بقلم هيئة تحرير «قاسيون» بقلم هيئة تحرير «قاسيون»

ماهو موقفنا من الحكومة الجديدة؟

أخيراً تم تشكيل وإعلان الحكومة المنتظرة، ومع تمنياتنا لها بالنجاح في تنفيذ مهامها، إلاّ أن موقفنا منها ستحدده هذه المهام نفسها وطريقة وآلية تنفيذها وجدولها الزمني.

في الجانب السياسي العام المطلوب منها الاستمرار في تنفيذ رسالة سورية التاريخية وطنياً والتي بدأت منذ الاستقلال ولعبت دوراً هاماً في النصف الثاني من القرن العشرين في إفشال التنفيذ النهائي لمخططات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وفي هذه اللحظة الانعطافية من تاريخ العالم والمنطقة يتحمل الدور السوري مسؤولية خاصة مما يتطلب صلابة ودقة ومهارة أكثر من أي وقت مضى.

لذلك تحديداً من المطلوب تأمين القاعدة الضرورية لهذا الموقف والتي لايمكن أن تتحقق دون سياسة اقتصادية ـ اجتماعية واضحة المعالم التي يجب أن يكون عمادها:

1. وقف نهب الاقتصاد الوطني من قبل قوى البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية أي قوى (السوق والسوء)، هذا النهب الذي يؤدي إلى فاقد كبير في الدخل الوطني يمنع نموه ولا يمنع تدهور مستوى معيشة الجماهير الشعبية الواسعة، والذي يؤدي أيضاً إلى انتشار الفساد أفقياً وعمودياً وتحوله إلى ظاهرة خطيرة تؤثر على كل التطور الاجتماعي.

وليس سراً أن تقديرات المختصين ترى أن هذا الفاقد هو بين 20 إلى 30 % من الدخل الوطني سنوياً، مما يراكم ثروات خيالية بيد البعض تُشفط بالدرجة الأولى إلى الخارج لتخرج نهائياً من دورة الاقتصاد الوطني.

2. إن تنفيذ المهمة الأولى بنجاح، أي الحد من الفساد وخاصة الكبير منه وصولاً إلى اجتثاثه جذرياً، سيسمح بتحقيق نسب نمو معقولة وضرورية للاقتصاد الوطني سيعبر عنها نمو الدخل الوطني سنوياً والتي يجب أن لا تقل حسب تقديرات الاختصاصيين باختلاف مشاربهم عن 7 ـ 10 % سنوياً، مما سيسمح بمضاعفة الدخل الوطني خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.

3. هذا الأمر الذي إذا ماتم، مع إعادة التوازن المفقود بين الأجور والأرباح في توزيع الثروة، سيسمح بردم الهوة الكبيرة بين الأجور الحالية ومتطلبات المعيشة والتي تقدر بين ضعفين وثلاثة أضعاف هذين الحدين.

إن الوقت المتاح لتنفيذ هذه المهام يتناقص بسرعة بسبب تعقيد الأوضاع الإقليمية في منطقتنا، هذه المهام التي لابد منها لتأمين أوسع جبهة شعبية حقيقية على الأرض وضد قوى العدوان والهمجية المعاصرة.

لذلك فإن صيغة البيانات الوزارية القديمة التي تضع آلاف المهمات دون نظام أولويات ودون جدول زمني لتحقيقها ولى زمنها وسنحكم على جدية الحكومة الجديدة في التعامل مع معطيات الواقع على أساس برنامجها المبني على نظام أولويات مجدول زمنياً، مما لا يتطلب ورقاً كثيراً للعرض بل جهداً عميقاً في البحث للوصول إلى نتائج والتزامات وأرقام ملموسة تضعها أمام الشعب الذي يجب أن يمارس حريات سياسية واسعة كي يحاسبها على تنفيذ ما ستلتزم به.

 

فإن فعلت الحكومة الجديدة مانقترحه ومايتطلبه الواقع فإن ذلك سيشكل سابقة تسجل لصالحها واجتهاداً إن أخطأت فيه فلها أجر وإن أصابت فلها أجران.