حاوره: جهاد أسعد محمد حاوره: جهاد أسعد محمد

حميدي العبد الله لـ«قاسيون»: (الاتحاد من أجل المتوسط) محاولة أوروبية لملء فراغ الانحسار الأمريكي

ازداد في الأشهر الأخيرة النشاط السياسي والدبلوماسي الفرنسي في المنطقة، وتجلى في كثير من الأحيان بمواقف متباينة مع المواقف الأمريكية بعد تماه معها طبع أواخر عهد جاك شيراك. ووصل هذا النشاط إلى ذروته مع (الانفتاح) الفرنسي تجاه سورية الذي حدث مؤخراً، والذي تزامن مع طرح فرنسي جديد لفكرة شراكة أوروبية - متوسطية..

فما الذي يحكم الموقف الفرنسي اليوم، وما دوافع الشراكة الجديدة المطروحة، وما الذي تخفيه، وبم تختلف عن سابقاتها من شراكات ومشاريع سواء أكانت أوروبية أم أمريكية؟ للإجابة على كل هذه الأسئلة، التقت «قاسيون» الباحث الاستراتيجي المعروف الأستاذ حميدي العبد الله وأجرت معه الحوار التالي: 

النوايا والخفايا 

• أستاذ حميدي، بدا جلياً في فرنسا بعد وصول ساركوزي إلى السلطة، أن هناك عودة فرنسية للانفتاح على دول جنوب المتوسط وشرقه، وعلى دول تعدها فرنسا «المدى الحيوي» لها.. ما الدافع الفرنسي لإعادة توثيق الصلات مع هذه الدول، والعودة مجدداً لطرح فكرة الشراكة معها؟

عندما تطرح الدول الكبرى عموماً، والدول ذات الماضي الاستعماري تحديداً، أفكاراً عن مشاريع محددة علينا ألا نأخذ بالنوايا المعلنة، بل علينا أن نبحث عما وراء هذه المشاريع. ومن هنا يمكن أن نفهم السجالات التي دارت في أوربا، وداخل فرنسا تحديداً بعد أن أطلق ساركوزي فكرة «اتحاد من أجل المتوسط».. هنا أستطيع أن أميز بين مجموعتين من الأسباب لهذا النوع من الطروحات، بعضها موضوعية، وبعضها فرنسية.

في الأسباب الموضوعية لخلفية الطرح الفرنسي، يوجد دافعان أساسيان، الأول أن هناك تحليلاً في فرنسا يقول: إن العالم يتجه الآن إلى تكتلات كبرى تموضعت ضمن محورين أساسيين:

1 ـ التكتل الذي تقوده أمريكا.

2 ـ التكتل الآسيوي الذي تقوده الصين وتشكل الهند واليابان امتداداً له.

أوروبا ضمن هذه الخارطة بحاجة إلى توسيع المدى الحيوي لنفوذها على كل المستويات، ولا يمكن الاكتفاء بالاتحاد الأوربي، خاصة أنه بعد ضم أوروبا الشرقية جرى استكمال مشروع الاتحاد الأوربي. العامل الأساسي الذي يقدم في تبرير هذه الفكرة هو «إنشاء فضاء اقتصادي بيئي أمني سياسي أوسع من حدود أوروبا، ليحجز مكانةً في مواجهة الكتلتين الكبريين الناهضتين في آسيا من جهة، وفي أمريكا من جهة أخرى.

الدافع الثاني يكمن في وجود قواسم مشتركة عديدة ضمن محيط البحر الأبيض المتوسط تجعل إمكانية الانفصال بين جنوب وشمال المتوسط أمراً صعباً جداً في ملفات وتحديات كثيرة من بينها البيئة، حيث أن تلوث البحر الأبيض المتوسط يؤثر على الشمال والجنوب. والهجرة السكانية التي تخلق توترات مختلفة. وهناك ما يعرف بـ(صراع الحضارات) الذي تضررت منه أوروبا بالدرجة الأولى لأنه على تخومها، ولذلك تسعى لامتصاص أضراره وأخطاره. إضافة إلى كل هذا، هناك الصراع العربي الإسرائيلي، إذ تبين بعد تجربة 60 سنة أن هذا الصراع  أعقد وأخطر  من كل التوقعات..

