاً لا قولاً مكانا ًطبيعياً لتقرير اتجاهات التطور اللاحق بعد أن يساهموا في رسم تلك الاتجاهات.. يشعر كل رفيق أن له مساحة في حزبه، بعد اغتراب قسري، ليقوى الرفاق بحزبهم، لا أن يقوى عليهم، بعد أن وضعوا أنفسهم بيدهم داخل دائرة النضال..

وقد تصدر قاعة المؤتمر الشعارات التالية: «ياعمال العالم، اتحدوا، والمنجل والمطرقة، ونحو وحدة كافة الشيوعيين، نحو استعادة الدور الوظيفي التاريخي للحزب الشيوعي السوري، لاانقسام ولا استسلام..».

بدء أعمال المؤتمر

افتتح الرفيق علاء عرفات عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي، سكرتير اللجنة المنطقية في دمشق، أعمال المؤتمر، باسم اللجنة التحضيرية لانعقاد المؤتمر الاستثنائي، وأعلن انتهاء أعمال اللجنة التحضيرية.

وبدأ المؤتمر أعماله بالوقوف على أنغام النشيدين الوطني والأممي.

ورحب الرفيق عرفات باسم شيوعيي دمشق ولجنتها المنطقية بالرفاق أعضاء المؤتمر الاستثنائي والضيوف القادمين من كافة أنحاء البلاد للمساهمة في إنجاز واحدة من أشرف المهمات، مهمة استعادة الحزب الشيوعي في سورية لدوره في حياة البلاد، هذا الحزب الذي نقول عنه أنه شرف العصر وضميره.

وقدم اقتراحاً بانتخاب هيئة رئاسة للمؤتمر، وبعد المناقشة، أقر المندوبون هيئة رئاسة للجلسة الأولى للمؤتمر..

وبعدها تم اقتراح جدول أعمال المؤتمر المتضمن:

1. تشكيل (لجنة الاعتمادات، ولجنة الرسائل والتوصيات والقرارات).

2. تقرير اللجنة التحضيرية. والمناقشة العامة وإقرار التقرير.

3. تقرير لجنة الرسائل والتوصيات والقرارات.

5. تقرير لجنة الاعتمادات.

6. تشكيل الهيئات القيادية.

وجرت مناقشة جدول العمل المقترح وصوت المؤتمر عليه. وانتخب لجنة الاعتمادات ولجنة التوصيات.

وباشرت لجنة الاعتمادات عملها على الفور.

تقرير اللجنة التحضيرية

بعد ذلك عرض الرفيق د. قدري جميل تقرير اللجنة التحضيرية، الذي سبق ووزع على الرفاق المندوبين، والذي تميز بالصبغة التحليلية لأبرز الأحداث والمستجدات ما بعد المؤتمر التاسع للحزب في (أيلول 2000) وحتى اللحظة الراهنة.

وبُني على أساس الرؤية الواقعية التفاؤلية للحاضر والمستقبل متجاوزاً الإحباطات الصغيرة بمنظار الاتجاه العام والقضايا الكبرى. وهو عبارة عن جمع مدروس لما سبق نشره في وثائق الحزب، من صحيفة «قاسيون» إلى الأبحاث السياسية والرسائل الحزبية، وهو عبارة عن إجمالي تلك الصياغات التي انعكست بأفكار ورؤى ومواقف، وإجمالي لانعكاس تلك السياسة على أرض الواقع، والجديد فيه هو إعادة تجميعه وربطه لمجمل تلك الأفكار بوثيقة واحدة مكثفة تجمل نشاط  السنوات الثلاث الماضية، وهو أداة عمل هامة للعمل اللاحق والتثقيف الحزبي الداخلي وفي رسم سياستنا اللاحقة وتعبئة الجماهير.

