شروط تعجيزية..

بعد كلّ ما عانته البلاد من مغباتٍ رافقت الحرب العسكرية في سورية، بات التوجه نحو الحل السياسي الشامل، الكفيل بتأمين المخرج الآمن والتام من الأزمة، ضرورة تتقدم موضوعيا، وتثقل في الوقت نفسه كاهل قوى التطرف المترامية ما بين ثنائية «موالي-معارض» الوهمية.

ويبدو أن قوى التطرف هذه ما زالت تناور حتى بعد نضوج الظرف للبدء بالحل السياسي. فقد قابلت هذه القوى بعض الدعوات للجلوس على طاولة الحوار بجملة شروط تعجيزية تقطع مبدأ الحوار من جذوره، وتحول دون الوصول إليه.

الشرط الأبرز الذي تتمسك به قوى التطرف داخل النظام السوري، هو ضرورة توحيد قوى المعارضة قبل الجلوس على طاولة الحوار، وهي  الحجة التي تذرعت بها هذه القوى طوال الفترة الماضية، حجة عدم اتخاذ خطوات فعلية وجديّة لتسهيل الطريق أمام الحوار، بسبب غياب الطرف المحاوِر..

هذا يؤكد أن قوى التطرف هذه لا تريد الذهاب إلى الحوار فعلياً، بينما توافق شكلا مستفيدة من رفض صنوها الآخر في المعارضة اللاوطنية، هي توافق على ما تطرحه القوى الغربية بخصوص توحيد المعارضة، القوى الغربية التي تطمح إلى إعادة إنتاج عقلية الحزب القائد، بما يضمن استمرار منطقتنا مأزومة..

في المقابل تطالب قوى المعارضة اللاوطنية بشرط تعجيزي آخر لكي لا نصل إلى طاولة الحوار وهو رحيل الرئيس قبل بدء جلسات الحوار، علماً أنها تستطيع طرح ذلك على الطاولة..

بين هذا وذاك يشق الحل السياسي طريقه، بشكل بطيء لكنه متسارع، فإذا ما بقي هذان الطرفان متمترسين حول مواقفهما، ربما يفقدان السيطرة، ويخرجان من ساحة الفعل الحقيقي على الأرض، ربما يكون هذا قدراً موضوعياً..