مجمل هذه التحديات تقول إنه توجد قواسم مشتركة بين ضفتي المتوسط الجنوبية والشمالية تتطلب إنشاء تكتل وتعاون وحوار بين هذه الدول لمواجهة التحديات المشتركة.

هذه هي المبررات الموضوعية، أما بالنسبة للمبررات الفرنسية، فيمكن الإشارة إلى سببين أساسيين:

الأول أن فرنسا لديها طموح دائم لاستعادة جزء من إرثها الاستعماري، ولتحقيق هذا الهدف تبذل ما بوسعها تارة بإحياء (الفرانكفونية)، وتارة بالشراكة المتوسطية، والآن بفكرة الاتحاد من أجل المتوسط.. وهدف كل ذلك أن يبقى لفرنسا دور عالمي.

السبب الثاني هو موضوع الطاقة، وهي عنصر أساسي وحاسم في المسألة، خصوصاً وأن جنوب المتوسط العربي والأفريقي هو تاريخياً مناطق نفوذ لفرنسا (الجزائر ـ المغرب ـ سورية)، وتعتقد فرنسا أن خلق شراكة من الممكن أن يتيح لها فرصة لترسخ نفوذها في هذه المنطقة الغنية بالطاقة.

الآن هناك تفكير على لسان جهات نافذة في الولايات المتحدة يقول: إن حقبة الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط انهارت، والباحثون يشبهون الوضع الأمريكي الآن بما بعد حرب السويس، حيث انتهى نفوذ الامبراطوريات الأوروبية ونشأ فراغ ملأته أمريكا. والآن هناك تحليل يؤكد أن هناك فراغاً في هذه المنطقة ناجماً عن انحسار النفوذ الأمريكي الوشيك.. في تقدير هؤلاء أن الأزمة الأمريكية الراهنة أخطر بكثير مما هو معروف.. وهذا الفراغ تراهن فرنسا أن تكون إحدى الدول التي من الممكن أن تساهم في ملئه.. وهذه هي الحسابات التي دفعت الفرنسيين إلى طرح هذا المشروع، خاصة بعد أن فشلت (برشلونة) فشلاً ذريعاً على جميع المستويات. 

مبررات موضوعية.. وأهداف ذاتية 

 • ما الفارق بالمعنى السياسي والاستراتيجي بين الشراكة التي طرحت في برشلونة 1995، وفكرة الشراكة المطروحة حالياً، ونحن نعلم أن الفرنسيين بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد سياساتهم بعيدة المدى؟ ما المؤشرات التي قد تؤكد أن المشروع الحالي ليس مشروعاً تكتيكياً قصير المدى؟!

من حيث المبدأ، دعنا نفصل بين أمرين، بين مبررات الطرح الفرنسي، وإحياء المشروع من جديد.. وبين حكمنا على هذا المشروع إن كان له قابلية للنجاح.

أولاً فيما يتعلق بلماذا طرحت فرنسا هذا المشروع الآن؟ فهناك أسباب ودوافع موضوعية وذاتية تم شرحها، وقد استندت إليها فرنسا لقيادة مشروع (الشراكة المتوسطية) السابق. بعد فشل المشروع الأول ارتأت فرنسا أنه من المهم إعادة طرح بديل لهذا المشروع حتى لو لم تتوفر له شروط النجاح.. فمن وجهة نظرها هناك حاجة ماسة تقتضي أن تكون هناك شراكة موضوعية بين ضفتي المتوسط.

وبالنسبة لتفسير الوصول إلى طريق مسدود في المحاولة السابقة فهناك رأيان، رأي يرى أن تصوره في الأساس كان غير واضح ولم توضع له آليات واضحة، وهذا الرأي يؤكد أن المشروع الجديد سيفشل أيضاً، لأنه لا يحمل أي جديد على الإطلاق.

أما الرأي الآخر فيرى (الاتحاد من أجل المتوسط) يمكن أن ينجح الآن، لأن فشل شراكة (برشلونة)، سببه أن الاتحاد الأوروبي كان معنياً في المرحلة السابقة باستكمال وحدته وضم دول أوربا الشرقية إليه، والذي كانت كلفته باهظة، ولم تكن أوروبا قادرة على السير في خطين متوازيين: خط دمج أوروبا الشرقية في الاتحاد، وبالوقت نفسه خط إقامة سور علاقة ناجحة.. 

