الحزب الذي نطمح..

لم يكن المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي السوري من قصم  ظهر البعير كما يقول المثل «وكما تقول صوت الشعب» بل إن ما حدث في المؤتمر كان بمثابة البحصة التي أنهت بناء السد، فالحزب الذي يقوم على مكتب وطاولة و «نشرة إصلاحية» لا يمكنه أن يكون حزباً بالمعنى الواسع للكلمة، وتحديداً إذا كان شيوعياً حيث الاتصال بالجماهير هو الهدف والشارع هو الحَكَم. لذلك نحن نريد حزباً من نوع خاص، حزب ماركسي ثوري، وكمناقشة أولية علينا أن نناقش ما يلي:

■ ثورية الفكر والممارسة:

إن الفكر الماركسي يسعى لتحويل المجتمع تحويلاً «ثورياً» فهو إذاً يحتاج إلى ممارسة ثورية، وليس كما كانت بعض الأحزاب الشيوعية تفعل خلال الفترة الماضية، فقد كانت ترفع شعارات لا تمت للواقع الراهن بصلة، مما زاد في الهوة بينها وبين الجماهير التي اكتشفت أنها مجرد أحزاب نخبوية تتستر وراء الشعارات فقط. فالذي يطرح قضايا الوطنية من منظار صلتها بالفكر الماركسي لا علاقة له بالوطنية والفكر الماركسي، فمن يرفع شعار ديكتاتورية البروليتاريا وهو مرتبط ببعض الأجهزة يكون شخصاً مخادعاً للفكر والوطن كما أن من يرفع هذا الشعار ولا يملك أي تنظيم عمالي يكون بحق دونكيشوت عصره، فلكي نرفع شعار ديكتاتورية البروليتاريا يجب أن نكون جديرين بهذا الشعار وبالفكر الذي أتى به.

■ الموقف من الفكر:

إن موقفنا من الفكر الماركسي يجب أن ينبع من الواقع الموضوعي وليس من التفكير المجرد. فالماركسية تطورت بفضل الواقع الموضوعي وليس من تأملات ماركس وأنجلز الفلسفية. ففي البيان الشيوعي 1848 كتب ماركس وأنجلز عن تحول البروليتاريا إلى طبقة سائدة ولكن بعد ثورات 1848 وما تلاها وضع ماركس مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا من خلال كتابه «النضال الطبقي في فرنسا» إذاً فالواقع الموضوعي هو من يغني الفكر ويطوره، والفكر الماركسي فكر خلاق  ومتطور فالجدل عماده الأبدي لذلك علينا جميعاً التكاتف لتطويره وحمايته والعمل على تحقيق أفكاره، وإني أذكر تماماً ماقاله العالم الإنكليزي «كسيدي» وهو من أتباع الفيلسوف «كينز» نقلاً عن زميل له حيث قال: «كلما أطلت العمل في الوول ستريت أصبحت أشد اقتناعاً بأن ماركس كان مصيباً، إنني مقتنع بصورة مطلقة بأن الماركسية هي الطريق الأفضل لمعاينة الرأسمالية».

■ موقفنا من القوى الوطنية:

إن موقفنا من القوى الوطنية يجب أن ينبع من أساس وطنيتها وعلاقاتها بالطروحات السياسية والاقتصادية داخلياً وخارجياً، كما يجب أن لا ننسى أن القوى الوطنية مقسومة إلى قسمين: الأول داخل الجبهة الوطنية التقدمية أي موالٍ للحكومة والثاني خارج الجبهة ويسمي نفسه معارضاً، لذلك يجب علينا أن نأخذ موقفاً توفيقياً بين الإثنين أي أن لا نكون معارضة على طول الخط ولا موالاة على طول الخط أيضاً. فالواقع الموضوعي يفرض علينا أن يكون موقفنا بالمعارضة أو الموالاة نابعاً من طروحات الحكومة والنظام السياسي في المجالات كافة وعلى أساس ذلك يكون موقفنا، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الترفع على القوى الوطنية الأخرى، بل التقرب من جميع تلك القوى «الوطنية».

■ موقفنا من الواقع الاقتصادي:

إن موقفنا من الواقع الاقتصادي يفرض علينا أن نكون معارضين، فهذا الواقع ينهار شيئاً فشيئاً. فالبرجوازية السورية قامت بخصخصة أغلب المنشآت الهامة «اتصالات، جامعات إلخ( وهذا أمر ضد مبادئنا الفكرية والوطنية، كما أن الواقع في القطاع العام يبعث على البكاء والنحيب، فالبرجوازية أيضاً قامت بنهب هذا القطاع من قاعدته إلى هرمه ولم تترك فيه شيئاً يذكر والتقارير التي تنشرها الصحافة تثبت ذلك ونضرب كمثال أن شركة الإنشاءات، والتي تعد العمود الفقري للقطاع العام، لم تقم بدفع الرواتب لموظفيها منذ سبعة أشهر على أقل احتمال. إذاً فالواقع الاقتصادي ينذر بالانهيار ولذلك يجب أن نكون صفاً واحداً ضد السياسة الاقتصادية التي تنتهجها البرجوازية الحاكمة.

وختاماً أقول إن الشعب والقوى السياسية في سورية تنتظر من يأتي ويقوم بدور «حزب» بكل ما تحمله هذه الكلمة من عبء ومسؤولية، فالحزب ليس مؤسسة اجتماعية (أي كما جعل منه البعض).

 

■ السلمية ـ نبراس دلول