د. جميل: بعض المعارضين الذين يريدون (إسقاط النظام) لا يريدون تغييره!

د. جميل: بعض المعارضين الذين يريدون (إسقاط النظام) لا يريدون تغييره!

أجرت قناة «برافدا» الناطقة بالروسية في موسكو يوم الاثنين 7/9/2015 لقاءً تلفزيونياً مع د.قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، تناول تطورات المشهد السياسي السوري والجهود المبذولة لتسريع إطلاق الحل السياسي للأزمة السورية، وهنا تنشر «قاسيون» بعضاً من النقاط التي تطرق لها الحوار، علماً بأن النص الكامل له منشور على موقعها الإلكتروني kassioun.org..

حول لقاءات «موسكو»

حول ما أنجزه لقاءا موسكو الأول والثاني والصعوبات التي اعترضتهما قال د.جميل: «يمكنني القول أن الأمر كان صعباً للغاية، اللقاء الأول كان الأول من نوعه تاريخياً، وبالمعنى الحرفي للكلمة بين المعارضة والنظام، ولم نتمكن من التوصل للكثير خلاله، ولذلك يمكن القول إنه كان لقاء تعارف، وهذا جيد لأنه لم يحدث من قبل. أما في اللقاء الثاني فقد أضعنا الكثير من الوقت في مناقشة عدد من المواضيع، وفي نهاية المطاف استطعنا التوصل إلى الحد الأدنى من الاتفاق، من خلال وثيقة سياسية أجمع عليها المشاركون كلهم ويلتزم من خلالها الجميع ببيان جنيف 2012 وذلك هام جداً، ومن ثم الذهاب إلى جنيف3». وأضاف: «إن ما توصلنا إليه في الجولة الأولى والثانية هو أنّ النظام ولأول مرة أقر ببيان «جنيف-1»، ووافق على المضي قدماً نحو «جنيف-3».

«موسكو-3» في خدمة «جنيف-3»!

وفي إجابته عما إذا كانت لقاءات موسكو التشاورية مفيدة فعلاً، قال جميل: «مفيدة جداً. معيار النجاح تحدده الوقائع على الأرض، أليس كذلك؟ الجميع الآن يتحدثون عن جنيف3 وباعتقادي يعود فضل كبير بذلك للقاءات موسكو1 وموسكو2 ولولا ذلك لما كان بمقدورنا أن نكسر حالة الاستعصاء في جنيف2 والمضي قدماً نحو مؤتمر جنيف3 والتحضير الجاد والفاعل له. الآن لنعد للحديث حول موسكو3، البعض في النظام والمعارضة متحمس لموسكو3. أنا شخصياً لست ضد موسكو3. ولكن يجب أن يكون لهذا اللقاء دور وظيفي. الدور الوظيفي لموسكو1و2 مفهوم ولكن إذا بدأنا بالتحضير لجنيف3 فلماذا علينا الذهاب لموسكو3؟ لتأجيل جنيف3؟! نحن في غنى عن ذلك، لكن إذا ما واجهتنا عقبات فيمكننا أن نفكر بالموضوع وقد تحدثنا عن ذلك مع السيد لافروف خلال لقاء وفد لجنة متابعة نداء موسكو معه، واتفقنا على أن موقفنا من موسكو3 سيكون نوعاً من البراغماتية السليمة. إذا كان من المفيد عقد اللقاء، فأهلاً وسهلاً أما إذا كان اللقاء عائقاً أو عامل تأجيل لجنيف3،  في حال كان العمل على التحضير له يسير على قدم وساق فلا. ولكن لا يمكن الآن الحديث عن ذلك بشكل حاسم يجب علينا أن نتأنى وأن نتابع الأحداث وتطورها وأن نتخذ القرار الملموس في الظرف الملموس».