شراكات فاشلة 

• هناك رأي ثالث يرى أن مشروع الشراكة المتوسطية فشل لتزامنه مع المشاريع الأمريكية في المتوسط وحوله: الشرق الأوسط الجديد، والشرق الأوسط الكبير.. ألم يؤثر ذلك برأيك على المشروع الأوربي في المتوسط؟

الأوربيون لديهم قناعة أنه مثلما فشلت الشراكة الأوربية المتوسطية (الأولى) فشلت المشاريع الأمريكية وفشل تلك المشاريع الأمريكية كان أشد، وفي العموم المشروعان مختلفان من حيث الشكل وبعض المضامين.. فالمشروع الأمريكي في جانب كبير منه عسكري وسياسي، ومداه الجغرافي مفتوح، بينما الصيغة الأوروبية ضيقة ومحددة.. 

• لكن المشروع الجديد غير محدود بالمعنى الجغرافي والسياسي والاقتصادي والثقافي..

المشروع الفرنسي الجديد كان محصوراً في البداية بدول منطقة المتوسط الأوربية مع نظيرتها غير الأوربية، لكن الدول الأوروبية اعتبرت ذلك تقسيماً لأوروبا، وضربة موجهة للاتحاد الأوربي والوحدة الأوروبية، مما استدعى اعتبار كل دول الاتحاد الأوروبي شركاء لدول جنوب المتوسط. لكن السؤال المطروح: إلى أي مدى ستكون هذه الشراكة عملية وواقعية في ظل التناقضات القائمة بين المتشاركين؟ هل المشروع الجديد يحمل صيغاً تجعل له القابلية للاستثمار وللنجاح، حيث فشلت معاهدة برشلونة؟ بكل تأكيد لا.. فمشروع برشلونة كان قائماً على الحريات الأربع: حرية تحرّك الأشخاص.. حرية تداول السلع.. حرية حركة رؤوس الأموال.. حرية الخدمات، وكذلك المشروع الجديد. وفي واقع الحال تبادل الأشخاص تعطل من الاتحاد الأوروبي. أصلاً هناك احتمال سقوط للاتحاد الأوروبي نفسه، أو أنه مني بانتكاسات من وراء حرية تبادل الأشخاص، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى تصويت الإيرلنديين ضد معاهدة لشبونة، بسبب منافسة العمال البولنديين والليتوانيين للعمالة المحلية، إضافة إلى تضرر الزراعة وصيد الأسماك..إلخ.. صارت الشعوب الأوروبية على قناعة أنه كلما كانت هناك سيطرة أوسع لقوى العولمة، كان هناك (كف يد) للشعوب، وبالتالي سيكون صوت الناخب أضعف.. والبيروقراطية ستتحكم بالقرارات الاقتصادية.

أعتقد أن هذا العامل يفعل فعله الآن داخل الاتحاد الأوروبي لتعطيل انتقال الاتحاد من صيغة تعاون اقتصادي إلى صيغة سياسية متطورة.. وأنا أعتقد أن هذا العامل سيكون عقبة أوسع في مواجهة الشراكة الأوربية- المتوسطية.. أعتقد أن المشروع الفرنسي هو مشروع نظري لا أكثر ولا أقل.

وفي العموم هناك من يسأل: منذ (برشلونة) عام 1995 إلى الآن أين ظهرت الآثار الإيجابية في البلدان التي وقعت على الشراكة المتوسطية؟! لم يحدث أي تحسّن.. لم يتغير الوضع الاقتصادي نحو الأفضل، ولا يوجد أي فرق بين الدول التي شاركت والدول الأخرى التي لم تشارك.. وهذا المشروع الجديد يحمل تناقضات أكبر بكثير من المشروع السابق، التناقض الرئيسي أنهم ضموا للمشروع 27 دولة أوروبية.

إذا لم تكن أوربا جاهزة في شراكة فعّالة فيما بينها، فكيف ستكون جاهزة في المشروع الفرنسي. هناك فوارق في جنوب وشمال المتوسط في معدل النمو.. مستوى الفقر.. وعندما تكون هناك شراكة بين طرفين أحدهما ضعيف والآخر قوي، فهي حتماً ستكون لصالح القوي، وستنتج علاقة هيمنة واستعمار.. قد ينجح هذا المشروع لو كان بين دول متكافئة في القدرات والتطور.

