وحدة الحركة الشعبية والجيش.. ضمان الاستقرار والإصلاح

ما تزال الأزمة في البلاد لا تجد طريقها إلى الحل الحقيقي.. بل إن محاولات الخروج منها سياسياً تلاقي مقاومة شديدة في أوساط مختلفة، لها تأثير حتى هذه اللحظة، وهي موجودة في النظام، وكذلك في المجتمع.. وهذا التأثير لا علاقه له بحجمها بل بوزنها النوعي.. وهي قد استطاعت حتى هذه اللحظة عرقلة الحلول السياسية وسد الآفاق أمامها، لتوريط البلاد في مزيد من العنف في دوامة لا نهاية لها، اللهم إلاّ تحطيم الوحدة الوطنية في بادئ الأمر، وصولاً إلى تقسيم البلاد في نهاية الأمر بما ينسجم مع مخططات الفوضى الخلاقة الأمريكية- الصهيونية.

فمرسوم العفو العام وإعلان النية للبدء بالحوار الوطني في الأسبوع الماضي قد تبعته موجة عنف جديدة في حماة وإدلب أدت عملياً إلى تخفيض شديد للآثار الإيجابية للخطوات السياسية السابقة.

إن القوى التي لا تريد الخروج الآمن من الأزمة الحالية، موجودة في النظام والمجتمع وهي تلقى دعماً مباشراً وغير مباشر من قوى الغرب الإمبريالي الذي يريد تشديد الحصار على حول سورية والمزيد من التدخل بشؤونها الداخلية.

ففي النظام والمجتمع يوجد قوى هامة مستفيدة من الفساد الكبير بسبب النهب الواسع الذي تمارسه، وهي ترى في الإصلاح الشامل خطراً ليس فقط على ثرواتها الحالية واللاحقة المفترضة، وإنما أيضاً على نفوذها وتأثيرها..

وأكثر ما تخافه هو الحساب على ما اقترفته أيديها بحق الشعب والدولة خلال سنوات كثيرة، وهي ترى أن ساعة الحساب تقترب بسرعة إذا ما انتصر برنامج الإصلاح الشامل والجذري، السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وبينت الوقائع بشكل لا يقبل الشك أن هذه القوى المرعوبة من التحولات الإيجابية الممكنة في البلاد موجودة في بعض أجهزة الأمن، التي استخدمت العنف بشكل دموي مقصود ومدروس، وموجودة في ميليشيات قوى الفساد الكبير المتحالفة عبر «الشبيحة» مع العناصر الفاسدة والمخترقة في بعض القوى الأمنية، وموجودة أيضاً في المجموعات المسلحة التي تظهر هنا أو هناك وتحاول الاختفاء وراء الحركة الشعبية ذات المطالب المحقة والمشروعة، وعناصر هذه المجموعات هم بشكل عام عناصر إجرامية تاريخياً لهم علاقة بتجاوز القانون بكل الأشكال.. والمنطق السليم يقود إلى استنتاج أن كل هذه القوى هي شبكة واحدة تدافع عن المصالح نفسها ولو من مواقع مختلفة، والأيام والوقائع القادمة ستكشف علاقتها بالفساد الكبير، وبالخارج، الذي يريد إلغاء دور سورية الوطني في المنطقة في مواجهة المخططات الأمريكية- الصهيونية.

وهذه القوى المشبوهة تريد الوصول إلى الأهداف التالية:

ـ إجهاض الحركة الشعبية وحرفها عن مسارها الصحيح، بما أنها الضمانة الأساسية للوحدة الوطنية والإصلاح.

ـ إنهاك الجيش السوري والإساءة إلى سمعته الوطنية وإبعاده قدر الإمكان عن تحقيق دوره الوظيفي الوطني- التاريخي في الدفاع عن البلاد وتحرير أراضيها.

ـ وأد مشروع الإصلاح الشامل والجذري إلى أمد طويل، وإضعاف وحتى كتم أفواه كل من يعمل له في المجتمع والدولة.

ـ إيصال البلاد إلى تخوم حرب أهلية، وحتى إدخالها إليها إذا تطلب الأمر ذلك، حمايةً لمصالحها الضيقة وبما يحقق في نهاية المطاف أهداف العدو الأساسي.

إن بعض النخب السياسية والاقتصادية الفاسدة في جهاز الدولة والمجتمع تتوافق مع مخططات الغرب الإمبريالي التي يتصاعد ضغطها سريعاً في الآونة الأخيرة، وهي قد انتقلت عملياً إلى مواقع الخيانة الوطنية.

إن وضع كهذا يتطلب لمواجهته أعمق تحالف، ودعماً متبادلاً بين الجيش الوطني السوري وقياداته الوطنية وبين الحركة الشعبية في البلاد، والتي تنهض سريعاً وتتعلم بشكل أسرع، وهي قادرة على التفريق بين الأخ والصديق، وبين العدو..

إن الحركة الشعبية السلمية والمتعددة الأشكال مدعوة اليوم إلى حماية ظهر الجيش ودعمه سياسياً ومعنوياً وإعلامياً.

كما أن الجيش الوطني مدعو اليوم إلى حماية الحركة الشعبية من القوى الطارئة عليها، والمتسترة بها، وكذلك من إجرام بعض أجهزة الأمن بحقها.

إن تحالفاً كهذا موعود بالانتصار الأكيد على كل الجبهات الوطنية العامة والاقتصادية- الاجتماعية والسياسية، كل المهام الكبرى المنتصبة أمام البلاد في هذه اللحظات الأخيرة.

إن الشكل الملموس لهذا التحالف سيجد طريقه الملموس إلى الوجود لأن الحياة والضرورة تطلبانه، وهو يمثل المصلحة الوطنية العليا للوصول إلى إصلاحات شاملة وليست جزئية، استباقية وليست متأخرة، صادمة وجذرية وليست سطحية.. وفي ذلك توطيد لكرامة الوطن والمواطن.