«انتخابات استثنائية»؟

وفيما إذا كان هنالك احتمال إجراء انتخابات استثنائية قريباً قال جميل: «في الحقيقة لا يمكنني فهم ذلك إذا كان قد تبقى للانتخابات تسعة أشهر فما معنى أن تجري انتخابات استثنائية؟ً! وإذا كان الاتفاق بين النظام والمعارضة حول الانتخابات سيأخذ حوالي شهرين أو ثلاثة، والتحضير للانتخابات كذلك يتطلب شهرين أو ثلاثة.. بالتالي سيكون لدينا انتخابات قبل أوانها بثلاثة أشهر. هل يستحق هذا الحديث عن «انتخابات مبكرة». في ذلك الوقت كانت هناك خلافات عديدة، وكنت قد هددت بأني سأخرج من لجنة الدستور لأنه تم رفض المقترح الذي طرحته حول إعطاء البرلمان حق منح الثقة للحكومة، وبالمناسبة الدستور السوري بحلته الجديدة هو أحد الدساتير القليلة في العالم الذي لا يعطي للبرلمان الحق بمنح الثقة للحكومة، لكنه يعطيه الحق بحجب الثقة! وفيما بعد، عند تشكيل الحكومة فإنها تتلو بيانها الوزاري وتمضي للعمل! بينما لا يملك البرلمان أية حقوق بخصوص تشكيلها، حينها قلت لهم: هذا غير معقول إذا كنتم تعطون للبرلمان حق سحب الثقة فكيف يمكنكم حرمانه من حقه بمنح الثقة؟ فكان جوابهم بأن دعونا نسوي الأمر هكذا. وقالوا حينذاك أنه بعد سنة ونصف سنعود لهذه المسألة ونعيد التقييم لأننا نخشى أنه إذا أجريت الانتخابات ألا تكون الأغلبية في أيدينا وقد تكون في يد القوى الرجعية لذلك لا نريد إعطاءهم حق تشكيل حكومة.. فأجبتهم أنه إذا حصلت القوى الرجعية على أغلبية فهذا سوف يعني أن هناك خللاً ما.. دعونا نفكر في حلول أخرى حتى نتجنب المسألة الفاضحة.. واقترحت حينها أن يناقش برنامج الحكومة على شاشة التلفزيون أمام كمرات التلفزة وإذا رفض البرلمان البيان الوزاري فإن الرئيس يسمي رئيس وزراء جديد، وكذلك تتم المناقشة بشكل علني. وإذا فشل الأمر للمرة الثانية يتم حل البرلمان. هذه العملية على مدى شهرين من الزمن ويتم تحديد موعد لإجراء انتخابات برلمانية جديدة.. وقلت أنه إذا لم نتمكن خلال مناقشات علنية على مدى شهرين أن نصل للشعب ونوضح الصالح من الطالح فذلك سيدل على أن المشكلة فينا نحن، لأننا لسنا قادرين على إقناع الناس أن يقفوا إلى جانبنا، ولا يجوز أن نؤسس برلماناً بلا صلاحيات، لأنه كما أثبتت التجربة ذلك كان أحد أسباب الأزمة... القنوات التي كان يجب أن توصل شكاوى الشعب للقيادة السياسية كانت مقطوعة، برلمان مثل هذا لا يستطيع نقل الصورة لأنه لا يتم انتخابه بشكل طبيعي، وإنما يختاره جهاز الدولة أو المال، لذلك هو ليس برلماناً حقيقياً، بينما المطلوب برلمان حقيقي يعكس مزاج الشعب فعلياً، وبدون هذا البرلمان لا يمكن لمؤسسات الدولة أن تعمل ولن تستطيع القيادة قياس ضغط الشارع وحرارة الناس وحالتهم».

عن المهجرين وأزمات اللجوء

وفي إجابته عن سؤال حول تفاقم مسألة اللجوء والهجرة وتطوراتها الأخيرة، قال جميل: «أعتقد أنه يجب تقييم المسألة بشكل عقلاني، البارحة فقط علمت أن الجيش التركي ينقل اللاجئين السوريين إلى البحر من المخيمات، هذا أولاً. ومعنى ذلك أنه يتم بشكل متعمد إفراغ سورية من السكان بالقوة، أما ثانياً: يجري استحداث أداة لزعزعة الاستقرار في أوربا ذاتها، ثالثاً: يتم منح مجال استراتيجي لداعش، لذا باعتقادي فإن المخطط إجرامي جداً. أما فيما يتعلق باللاجئين، كان قد مرَّ ثلاثة أعوام عليهم وهم في المخيمات ولم يحرك أحد ساكناً من أجلهم، وهذه مأساة كبيرة طبعاً، لكن باعتقادي يتم استخدامها في المخططات الجيوستراتيجية الأمريكية، مرة أخرى. والمحصلة هي أنه من الضروري حل الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن عبر الحل السياسي. هل تعتقد أن الناس الذين يهربون هم مع المعارضة أو مع النظام؟ إن هذه التصنيفات خارج تفكير الناس. الآن جل ما يريدونه هو النجاة».

عن رواد «الخمس نجوم»

وفي سؤال عن مصير الشخصيات العديدة التي كانت داخل النظام أو محسوبة عليه وانتقلت إلى صفوف المعارضة من بوابة فنادق النجوم الخمس والارتهان للخارج، قال جميل: «أولاً، لماذا هرب بعض هؤلاء؟ لأنهم اختلفوا على تقاسم الكعكة، بعض اللصوص هرب، والبعض الآخر بقي في البلد. وبالمناسبة الشعب السوري الآن يعاني من اللصوص الذين مازالوا داخل البلد والذين يستمرون في نهبه، وهناك موجة استياء كبيرة جداً في سورية من جراء النقص في المواد الأساسية كلها. وفي الوقت ذاته يرى الناس كيف تغتني نخبة ضيقة على حسابهم، وذلك في المناطق التي يسيطر عليها النظام.. موجة كبيرة جداً من الاستياء. الفساد هو طريقة في إعادة توزيع الدخل الوطني، لكنه توزيع غير قانوني. وكان يجري بحكم الأمر الواقع. أما بعض المدراء أو الوزراء وحتى العسكريين الذين تركوا البلد، فكانوا يعتقدون أن حصتهم كانت يجب أن تكون أكبر أو أنه تم تهميشهم. أي أن النزاع كان على مسألة من يجب أن ينتزع الحصة الأكبر. وبعض المعارضين الذين يريدون إسقاط النظام لا يريدون تغييره، بل يريدون تبديل رأس الهرم فقط، كي يستمر سير الأمور على المنوال نفسه. هذا ما يميزنا عن غيرنا من المعارضين. نحن نريد تغيير النظام من جذره اقتصادياً سياسياً واجتماعياً، فيما يكمن خلافنا مع المعارضين الذين يقولون نحن نريد أن يرحل الرئيس بشار الأسد أولاً. نحن نقول أن المشكلة الحقيقية تكمن في النظام الاقتصادي الاجتماعي السياسي، عندما نخلق نظاماً جديداً مسألة الرئاسة ستكون مسألةً تفصيلية وغير أساسية».