أوربا حالياً غير مهيأة لهذا المشروع خاصة عندما يكون القرار للاتحاد الأوروبي مجتمعاً، ستحضر الفوارق بقوة، مسيرة الاتحاد من أجل المتوسط تحمل عناصر فشل أكبر بكثير من عناصر الفشل التي كانت موجودة في برشلونة. 

الميزة السورية 

•  إذا كانت هناك الكثير من الأسباب التي تدفع الأوربيين باتجاه جنوب المتوسط الثري، فما الذي يجعل الفرنسيين يسعون مجدداً لتحسين علاقتهم مع السوريين رغم أن انضمام سورية إلى هذه الشراكة لا يعطي أية ميزة بالمعنى الاقتصادي؟

 الآن، هناك صراع عنيف جداً غير مرئي بشكل مباشر بين أمريكا وفرنسا على النفوذ، وخاصة في الدول التي تملك ثروات وطاقة. أمريكا شكلت لأول مرة في تاريخها قوة عسكرية لأفريقيا، والآن تبحث عن مكان لهذه القوة العسكرية..

الاضطرابات التي يشهدها غرب أفريقيا، تتم كلها في المناطق التي تملك مواداً أولية من ماس ونفط ويورانيوم.. كل الدول الاستعمارية القديمة تركت أفريقيا عدا فرنسا وأمريكا.. والمصالح والقوات الفرنسية موجودة بقوة في أفريقيا. أمريكا تريد أن يكون لها نفوذ في المغرب والجزائر وتونس. هذا النفوذ سيكون بالضرورة على حساب فرنسا. ربما يقال: ما دخل المغرب العربي بسورية؟ هذا صحيح، رؤية فرنسا للشراكة المتوسطية تنطلق من اعتبار أن هناك حيزاً للصراع السياسي الدائر بخلفية هذه القضايا المطروحة.

هنا لا يمكن أن تعزل سورية ودور سورية. وهي أحد الأطراف الأساسية في منطقة المشرق العربي، من خلال إطلالتها على العراق ـ الصراع مع إسرائيل، وهي كذلك مطلة على لبنان الذي هو منطقة نفوذ لفرنسا. لسورية دور نابع من موقع جيوسياسي على مستوى منطقة المشرق العربي لكنه فاعل على مستوى المنطقة العربية ككل.

فرنسا تدرك أنها لا تستطيع استعادة أي دور من خلال دولة صديقة لأمريكا. إذا كان هناك طرح لتقوية النفوذ يجب أن تكون لك علاقات مع الدول التي تشكل تحدياً وتقلصاً للمشروع الأمريكي. سورية مؤهلة أكثر من مصر والأردن والسعودية وأكثر من أي بلد عربي، لذا ورغم الحملة الكبيرة على ساركوزي من اليسار إلا أنه أصر، ووجّه دعوة للرئيس بشار الأسد ليشارك في الاحتفالات..

والحقيقة أن هذه الدعوة نقلة نوعية في العلاقات الفرنسية السورية.. هذه النقلة تعكس حماساً فرنسياً لسورية.. ما مبرر هذا الحماس؟! بالتأكيد ليس لاعتبارات أخلاقية، أو أن فرنسا صارت فجأة مع الحق وأنها تقتنع بوجهة النظر السورية. هي تدرك أن هناك صراعاً بينها وبين دول أخرى في هذه المنطقة، وسورية دورها مفتاحي ولاعب أساسي، وإن كان لاعباً بصيغة مركبة لا مباشرة بسبب موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي الذي له تداعيات على مستوى الإقليم ككل، ودورها في لبنان الذي يخص فرنسا مباشرة، ومكانتها في العلاقات العربية العربية. هذا المبرر الأساسي للتغيير المفاجئ لموقف فرنسا. وكان يعتقد أن ساركوزي يشكل امتداداً أكثر سلبية إزاء سورية من جاك شيراك كونه يمينياً وحليف إدارة بوش، لكن الرجل، ومنذ أول أيام توليه الرئاسة، بدأ يمارس سياسة الانفتاح، وبرز ذلك في موقفه من الأزمة اللبنانية، عندما نقل الموقف الفرنسي من المنحاز إلى جانب حكومة فريق 14 شباط إلى موقف الراعي للحوار، وقد أجرى اتصالات مبكرة مع سورية، وقد مورس الضغط عليه وأرغم على ممارسة نوع من النفاق والازدواجية، مثلاً أعلن من القاهرة أنه سيجمد العلاقات مع سورية تحت ضغط المصريين، لكنه كان يرسل موفديه لسورية، وبمجرد انتخاب ميشيل سليمان رئيساً للبنان، غيّر موقفه في حين أنه لا أمريكا ولا السعودية ولا حتى مصر غيروا مواقفهم.. هناك مصالح فرنسية مختلفة عن مصالح القوى الأخرى. 