ومن أبرز النقاط التي تعرض لها التقرير هي الوصول لاستنتاج بعدم وجود حزب شيوعي في سورية مع وجود شيوعيين سوريين، وذلك انطلاقاً من غياب الدور الاجتماعي ـ الوظيفي للحزب المتمثل ليس فقط بصياغة مصالح الطبقة العاملة، وإنما لعدم قيامه بالدفاع الحقيقي على الأرض عن هذه المصالح. والتراجع الذي جرى خلال نحو ثلاثين سنة غيب دور الحزب واقعياً. وهذا ما استدعى عملية إعادة تكوين الحزب واستعادة دوره الوظيفي، ومن هنا فموضوعة وحدة الشيوعيين السوريين هي ضمن هذا  السياق، ومن هنا أيضاً كان شرطها أن تكون (من تحت)، وقد أنجز الشيء الهام في هذا الموضوع، بينما كان شعار وحدة الشيوعيين السوريين مقتصراً على بعض التصريحات ومجرد قرارات على ورق عند انعقاد المؤتمرات الحزبية. واليوم نضع هذه القيادات على المحك بموضوع الوحدة. ولأول مرة بتاريخ الانقسامات تعلن أجزاء هامة من هذه القيادات أنها ضد الوحدة!..

لماذا انعقاد المؤتمر الاستثنائي؟

وتحت شعار: «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار» استند تقرير اللجنة التحضيرية المقدم للمؤتمر الاستثنائي على ستة نقاط كبرى، نوجزها بالتالي:

أولاً: لماذا انعقاد المؤتمر الاستثنائي، حيث مر التقرير على الممارسات القمعية ضد قواعد الحزب من القيادة المتنفذة السابقة مما استوجب الدعوة للمؤتمر المستند إلى المادة 22 من النظام الداخلي للحزب بعد أن تجاوز عدد المطالبين بعقد المؤتمر الاستثنائي على أساس التمثيل في المؤتمر الأخير أكثر من 50% بكثير. مؤكداً أن انعقاد المؤتمر الاستثنائي لا يعني التخلي عن شعار «لا انقسام ولا استسلام» وأن عملية التوحيد بالنسبة لنا هي عملية بناء ما تهمش  وتهشم خلال ثلاثين عاماً من الصراع الانقسامي...

وحدة الشيوعيين السوريين

ثانياً: حول موضوعة وحدة الشيوعيين السوريين: استعرض التقرير مراحل العمل من أجل وحدة الشيوعيين السوريين، من إعلان النوايا في «ميثاق الشرف» إلى تشكيل لجان التنسيق في المحافظات في الاجتماع الوطني الأول، إلى وضع المهام الملموسة الفكرية والسياسية في الاجتماع الوطني الثاني، إلى مناقشة الورقة السياسية في الاجتماع الوطني الثالث التي يمكن اعتبارها عموداً فقرياً لمشروع برنامج سياسي لأنها تشكل إجمالياً للنقاش الذي دار بين الشيوعيين وتلخيصاً إبداعياً له يستند إلى الماضي دون انقطاع، ويتجاوزه إلى الحاضر والمستقبل، مضيفاً إليه الضروري من الرؤى والاستنتاجات.

الوضع الدولي الناشئ

ثالثاً: الوضع الدولي الناشئ، مهامنا، ودورنا، حيث استعرض من خلال التقرير الأزمة المستعصية للإمبريالية الأمريكية وازدياد التناقضات الاجتماعية الداخلية العميقة، وبعض أسباب الأزمة في الحركة الشيوعية العالمية التي بدأت اليوم تسترد عافيتها، بسبب تغير الظروف الموضوعية..

الانعكاسات..

رابعاً: انعكاس التطورات العالمية على الوضع الإقليمي، فبعد أن أصبحت الإمبريالية الأمريكية محكومة بتوسيع رقعة الحرب، وكانت منطقتنا منطقة المواجهة الأولى مع الإمبريالية الأمريكية وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل الصهيونية، حدد التقرير المطلوب لمواجهة تلك الهجمة بالانتقال بالحركة الجماهيرية إلى الشارع لتحقيق أكبر ضغط شعبي لشل تردد النظام العربي الرسمي وتخاذله ونشر ثقافة المقاومة والاستشهاد دفاعاً عن الوطن...

سورية نقطة مواجهة هامة

خامساً: سورية نقطة مواجهة هامة، ومن هذا المنطلق أكد التقرير على ضرورة إيجاد المناخ الملائم لتعزيز الوحدة الوطنية، مستعرضاً الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي والبنية الطبقية والقوى المحركة للمجتمع السوري، والحركة السياسية في البلاد، واقعها وآفاقها، مستنتجاً من كل ذلك أهمية استعادة دورنا الوظيفي التاريخي، فكرياً وسياسياً واجتماعياً وجماهيرياً وتنظيمياً، مما يعني عودة الحزب ليلعب دوره المطلوب منه في التعبير عن مصالح الطبقة العاملة وأوسع الجماهير الكادحة.

