الموضوعات البرنامجية ضرورة وطنية لعملية إنقاذ حقيقة

إن قراءة متأنية ومتقدمة وموضوعية للموضوعات البرنامجية المفتوح الحوار حولها،  تثبت أنه لا توجد فقرات أو نقاط إلا وجسدت واقعنا المعاش، وهي تكملة لما كانت قد استشرفته افتتاحيات قاسيون المنارة والبوصلة، في أوقات سابقة مختلفة.

واللافت أنني لم أجد في معظم طروحات ومداخلات الرفاق والأصدقاء على اختلاف اجتهاداتهم الفكرية والاقتصادية، ومن كلا الفصيلين الشيوعيين، أي خلاف جدي حول أية نقطة من النقاط المثارة، بل على العكس، إذ هناك توافق كامل تقريباً على معظم المهام، والأهم أن هناك تقاطعاً على أنه ثمة ولادة حقيقية لحالة جديدة وجدية تؤسس لوحدة الحزب الشيوعي واستعادة دوره الوظيفي والطليعي لقيادة الجماهير الواسعة على مساحة الوطن. نعم، هناك ثقة وتفاؤل بهذه الولادة لإنقاذ الوطن من الواقع المذري والكارثي الذي يعيشه، والناتج عن سلوكيات خاطئة فرضها أصحاب القرار الاقتصادي وسياستهم التدميرية للاقتصاد الوطني ولكل القيم الأخلاقية والاجتماعية في سورية.

الجميع بات يعلم أن هناك إفقاراً منظماً لكل شرائح المجتمع باستثناء حفنة تعد على الأصابع من رأسماليين ليبراليين متوحشين، يفتخر الفريق الاقتصادي دون حياء بأنه قدم ويقدم لهم المزيد من التسهيلات ليزدادوا غنى، والتي في الجهة المقابلة أنتجت فقراً جوعاً وبطالة معلنة ومقنعة، وفي المحصلة جعلت من الوطن مرتعاً خصباً للفساد والإفساد: دعارة ومخدرات واتجار بالبشر وبيع للأعضاء كبلت الجيل الجديد بالهموم ودفعت معظم شرائحه إلى الهجرة القاتلة المدمرة والهروب نحو المجهول، وجعلته مؤهلاً لكل الاحتمالات من تطرف وانغماس بالجريمة المنظمة.. كما أرهقت العمال والفلاحين وصغار الكسبة من الحرفيين المبدعين، وجعلتهم مهددين بلقمة عيشهم وعيش عيالهم وصحتهم وسكنهم، وخلقت هوة عميقة وكبيرة تتعمق وتكبر يوماً بعد آخر بين الفقراء والأغنياء، فراحت تخرب النسيج الاجتماعي وتهدد بانفجار لا تحمد عقباه.

كل هذه العوامل تجعل من الموضوعات البرنامجية حاجة أساسية وضرورة وطنية لعملية إنقاذ حقيقية.. وبهذا المعنى يمكن اعتبار الموضوعات البرنامجية البوصلة، والطريق المعبدة لكل المناضلين الشيوعيين لحسم أمرهم باتجاه العودة للنشاط السياسي الثوري، والعمل بكل تفان من أجل إنقاذ الحزب والوطن إن كانوا حقاً شيوعيين، فالساحة ومساحتها الواسعة مفتوحة على مصراعيها وهي تتسع لكل الرفاق المناضلين لعملية الإنقاذ ولكل دوره الفاعل والمؤثر.

تاريخياً، كان هناك تمايز واضح بين الشعارات والتنفيذ، وبين القواعد والقيادات، لذلك فالعبرة بالعمل لكي يرى هذا الحزب النور.

فإلى الأمام أيها الرفاق الشيوعيون.. الكل له دوره في عملية التوحيد.. ولابد أن نوجه التحية من القلب لكل الرفاق الشرفاء الذين غادرونا بأجسادهم تاركين لنا وديعة ووصية بعد أن وقعوا معنا وثيقة ميثاق شرف وحدة الحزب، نجلهم ونحترمهم ونأخذ منهم القوة لمتابعة نضالهم ونحافظ على شعلتهم الوضاءة تنير لنا ولغيرنا الدرب.. ونتذكر القول المأثور للمناضل الشيوعي ناظم حكمت: «إن لم أحترق أنا، ولم تحترق أنت، فمن  سينير لنا الطريق»؟ 

■ حلب ـ إدوار خوام