الأوربيون.. والعرب.. و«إسرائيل» 

• نأتي إلى السؤال الأهم.. ضمن (الاتحاد من أجل المتوسط)، كما في سابقتها (الشراكة الأوربية المتوسطية)، هناك «إسرائيل».. كيف ستتعاطى هذه الشراكة مع هذه النقطة، وما طبيعة التشابكات في هذه الحالة؟ هل هناك احتمالات استبعاد إسرائيل من هذا الاتحاد؟ هل ستكون هناك شروط لهذا الاتحاد بفرض نوع من التطبيع مع العدو الصهيوني؟

هذه الأسئلة طرحها الآن ضروري، بل وضروري جداً، ولكن الإجابات عليها سابقة لأوانها إذا جاز التعبير.. لن يكون هناك أجوبة على هذه الأسئلة إلا إذا تحول (الاتحاد من أجل المتوسط) من فكرة إلى مشروع.

سيصبح مطلوباً وضع الأجوبة، إذا قامت مؤسسات هذا الاتحاد وتحددت معالمه. وعلى فرض أنه تحول إلى مشروع، وإذا ما اعتمدت الصيغة نفسها لـ(برشلونة) فالمسألة محلولة.. نموذج برشلونة أبقى على العلاقات بين العرب وإسرائيل على ما هي عليه، فالدول التي كانت على علاقة أو عداوة مع إسرائيل بقيت علاقاتها هي هي. 

•  إذاً (الاتحاد من أجل المتوسط) يمثل شكلاً جديداً من الصراع الأوربي الأمريكي على ثروات المنطقة. هذا النمط من الصراع، هل سيفتح لصراعات أكثر احتداماً بين هاتين الكتلتين الامبرياليتين الكبيرتين؟

أعتقد أن هذا الاتحاد يعكس محاولة إحياء النفوذ الفرنسي في المنطقة.. فرنسا تعتبر أنها مهيأة أكثر من أية دولة أخرى لأن يكون لها نفوذ في هذه المنطقة، وبغض النظر عن نجاح أو فشل هذه المشاريع، تريد فرنسا أن تعود بنفوذها الاستعماري بطريقة جديدة.. 

• أنت تركز على الدوافع الفرنسية.. ماذا عن أوربا بأكملها؟

فكرة (الاتحاد من أجل المتوسط) كانت وراءها فرنسا، فألمانيا كانت معارضة وكذلك إسبانيا.. وجرت تسوية وسط تم بمقتضاها تبني جزء من مشروع برشلونة ووضعه في المشروع الجديد، وأضافوا الاتحاد الأوروبي بأسره إليه. المشروع الجديد (الاتحاد من أجل المتوسط) هو شيء من الاتحاد الأوروبي، وشيء من برشلونة، هو عملية تلصيق تحتاج إلى جهد طويل.

الفكرة الفرنسية كانت تقوم بداية على شراكة بين الدول المطلة على البحر المتوسط والتي هي إيطاليا ـ إسبانيا ـ فرنسا ..إلخ، والدول العربية المطلة على البحر المتوسط من جهة الجنوب والشرق زائد تركيا.. الآن أضافوا لها 27 دولة أوروبية..

والخلاصة أنه لا يمكن نزع الصفة الاستعمارية لفرنسا من هذا المشروع.. فهي تريد أن تتسلح بقوى ونفوذ في هذه المنطقة لتعزيز إمكانياتها على حساب الولايات المتحدة بالدرجة الأولى في معركة النفوذ والهيمنة على منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 22:17