ويسألونك عن الدور الروسي!

ويسألونك عن الدور الروسي!

الهدنة قائمة.. الهدنة اخترقت، وفد الرياض ينسحب.. وفد الرياض لم ينسحب، وفد الرياض يعلق حضوره، وفد الرياض لن يحضر، وفد الرياض كذا.. وكذا!

 

عصام حوج

قاطرة جنيف.. وسكة حلب

وكأنّ ما يجري في حلب، هو الذي سيحدد ما يجري في جنيف، أو سيتحكم بمصير جنيف، أو كأنّ وفد الرياض هو الذي يحدد مآلات الحل السياسي..! مأزق أصحاب هذا الوعي البائس بالأزمة السورية أنهم لم يعرفوا بعد، أو ربما يتعاموا عن حقيقة أساسية، وهي أن، الأصل في انعقاد جنيف هو ميزان القوى الدولي، وطالما أن موقع أنصار الحل يتعزز ضمن هذا الميزان، فإن خياراته هي التي ستمضي قدماً إلى الأمام. بعيداً عن التبسيط والاستسهال، وبإدراك كامل لتعقيدات المشهد، يمكن القول، أن من استطاع أن يجعل من جنيف قاطرة للحل السياسي، قادر أيضاً على جعل السكة مهيأة لسير القطار، أو على الأقل وضع ذلك بالحسبان، سواء بقي عبث العابثين في حلب أو انتقل إلى مكان آخر. يقول بسمارك عن الروس، وهو الذي يعرفهم أكثر من غيره «يبطئون حين يسرجون خيولهم، ويمتطون صهوتها بسرعه». 

2254 قرار سوري!

ربما تكون من المرات القليلة في التاريخ، أن يتقاطع قرار بإجماع دولي- وليس بمنّة من الأمريكيين وحلفائهم بل رغماً عنهم- مع مصلحة شعب ووطن بهذه الدرجة، وفي لحظة تاريخية مصيرية، كما تقاطع قرار انعقاد مؤتمر جنيف مع مصلحة الشعب السوري. ولأنه كذلك، فهو في العمق خيار سوري، قبل أن يكون خياراً دولياً، بالمعنى الموضوعي على الأقل، لاسيما، وأن أنصار القرار الفعليين على المستوى الدولي، والجهة التي دفعت باتجاهه هي قوة دولية صاعدة، قادرة على حمايته، ودفعه إلى الأمام، بما يؤدي إلى إعادة اللاعب الأساسي المغيب، أي الشعب السوري إلى الحلبة، وتمكينه من تقرير مصيره. 

«راحوا وما ودعوا»! 

مثل روسي يقال عمن يغادر مكاناً ما، ومن الممكن أن يعود في اللحظة المطلوبة.  هذا المثل ردده الروس عندما انسحب جزء من تشكيلاتهم العسكرية من سورية، قائلين بذلك، أن الأبواب كلها مغلقة أمام انتصار قوى الإرهاب، وفي الوقت نفسه، أن الأبواب مفتوحة أمام الحل السياسي، ليضع الآخرين- الآخرين كلهم- في الزاوية الحرجة، وليجمعوا بذلك بين السياسي والدبلوماسي والعسكري، في خدمة الهدف النهائي من الدخول الكلي إلى الميدان السوري. 

«المتعوس.. وخايب الرجا» 

تعرض ويتعرض الموقف الروسي منذ بداية الأزمة، إلى تشويه ممنهج. ربما يكون ذلك مفهوماً أن يجري من طرف من أطراف الصراع المسلح، أما أن يجري ذلك على لسان نخب ثقافية وإعلامية محسوبة على الطرفين، كل لغاياته، وأهدافه، ومن موقعه، وكأن الطرفين لم يجدا ضالتهما في الدخول الروسي. الأكثر بهتاناً من ذلك، هو وضع إشارة مساواة بين الموقف الأمريكي والروسي، تحت يافطة أن الطرفين قوى خارجية.. (كذا)! 

قلنا في مقال سابق «أصحاب هذا الموقف يقزمون قضية التدخل الخارجي إلى مجرد مفهوم جغرافي، على اعتبار أن كل من روسيا والولايات المتحدة دول أجنبية، في الوقت الذي كان وما زال هذا المفهوم يتعلق بالمشروع السياسي للقوى الدولية. فالتدخل الخارجي، مفهوم اقتصادي اجتماعي وسياسي، خط الفصل فيه هو موضوع السيادة الوطنية بمعناه الكامل، بما فيه الحق في اختيار النظام السياسي، واستناداً إلى خط الفصل هذا يجب أن يتحدد الموقف من أية قوة دولية أو إقليمية، بالإضافة إلى تناقض أو تقاطع موقف هذه الدولة أو تلك، مع مصالح الشعب في البلد المعني..».