جرجس عيسى جرجس جرجس عيسى جرجس

دور الحزب الشيوعي السوري في المقاومة والعمل الفدائي

لعب الحزب الشيوعي السوري عندما كان موحداً دوراً كبيراً في أعمال المقاومة والعمل الفدائي. خاصة في سنوات أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وذلك بعد هزيمة الأنظمة العربية عام 1967، وخيانة بعضها، وردّ الشعب على هذه الهزيمة الكبرى بتشكيل المنظمات الفدائية والبدء بأعمال المقاومة المسلحة ضد العدو الإسرائيلي. وقد شارك الحزب الشيوعي السوري في هذه الأعمال خاصة بعد انعقاد مؤتمره الثالث التاريخي الذي قيّم المرحلة وأدان الهزيمة وموقف الأنظمة وقرّر الانخراط في العمل المسلّح إلى جانب الفصائل التي نشأت شعبياً، وتبلورت على أرض لبنان وفلسطين، وفي مختلف بقاع الوطن العربي.

إن دور الحزب هذا قد طُمس ولا يعرف عنه الشباب اليوم شيئاً بسبب الانقسامات المتتالية، وتحول الحزب إلى مجموعات وشراذم هنا وهناك، فلقد ضاع دور الحزب، وتقتصر هذه المجموعات الشيوعية المقسمة على ذكر المقاومة وتأييدها سياسياً دون الغوص في تاريخ الحزب، وتبيان دوره عندما كان موحداً وخاصة في هذا الظرف الذي أصبحت فيه المقاومة هي الأساس في عمل الشعوب العربية، هذه المقاومة التي هزمت العدو الإسرائيلي وزعزعت الكيان المصطنع في حربي عام 2000 في لبنان وحرب تموز أيضاً في لبنان عام 2006 ، حيث تهزم الشعوب العربية دولة الكيان لأول مرة في التاريخ رغم تواطؤ وخيانة بعض الأنظمة العربية وقوى عربية داخلية وتآمرها ضد المقاومة خاصة في لبنان. لقد أثبتت المقاومة خاصة اللبنانية والفلسطينية والعراقية دورها الفعاّل في الميدان، وأنها الوسيلة الوحيدة لهزيمة العدو وتحرير أرض فلسطين والعرب جميعها من براثن كيان صهيوني دخيل مصطنع.

إن دور الحزب الشيوعي السوري وكذلك اللبناني، في عمليات المقاومة الأولى يجب أن يُبيّن، كما يجب أن تعمل جميع تجمعاته على التذكير بها، كما تعمل جهدها للتوحيد وإرجاع الحزب موحّداً ليلعب دوره في المقاومة اليوم.   

لقد شكلت وثائق المؤتمر الثالث عام 1969 الأساس الفكري والسياسي والتنظيمي لعمل الحزب في المقاومة والعمل الفدائي المسلح، والتي تبلورت بعد صراع بين تيارات داخل الحزب. وقد تجلّى العمل بالملموس انطلاقاً من داخل الحزب، حيث بادر فوراً بعد المؤتمر إلى تشكيل مكتب قيادي للعمل الفدائي من رفاق قياديين عسكريين سابقين وسياسيين، وإعطائه استقلالية نسبية عن المكتب السياسي، بوضع برنامج عمل للمقاومة تنطلق من داخل الحزب. وقد بدأ العمل واتّخذ أشكالاً مختلفة هدفها: تجنيد الحزب وخاصة الشباب وتوجيههم نحو العمل المسلح للمساهمة بأعمال القتال ضد العدو الصهيوني بالتعاون مع المنظمات الفدائية التي انتشرت في مختلف أصقاع وبقاع الوطن العربي، خاصّة على الحدود مع الكيان الغاصب: الأردن، لبنان وداخل فلسطين. وقد سلك المكتب الفدائي المشكل داخل الحزب مساراً محدداً، ووضع برنامج عمل داخلي وخارجي وبدأ بتنفيذه، ويمكن تفصيله لاحقاً.

كما وضع برنامج عمل الانطلاق إلى الخارج حيث إقامة الصلات بمختلف المنظمات الفدائية المشكلة في جميع البقاع، والاتفاق معها على أعمال مشتركة يأتي تفصيلها لاحقاً أيضاً. ثم مبادرة المكتب الفدائي إلى الصلات بالأحزاب الشيوعية الشقيقة الواقعة على حدود العدو : العراق، الأردن، لبنان، للتنسيق والتعاون، وتوصّل معهم إلى الاتفاق على تشكيل منظمة مقاومة فدائية موحدة تجمع ممثلين ومقاومين عن الأحزاب الأربعة، وقد تم تشكيل هذه المنظمة فعلاً، وتمت تسميتها بمنظمة (الأنصار)، وجعل مركزها في الأردن (جبل عمان)، كما تأسست لها قيادة موحدة من الأحزاب الأربعة جعلت مركزها الأردن، وسيأتي تفصيل دورها وأعمالها لاحقاً. ولا يتّسع المجال في مقال واحد لتبيان دور الحزب في هذا المجال الهام من أعمال المقاومة والعمل الفدائي، لذلك سيرد التفصيل تباعاً بما أمكن من الاختصار...


جرجس عيسى جرجس: قيادي شيوعي سابق