استعادة الدور الوظيفي للحزب

سادساً: استعادة الدور الوظيفي للحزب، ومهامنا وضرورة التصدي للمهام الكبرى للاستمرار في هذه العملية، وصولاً إلى إنجازها، مستعرضاً الجوانب الفكرية والسياسية وبشكل خاص مسألة قضية العودة إلى الجماهير، أي إعادة النظر بطرق عملنا الجماهيري، كل ذلك سيسمح ببناء تنظيمنا وتطويره بالشكل الذي تتطلبه مقتضيات الواقع.

(وستنشر «قاسيون» تقرير اللجنة التحضيرية تباعاً في الأعداد القادمة).

49 رفيقاً يشاركون في المناقشات

وبعد الانتهاء من تقديم التوضيحات حول تقرير اللجنة التحضيرية، ألقى الرفيق فؤاد دويعر عضو مكتب المتابعة في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، كلمة باسم اللجنة الوطنية، وقدم الرفيق كمال مراد سكرتير هيئة تحرير «قاسيون» تقريراً حول تطور صحيفة «قاسيون»، (تجدون نصهما في هذا العدد).

وقد شارك في النقاش خلال  عمل المؤتمر (49) رفيقاً، وهم: قدري جميل (دمشق)، منصور الأتاسي (حمص)، حمزة منذر (ريف دمشق)، سهيل قوطرش (دمشق)، علاء عرفات (دمشق)، أكرم فرحة (حماة)، غانم أتاسي (حمص)، عبد الحليم قجو (الجزيرة)، إبراهيم اليوسف (الجزيرة)، دعيبس أبو فخر (السويداء)، محمد علي طه (دمشق)، سلوى عبد الحميد (حمص)، فهمي العاسمي (درعا)، حسين الشيخ (دير الزور)، عيسى البيطار (إدلب)، مصطفى الدروبي (حلب)، محمود سمور (ريف دمشق)، عبادة بوظو (دمشق)، عمر حصني (طرطوس)، نضال فندي (اللاذقية)، كمال مراد (دمشق)، جودت بعيتي (اللاذقية)، سمير موسى (حماة)، اسعد سلوم (اللاذقية)، عوض يوسف (إدلب)، صلاح طراف (اللاذقية)، عطية مقدسي (حماة)، نصر حيدر (حماه)، محمد حاج علي (الجزيرة)، عصام حوج (الجزيرة)، أيمن بيازيد (دمشق)، وليد إبراهيم (اللاذقية)، بسام حجي علي (حلب)، رفيقة عبد الله (حلب)، ماهر حجار (حلب)، يمن قره (درعا)، وجدي سعدون (الجزيرة)، عبد الرحمن الأسعد (الجزيرة)، صالح نمر (دمشق)، محمد طباطب (حمص)، أيمن دياب (حمص)، إلياس أبو حامضة (حماة)، فاضل حسون (دير الزور)، مصطفى إبراهيم (حماة)، محمود نصري (حلب)، موفق دلول (ريف دمشق).

تعليق جلسات المؤتمر استكمالاً لمساعي التوحيد

وبعد أن استمع المندوبون إلى التوضيحات حول التقرير، بدأت مناقشته بكل روح شيوعية، حيث استكمل النقاش بعض النقاط، ودقق بعضها الآخر، وجرى إقراره بالتصويت عليه.

وأنجزت لجنتا الاعتمادات والتوصيات عملهما، وأقر المندوبون تلك النتائج(تجدون في هذا العدد القرارات والتوصيات والرسائل، إضافة إلى تقرير لجنة الاعتمادات)..

وفي ختام الجلسة الأولى للمؤتمر، أقر المندوبون تعليق جلساته واعتباره بحالة انعقاد دائم حتى تستكمل مساعي عملية توحيد الشيوعيين السوريين كحد أقصى حتى الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب في 28/10/2004، وكلف المؤتمر هيئة الرئاسة المنتخبة بقيادة العمل ما بين جلستي المؤتمر.. وأنهى المؤتمر أعماله كما بدأ بالنشيدين الوطني والأممي.

■ كمال مراد

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.