القامشلي ثلاثة أيام سوداء.. دروس وعبر!

القامشلي ثلاثة أيام سوداء.. دروس وعبر!

الكلام الفصل في تقييم أي حدث سوري، أو أي موقف، ومن أية جهة كانت، في اللحظة السورية الراهنة، هو مدى تأثيره سلباً أو إيجاباً على عملية الحل السياسي الجارية على قدم وساق.

 

كان وما زال، التصعيد العسكري الجاري من القوى الفاشية مفهوماً، استناداً إلى دورها الوظيفي أصلاُ، و انطلاقاً من موقفها المعلن من عملية الحل السياسي، أما ما لا يبدو مفهوماً هو ذلك التصعيد العسكري  الذي نراه هنا وهناك، وفي مناطق لم تشهد أصلاً أعمالاً عسكرية واسعة، ومن قوى أعلنت موافقتها على الحل السياسي، واستعداها للانخراط فيه، وكنموذج على مثل هذه الحالة، كانت الأحداث التي وقعت مؤخراً في مدينة القامشلي، والتي بدأت باحتكاك بين تشكيلات عسكرية محلية تتوزع النفوذ في المدينة الحدودية، وتحديداً بين «الأسايش» من جهة، وبين مجموعات «الدفاع الوطني» من جهة أخرى، ليتطور الأمر إلى مساهمة قوى عسكرية إضافية تؤازر كل طرف، ولتطرح بالتالي على بساط البحث أسئلة، عن مدى التطابق بين القول والفعل، وعن الذهنية التي تتحكم بهذه القوى، وأصحاب القرار فيها، في اللحظة التاريخية الراهنة المحكومة بالحل السياسي، وجدية هذه القوى في هذا الحل، وفهمها له؟

سنتجنب الخوض في الإجابات التفصيلية عن هذه الأسئلة، على الرغم من مشروعيتها، وأهميتها، ونحاول مقاربة ما هو أهم  ضمن شرط الحل السياسي، وهي، الدروس والعبر، التي يمكن أخذها مما حدث في القامشلي؟

الدرس الأول

:عدم استعداد القاعدة الشعبية لتلك القوى كلها، للدخول في أية مواجهات عبثية من هذا النوع، بدلالة المزاج الشعبي العام الرافض للتصعيد، والذي تجلى بوضوح لكل من تابع المواقف خلال الأيام الثلاثة السوداء في المدينة، لاسيما وأن محاولات مشبوهة، أرادت أن تعطيها بعداً قومياً، عربياً– كردياً، في حين أن الحالة الشعبية، شهدت حالة تلاحم فاجأت حتى أكثر المتفائلين، ولعبت دوراً مباشراً في لجم وإيقاف أصحاب الرؤوس الحامية على طرفي المواجهة، مما يؤكد مرة أخرى، أن الوعي الشعبي يتجاوز وعي بعض القوى السياسية، التي تحاول تأمين شيء من الاستقطاب حولها في مثل هذه الظروف.

الدرس الثاني

تحدثت العديد من المصادر، عن دور روسي وإيراني، في الوصول إلى هدنة، في حين نسبت مصادر أخرى الهدنة إلى جهود فعاليات اجتماعية، وسياسية، وبغض النظر عن الجهة،  فإن كلتي الحالتين تعنيان، أن وجود طرف حيادي وجدي، يدفع باتجاه الحل، من شأنه أن يكسر حالة اللاثقة بين الأطراف السورية، ويفتح الطريق على الهدن والحلول.

 الدرس الثالث

ن كل محاولة تصعيد وتفجير في اللحظة الراهنة، وبغض النظر عن النوايا المباشرة لأطراف الصراع أحياناً، فإنه قبل كل شيء، يؤدي إلى خلط الأوراق ، وعرقلة الحل السياسي، ولأن أعداء الحل السياسي، يوجدون في الخنادق كلها، في النظام والمعارضة، وما بينهما، وفي الجوار الإقليمي- التركي- بالدرجة الأولى، وليس عبثاً، كما نعتقد، الهدوء الذي ساد في مدينة نصيبين، خلال الأيام الثلاثة، وهي التي كانت تشهد توتراً عسكرياً متصاعداً منذ ما يقارب الشهر، ليعود التصعيد إلى حاله فور تهدئة الأوضاع بالقامشلي، وعليه، فإن ما يجب أخذه بالحسبان هو أن هذه القوى ستستمر في محاولاتها البائسة، في تفجير صراعات عبثية، وستحاول إحداث تراكم للوصول إلى ذلك من خلال تكرار أحداث على شاكلة ما حدث، بغية تأمين الأرضية لهذه الصراعات، وبالتالي، فإن الحذر يبقى ضرورياً، بالنسبة لأنصار الحل السياسي كلهم، وخصوصاً الفعاليات المحلية التي ساهمت بالوصول إلى هدنة، وحلفاء الشعب السوري، وعموم أبناء محافظة الحسكة

 

 26 نيسان 2016